علي حرب
بلغ سعر برميل النفط الخام ١١٥ دولاراً فـي شهر حزيران (يونيو) الماضي. ولكن بعد سبعة أشهر فقط من ذلك التاريخ، هبط سعره ليصل فـي الأيام القليلة الماضية الى دون ٥٠ دولاراً. التراجع الحاد فـي الأسعار زفَّ بُشرى سارة إلى الدول المستهلكة للنفط مثل الصين والولايات المتحدة واوروبا ولكنه بشَّر بالمعاناة الاقتصادية للدول التي تعتمد على المبيعات النفطية، بما فـي ذلك روسيا وإيران. فمصائب قومٍ عند قومٍ فوائد!
ولكن بغض النظر عن السياسة، فالزبائن المستهلِكون للنفط واقعون فـي غرام الأسعار الجديدة، كما أنَّ أصحاب محطات البنزين فـي المنطقة ينظرون عموما للأمر بشكل إيجابي.
وفـي هذا الصدد، أشار علي جواد، رئيس شركة «أرمادا للنفط والبنزين»، إلى «أنَّ انخفاض الطلب وزيادة الإنتاج دفعت أسعار النفط نحو الهبوط». وأضاف «أن زيادة انتاج النفط فـي جميع أنحاء العالم قد تكون خطوة متعمدة لدول معينة للضغط سياسياً على الدول التي تعتمد فـي دخلها على صادرات النفط».
وأردف جواد أن انخفاض أسعار النفط يعود بالنفع على الاقتصاد.بحيث أنَّ المستهلكين سينفقون ما أدخروه على الوقود، على أمور أخرى، وهو أمر جيد بالنسبة للشركات المحلية وعجلة الاقتصاد بشكل عام. فـي عام ٢٠٠٨ عندما كان سعر الغالون الواحد للبنزين ٤،٥٠ دولاراً، كان الوضع الإقتصادي سيئاً للغاية.
واستطرد جواد «أن الناس لا يشعرون بالأمان بعد بتأثير انخفاض الأسعار، لأنَّهم يخشون أنْ ترتفع الاسعار الحالية بسرعة». غير ان جواد توقع أن تبقى الأسعار ما دون ٣ دولارات للغالون الواحد لبضع سنوات، بالنظر إلى وفرة من النفط فـي العالم.
وتابع «توقعاتي هي أن السعر سوف يتارجح بين ٢،٢٥ و ٢،٧٥ (لكل غالون) للسنوات الأربع المقبلة، وأعتقد أنه سيبقى تحت سقف الدولارين فـي الأشهر القليلة المقبلة. كما أتوقع أن تكون هناك ضرائب أكثر من الحكومة الفـيدرالية وحكومات الولايات على البنزين لأن أسعاره منخفضة بحيث يمكن للحكومة أن تجبي الضرائب من دون إغضاب المستهلكين».
وقال جواد إنَّ سعر البنزين المتدني هو «أمرٌ جيد حقاً لمحطات البنزين وسيقوم الزبائن بشراء المزيد من البنزين وانفاق المزيد من الاموال داخل محلات (محطات البنزين)».
ولكن وفقاً لجواد، فإنَّ المنافسة بين محطات البنزين تقود الأسعار إلى مزيد من التدهور بشكلٍ يضر أصحاب المحطات. وقال «أتمنى أنْ يرتقي اصحاب محطات الوقود فـي منطقتنا هنا إلى مستوى الحدث ويستفـيدوا من هذا الانخفاض فـي الأسعار بدلاً من أنْ تتنافس محطات البنزين على النيكل (٥ قروش) والدايم (١٠ قروش) وما فتئت تفتك بأعمال بعضها البعض منذ ١٥ عاماً».
نضال داود، الذي يمتلك معرضاً لبيع السيارات ومحطة وقود فـي مدينة ديترويت، ردد صدى كلام رجل الأعمال علي جواد وأكد أن المنافسة بين أصحاب محطات البنزين تقلِّص فوائد انخفاض أسعار النفط.
واضاف «اشترينا ١٠٠٠٠ غالون بسعر عالٍ، ونحن الآن لا يمكننا بيع البنزين بأقل من دولارين للغالون. محطات البنزين حولنا تبيع بأسعار متدنية تصل إلى ١،٧٥ للغالون. هذه المنافسة غير العادلة تضر بنا حقاً».
أما بالنسبة لشركته لبيع السيارات، فقال داود عادة ما تؤدي أسعار البنزين المنخفضة لارتفاع الطلب على السيارات الكبيرة.«وإذا بقيت الأسعار بهذه الطريقة، سوف يساعدنا هذا كثيراً، خصوصاً فـي عملية بيع الشاحنات والمركبات ذات ٨ سيلاندر».
غير أنَّ داود أقر بأن الانخفاض فـي أسعار البنزين لم يؤثر فـي تجارة بيع السيارات حتى الآن. وأوضح بأنَّ «الزبائن يسألون عن السيارات الكبيرة، ولكن المستهلكين لا يزالون حذرين. إنهم لا يريدون شراء الشاحنات فـيصلوا الى حائط مسدود إذا ارتفعت أسعار النفط مرة أخرى».
وكان الرئيس أوباما قد حذَّر فـي الأسبوع الماضي، خلال زيارته الأخيرة الى منطقة ديترويت من أن انخفاض أسعار النفط لن يدوم إلى أجل غير مسمى، داعياً لتعزيز السيارات المقتصدة فـي استهلاك الوقود. وقال «أنصح
بشدة المستهلكين الأميركيين على مواصلة التفكير فـي كيفـية القيام بتوفـير المال لأنه أمر جيد بالنسبة للبيئة ولميزانية الأسرة. وإذا عدتم إلى العادات القديمة وفجأة ارتفع
سعر البنزين إلى ٣،٥٠ دولاراً للغالون، فحتماً لن تكونوا سعداء».
من جهته ذكر محمد فواز، صاحب محطة وقود فـي ديترويت، أنَّ انخفاض الأسعار يزيد من حجم المبيعات ولكنه يقلَّص السيولة النقدية لأصحاب الأعمال. وأردف «إذا كان لديك مخزون البنزين بقيمة ٤٥٠٠٠ دولار، وتنخفض الأسعار فجأةً، تصبح قيمة المخزون أقل، ولكن انخفاض الأسعار يعني رسوماً أقل وضريبة أقل على المبيعات، لذلك يعتبر كل هذا شيئاً جيداً للأعمال التجارية».
وأضاف أن محطات الوقود تؤيد استقرار الأسعار «فنحن لا نريد للأسعار أن تتقلب. نريد لها أن تكون ثابتة. وكون البنزين أرخص لا يعني بالضرورة أن الزبائن سوف ينفقون مالاً أقل فـي محطات البنزين وأكثر داخل المحل. كثير من الزبائن لا يهتمون بالأسعار».
وتابع «اذا كانوا عادة ما ينفقون ٢٠ دولاراً على البنزين، فهم سوف يستمرون فـي صرف العشرين دولاراً. وهذا يعني أنهم فقط سيحصلون على المزيد من الغالونات».
واشتكى فواز بدوره أيضاً من المنافسة وقال «هرعت بعض محطات الوقود لإنزال أسعارها بشكل كبير بعد انخفاض أسعار النفط. بعض اصحاب المحطات يريدون التعادل فـي الربح على البنزين والتعويض بالربح فـي المتجر. هذه الاستراتيجية خاسرة وتضر على المدى البعيد. وينبغي أن نجبي بعض الارباح من مبيعات البنزين، وخاصة ان الإستثمار فـي بناء المحطات ليس أمراً سهلاً بل مكلفاً.
أضف الى ذلك نفقات التأمين لدينا فهي عالية جداً بالإضافة إلى الرسوم الأخرى والصيانة وكلفة التخزين».
وفـيما يحمل أصحاب محطات البنزين بعض التحفظات على الأسعار الجديدة، إلا أنَّ المستهلكين، كلهم، سعداء بالبنزين الرخيص. العديد من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي أرسلوا صوراً عن الأسعار المتدنية التي دفعوها فـي محطات التعبئة بعد ملء خزانات بنزين سياراتهم.
«لا يمكنك إلا أنْ تُسعد بأن تملأ خزان وقود سيارتك بعشرين دولاراً فقط»، قال علي حمادة الذي كان قد ضخ البنزين فـي محطة للوقود فـي شارع غرينفـيلد بديربورن «كانت تبيع الغالون بسعر ١.٦٨ دولار. وفـي هذه المحطة نفسها قبل بضعة أشهر كان السعر ضعف ما هو عليه الآن».
مات ريموند، من سكان ديربورن، وصف انخفاض أسعار النفط بـ«الإغاثة». وأوضح «أنا أعتقد أنه ليس من العدل أن لا يربح العديد من أصحاب المحطات إلا النزر اليسير أو لا شيئ على الإطلاق من بيع البنزين. ولكن ليس لدي
حل جيد لمشكلة كيفـية تحقيق التوازن بين أسعار النفط العالمية».
Leave a Reply