كيم ورثي ليست ضحية أحد. ولكن الاغتصاب الذي تعرضت له المدعية العامة فـي مقاطعة وين منذ أكثر من ثلاثة عقود مضت، منحها اتصالاً عاطفـياً مع الضحايا بطرق مازالت عصية على فهم حتى بعض أعضاء النيابة العامة.
كطالبة جامعية سنة أولى فـي جامعة «نوتردام» فـي كلية الحقوق، كانت ورثي على وشك الإنتهاء من الامتحانات النهائية، عندما قررت تخفـيف الضغط عن نفسها عن طريق ممارسة الركض على طول الطريق خلف مبنى سكنها.
«كنت عدَّاءة»، قالت ورثي فـي مقابلة صحفـية نشرتها صحيفة «فري برس» الأسبوع الماضي، مضيفةً «كنت فـي ذلك الوقت اركض مسافة ٥ كيلومترات، وكان هناك مسار للعدائين وراء المبنى الذي كنت اسكنه، وكنت استغل المسار بالركض هناك فـي كل الأوقات. وبينما كنت على وشك الإنتهاء من امتحانات كلية الحقوق المرهقة للغاية، خرجت لكي امارس رياضة الركض. وعادةً كنت لا أركض فـي ذلك الوقت من الصباح المبكر، أي حوالي الواحدة أو الإثنين صباحاً. لكني ما إنْ قطعت مسافة لفترة من الوقت، حتى قام أحدهم بإمساكي فجأة من الخلف ووضع حبلاً أو سلسلة حول عنقي».
بعد ذلك لا تتذكر كيم نفسها إلا وهي فـي المستشفى. لكنها تذكر والدها وهو يقود سيارته من ديترويت لرؤيتها. كما تتذكر أنّ مسؤولي كلية الحقوق كانوا داعمين لها للغاية.
كذلك تتذكر خيارها النهائي تماماً بعدم الإبلاغ عن تعرضهاللاغتصاب.
وعن ذلك أفصحت ورثي «لقد اتخذتُ قراراً واعياً فأنا اعتبرت أنني إذا أبلغت (الشرطة) وألقي القبض على الشخص الجاني، فإنَّ مهنتي ودراستي فـي كلية الحقوق ستتعرض لإنتكاسة او نهاية. كنت أعتقد أنني سوف أتعرض للنبذ، ولن أصبح قادرة بالتركيز على دراستي. الآن أنا أدرك مدى السذاجة تلك. إنه قرار ندمت عليه اليوم ويؤسفني كثيراً لأنه ربما فعل ذلك (المغتصِب) من قبل. وربما كان المغتصب تسلسلياً».
لقد كنت دائماً داعمة جداً ومصممة على تحقيق العدالة لأي نوع من الضحايا، وبشكل خاص ضحايا الاعتداءات الظلامية والإعتداء على الأطفال والإعتداء الجنسي. الأزمنة إختلفت. لم أكن أعرف حتى ما هو ملف أدلة الاغتصاب فـي كلية الحقوق. لم أكن أعرف ما يحوي ملف الأدلة عندما تعرضت للإغتصاب. ولا أحد طلب مني أن اخذ ملفاً واحداً.
أدلة الإغتصاب، تلك التي تتضمن فحوصات طبية للحصول على أدلة وتستغرق ساعات طويلة، هي فـي قلب تحقيقات الإعتداء الجنسي. وتحدثت ورثي حول قضيتها كجزء من الإعلان عن مبادرة فريدة من نوعها وعن حاجة ماسة لزيادة الأموال العامة لمعالجة الأدلة المرمية فـي المقاطعة. وفـي حال نجاحها، فإنه يمكن أن تتغير ديناميات السلامة العامة فـي مدن مثل ديترويت حيث الشركات والمؤسسات لديها الكثير لتكسبه من خلال خفض نسب الجريمة.
وانضم الى مكتب المدعي العام فـي مقاطعة وين، مؤسسة «المرأة فـي ميشيغن» و«مفوضية الجريمة فـي ديترويت» من أجل جمع ١٠ ملايين دولار لمعالجة أدلة الاغتصاب، وكثير منها يقبع فـي المستودعات منذ سنوات، وذلك باستخدام التبرعات الخاصة من الشركات والمؤسسات والأشخاص الذين يهمهم الأمر. قبل خمس سنوات، اكتشف مكتب ورثي ١١ ألف أدلة إغتصاب لم تجر الإجراءات اللازمة عليها، مرمية فـي وحدة التخزين التابعة لشرطة ديترويت. لكن العذر كان أقبح من الذنب حيث كان التفسير كالآتي: رفضت المقاطعة تمويل معالجة جميع الملفات والأدلة ، وبالتالي فإنها تركت أكثر من ١٠٠٠٠ من الضحايا المغدورين فـي طي النسيان.
المشكلة ليست مجرد مشكلة ميشيغن فحسب. وطنياً، تقبع داخل البلديات أكثر من ٤٠٠ الف أدلة اغتصاب لم تختبر بعد، أي ٤٠٠ ألف من الصفعات الموجهة إلى وجه الضحايا الذين قد تكون هذه الأدلة أكبر مفتاح بالنسبة لهم للوصول إلى الجناة المعتدين.
وحققت ميشيغن بعض التقدم حيث وقع حاكم الولاية ريك سنايدر قانوناً جديداً الصيف الماضي يتطلب القيام باختبار الأدلة فـي الوقت المبكر والمناسب. ولكن الدعم المبدع الذي قدمه القادة الخيريون لاستكمال الدعم الحكومي، هو النقطة الحاسمة التي أحدثت الفرق فـي تسريع عجلة العدالة.
وقالت ورثي انها تعمل نيابة عن الضحايا الذين لديهم الشجاعة لملاحقة المعتدين. وأضافت «انها شجاعة خالصة لدى الضحية أنْ تتحمل من أربعة إلى ١٠ ساعات هي مدة عملية جمع أدلة الاغتصاب عندما يتم انتهاك أحدٍ ما». ووصفت عملية جمع الأدلة بالانتهاك الثاني. واستطردت «هذه إشارة إلى الغرض. لذلك نحن مدينون لهم، ونظام العدالة مدين لهم، لاستخدام تلك الأدلة التي اخذناها منهم. وهم عندما يجلسون على الرف ولا أحد يفعل لهم أي شيء، يكون مثل أخذ آلة حادة وغرزها فـي الجرح . أنا لا أعرف كيف يمكن أن يدير أي شخص ظهره لهذا». المحافظ الجديد لمقاطعة وين، ورن أفـينز، هو بالتأكيد ليس من الذين يديرون ظهورهم حيث أعلن انه يسعى لضمان حصول مكتب المدعي العام فـي المقاطعة على المزيد من الأموال، بطريقة أو بأخرى.
واضاف «انها ليست قضية دولار وسنت بقدر
عتبارها واجباً أخلاقياً لفعل الشيء الصحيح. المقاطعة هي بالتأكيد مديونة مالياً لذلك فمن الصعب جداً بالنسبة لي أن أقول كم من المال أنا قادر على إعطائه لمكتب المدعي العام… ولكن معركة كيم ورثي هي معركتي، وأنا سأعمل جاهداً على زيادة التمويل لها ولكن الحقيقة هي أني سأحاول
مساعدتها بالمنح والشراكات الإضافـية بين القطاعين الخاص والعام».
وخلص أفـينز إلى القول «لا أعتقد أن هناك أي شيء أكثر أهمية لدى الحكومة من حماية شعبها حتى لو كان ذلك يعني أن بعض الناس سيفقدون بعض مواردهم. التزامي هو لمساعدة مكتب الادِّعاء وخصوصا فـيما يتعلق بأدلة الاغتصاب وتحسين السلامة العامة، والتي هي أكبر عائق أمام النمو فـي المدينة والمقاطعة».
هذا هو نوع التعاون والقيادة المسؤولة التي يجب تعميمها على جميع المسؤولين المنتخبين فـي منطقة ديترويت لضمان عدم وجود عدد ولو قليل فقط من الضحايا من أي نوع كانوا.
بقلم: رايلي روشيل – ديترويت فري برس
Leave a Reply