فاطمة الزين هاشم
هذه العبارة أصبحت كالخبز اليومي عند بعض الأزواج، دون أن يقدروا خطورتها ووقعها السيء على الزوجة والأولاد، عندما يسمعوا والدهم يتلفظ بها، لكن الزوجات أصبح لديهن إدمان على سماعها وخاصة ممن هن من مذهب معين حسب معلوماتي المتواضعة، إن الطلاق لا يقع إلا إذا وقع الزوج والزوجة أمام رجل الدين بعكس المذاهب الثانية حيث يقع الطلاق مباشرة إذا تلفظ به الزوج، هنا الطرف الأول يأخذ راحته وتصبح هذه الكلمة «فشة خلق»، إذا تأخرت الزوجة من وضع الطعام على الطاولة أنت طالق وإذا خرج ووجد إطار سيارته خالي من الهواء صرخ من الباب أنت طالق، وإذا دخل الحمام وعنده إمساك أنت طالق وإذا إلخ إلخ … وما على الزوجة إلا أن تتحمل وتندب حظها العاثر الذي رماها مع هذا المخلوق العجيب.
إحدى الزوجات أحبت أن تعطي زوجها درساً لن ينساه، حيث ذهبت لإحدى صديقاتها وعرضت عليها المشكلة علها تجد لها حلاً مع هذا الزوج المستهتر بعد أن أخذ يشيع بين الناس انه طلقها لغاية فـي نفسه يعرفها هو. أثناء وجودها فـي منزل الصديقة حضر أخوها فما كان منها إلا أن عرضت عليها أن يقوم الأخ بدور العريس المتقدم لخطبتها خاصة وإن ليس هناك معرفة سابقة بين الزوج والعريس المفترض، وافقت الزوجة على أمل أن تدب الغيرة بقلب الزوج عندما يعرف أنها ستتركه وتصبح لغيره، عله يغير من معاملته السيئة لها، عادت إلى المنزل بعد أن اتفق الجميع على تنفـيذ الخطة، لكن وقع ما لم يكن فـي الحسبان وجدت الزوج بحالة هياج وغضب لأنه عاد مبكراً على غير عادته ولم يجدها، حلل الطعام فـي الأرض، الصحون مكسرة، محتويات البيت مبعثرة هنا وهناك، حتى خُيل إليها أن هزة أرضية حصلت فـي غيابها وحطمت كل شيء، ما أن وقعت عليها عيناه حتى إنهال بالشتائم والكلام القاسي، حتى أن قالب الكيك الذي صنعته للعائلة لون به وجهها وهو يردد أنت طالق لعدة مرات.
نظرت إليه قائلة إن كنت جاداً فـي الطلاق إذهب إلى الشيخ وطلقني، لم يكذب خبراً خرج من المنزل ونفذ ما أراده لأنه يعلم أنها تحبه ولن تتخلى عنه مهما حصل، لكنه نسي أن الإهانة والضرب والشتم كفـيل أن يقتل كل شيء جميل فـي قلبها ويحطم كل أسوار السعادة ويهدم ركائز الإستقرار النفسي عندها، طلب منها أن تأخد أولادها وتخرج من بيته، لكنها كانت أذكى منه وقعت على الطلاق وأخذت الورقة معها بعد أن تركته مع أولاده يتخبطون فـي المجهول. كان همها الوحيد أن تتخلص من هذا الجحيم المميت وتستعيد إنسانيتها وتعود للحياة الطبيعية التي أوشكت على نسيانها فـي هذا الجو المشحون.
تكررت زيارتها لصديقتها لتملأ الفراغ الذي نجم عن طلاقها، لكن الحظ هذه المرة وقف بجانبها ليعوضها عن العذاب والسنين التي ضاعت من عمرها دون أن تستمتع بها. عرضت عليها الصديقة أن تتزوج من أخيها الذي كان من المفترض أنه عريس «الإنقاذ» لكن هذه المرة حقيقة. راقت لها الفكرة لأن العريس ثري ومن عائلة مشهود لها بالأخلاق الحميدة، علاوة على أنه يمتاز بشخصية جذابة ودماثة فـي الخلق وكرم لم تره فـي الزيجة الأولى.
عرض الموضوع على العريس فوافق على الفور، هنا علم الزوج بهذا الخبر وجن جنونه وأخذ يلاحقها فـي كل مكان عله يثنيها عن هذا القرار وتعود إليه بعد أن صرح لها بأن الندم يحاوطه من كل ميل ويعدها بأنه سيسعى لإسعادها بكل الوسائل ولم تزل هي الحبيبة الوحيدة له، ولا يستطيع الإستغناء عنها، ونسي صاحبنا ما فعله بها وتخليه عنها بورقة الطلاق. لم تنطل حيلته عليها ولم تخدع بكلامه المعسول لأن تجربتها معه تثبت عدم صدقه وتؤكد مراوغته وغيرته التي أخذت تشتعل فـي داخله. لم تعدل عن قرارها واتفقت مع العريس على أن يكون حفل الزواج فـي
مكان بعيد كي لا يفسد عليها قيس الملوح فرحتها، خاصة وإنها ستسافر بعد الزواج مباشرة إلى مقر عمل الزوج الجديد.
بحث عنها فـي كل مكان عله يجد لها أثراً لكن الخيبة كانت تلازمه فـي كل مرة وشعر أنه «شرب المقلب» الذي هو من صنع يديه وخسر الزوجة الوفـية الصالحة التي تحملت منه الكثير. إذاً إياكم وكلمة طالق أيها الرجال كي لا تلقون المصير نفسه لأن كيدهن عظيم.
Leave a Reply