قيام اسرائيل بعملية اغتيال لخمسة من مقاتلي «حزب الله» وجنرال إيراني على الجانب السوري من مرتفعات الجولان يوم الأحد ١٨ كانون الثاني (يناير)، هو انتهاك صارخ من قبل الدولة الصهيونية لجملة من المعاهدات الدولية، هذا الخرق الذي قد يؤدي إلى قرع طبول الحرب فـي المنطقة التي تعاني منذ سنين من العنف والفوضى.
وكان الإعتداء الإسرائيلي متعمداً وبلا مبرر ولا مسوِّغ له واستفزازاً أخرق، خصوصاً حصوله بعد أيام من كلام أمين عام «حزب الله» السيِّد حسن نصر الله الذي حذر فـيه إسرائيل من مغبّة مهاجمة سوريا ولبنان.
«إعتداء القنيطرة» هو ايضاً محاولة واضحة لنزف المزيد من الدم وإلحاق المزيد من الدمار ودفع المنطقة الى مستوى جديد من التوتر وعدم الإستقرار. لا أحد يستفـيد من حروب إقليمية مضافة تضر جميع الأطراف، بما فـيها إسرائيل. ولكن رئيس الوزراء اليميني الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على استعداد للتضحية بالسلام فـي بلاده والمنطقة من أجل أجندته السياسية وبقائه فـي السلطة. نتنياهو يحاول عبثاً تعطيل المحادثات النووية الإيرانية مع القوى العالمية وبالأخص مع الولايات المتحدة الأميركية وإشعال فتيل الحرب فـي المنطقة، حرب يخدم هذا الغرض الذي لن يؤدي إلا إلى زهق الأرواح وإحلال الخراب ومزيد من الدمار.
وفـي آذار المقبل، ينوي نتنياهو القدوم الى واشنطن متجاوزاً الرئيس الأميركي والبروتوكول ليلقي خطاباً أمام الكونغرس الأميركي الذي له فـيه شعبية هائلة أكثر من رئيس أميركا نفسه، لإقناع المشرعين الأميركيين (الذين هم مقتنعين أصلاً) بفرض المزيد من العقوبات على الجمهورية الإسلامية لتخريب جهود الرئيس أوباما فـي المفاوضات. ومن شأن الحرب الإسرائيلية مع «حزب الله» وربما ايران وسوريا أنْ تهدد المفاوضات بل تنسفها من الأساس لتعيد التوتر والتخويف والابتزاز ضد طهران.
الإعتداء الإسرائيلي على القنيطرة غير قانوني وليس له مبرر ويعدُّخرقاً للإتفاق الدولي عام ١٩٧٤ حول فضّ الإشتباك بين إسرائيل وسوريا. . وبقتل مواطنين لبنانيين، يكون الجيش الإسرائيلي قد خرق مجدداً قرار مجلس الأمن الدولي رقم ١٧٠١ الذي ينظِّم الهدنة بين لبنان وإسرائيل بعد حرب تموز ٢٠٠٦.
أما قتل جنرال كبير فـي الحرس الثوري الإيراني فله تداعيات خطيرة، قد يفتح جبهات جديدة ويوسع جبهات قائمة ويجدد النزاع فـي جبهات أخرى.
وليس من الواضح كيف ومتى «حزب الله» سيرد على الإعتداء الإسرائيلي الجديد، ولكن عندما تقرر قيادة المقاومة أنْ ترد على العدوان، فإنه سيكون ردَّ فعل ودفاعاً عن النفس وليس عملاً عدوانياً. لكن المجتمع الدولي الذي لم ينطق بكلمة لإدانة الجريمة الإسرائيلية (ما عدا بيان خجول صادر عن الأمم المتحدة) سيسارع للدفاع عن تل أبيب عندما تتعرض للهجوم.
هذا ما حدث بالضبط فـي غزة، الصيف الماضي عندما إتهم الغرب حركة «حماس» ببدء الحرب، فـي حين أن دولة الإحتلال كانت قبل الحرب بعدة أشهر تعتقل وتقتل وتقصف الشعب الفلسطيني فـي الضفة وغزة من دون رادع، وخلال العدوان كانت تعربد بسلاحها وتقصف الاطفال والأحياء السكنية والمساجد وحتى المدارس.
الغارة الإسرائيلية على القنيطرة فـي سوريا هي مقامرة غير ذكية تحمل مخاطر مدمرة وعلى العالم الذكي أن يدينها قبل أن تلتهب المنطقة وتحرق معها مصالح الجميع.
Leave a Reply