علي حرب وخليل رمَّال
ليست هذه هي المرَّة الأولى عبر تاريخه المديد منذ ٦٠ عاماً تقريباً التي يتعرض خلالها المركز الإسلامي فـي أميركا لأزمة مستجدة، لكنها تحمل خطورة أكبر وتفرض تحديات أكثر وتطرح أسئلة مصيرية قد لا توجد إجابات شافـية عليها، قد تهدد أركان هذا الصرح الإسلامي الكبير الذي كان السباق فـي العمل الديني والاجتماعي فـي ولاية ميشيغن بل فـي الولايات المتحدة المترامية الأطراف، هذه المرَّة الأزمة تعصف ببنيان المركز، الذي أُسس من خلال جهود الشيخ الراحل محمد جواد شري وكوكبة من الرعيل الأول الذين قدَّموا وبذلوا جميعاً من أجل بناء المركز، وقد تسطّر جميع ما أنجزه المركز فـي السنوات العجاف بحروف النور والعرفان بفضل عطاء وكرم وسخاء الجالية العربية الاسلامية فـي هذه المنطقة.
وليست هذه المرَّة الأولى التي يقف فـيها المركز، مع مجلس الأمناء، أمام مفترق طرق، ولا كل مرة «تسلَم الجرَّة»، فالإصلاح داخل مجلس الأمناء والإدارة أصبح أكثر من ضروري، بل عامل نجاة وفرض عين حتى لا يتكرَّر الخلاف بين مجلس الأمناء وإمام المركز ولا ينتهي إلا بفتنة كان الله سبحانه وتعالى يقينا شرها فـي كل مرةً. فثلاثة شيوخ تعاقبوا على منصب مرشد المركز هم الشيخ محمد علي برو والشيخ صائل الأتات والشيخ محمد علي إلهي، وغادروا على خلاف وكاد يقع ما ليس بالحسبان خصوصاً عندما ترك الشيخ إلهي مركزه، ثم جاء دور السيِّد حسن القزويني ليقرر المغادرة بعد خلاف أكثر حدة، مما يطرح مشكلة متفاقمة متزامنة هي الإشكالية بين دور العالِم الديني ومع ما يستتبع ذلك من استقلالية قراره وتصرفه حسب ما يمليه عليه الشرع، وبين تراتبية «البورد» القيادية كناظم للإدارة والعمل داخل المركز حسب ما يقتضي النظام الداخلي المرعي الإجراء فـي كل المؤسسات الدينية الاميركية غير الربحية وغير الريعية المعفاة من الضرائب.
غير أنَّ من المخالف للمنطق إلقاء كامل المسؤولية على كاهل مجلس أمناء المركز الإسلامي، ومن السهل للبعض التصويب على هذا المجلس الذي اكتنز خبرة ضخمة فـي العمل الإداري التنظيمي وساهم فـي تأسيس واحد من أهم المعالم التاريخية الإسلامية العريقة فـي هذا البلد. على الأقل، يتحلى المركز الاسلامي بالتجديد والمهنية والدقة التنظيمية وبنوعٍ من أنواع التداول الديمقراطي حسب المقتضى الذي يفرضه واقع الحال، فـيتم انتخاب رئيس جديد لمجلس الأمناء ولو كان من نفس الوجوه الموجودة فـي المجلس منذ عقود، ولكن على الأقل لا يبقى الرئيس فـي مركزه متربعاً عليه إلى الأبد ولا يحول المركز إلى مركز خاص به.
لكن ما هي الأسباب الحقيقية للأزمة الحالية بعد إعلان السيِّد حسن القزويني قرار الإستقالة خلال صلاة الجمعة الماضية فـي ٢٣ كانون الثاني؟ ولماذا هذه الإستقالة اليوم وبهذه الطريقة بعد ظهور رسائل مجهولة المصدر تتناول ما أسمته «تهماً بالفساد والتصرف بالأموال» مع اتهامات شخصية أخرى باطلة طالت أيضاً الرئيس الحالي لمجلس الأمناء رون أمين؟! وما هي تداعيات الإستقالة على وحدة مجلس الأمناء فـي المركز وثقة الجالية بها بعد انقسام الأعضاء والنّاس بين مؤيد ومعارض؟ وما هي الآثار المترتبة على وحدة الطائفة خصوصاً اللبنانية والعراقية بعد إتهام السيِّد القزويني لبعض الأمناء بتوجيه كلام عنصري طاله كونه عراقياً «الأمر الذي تلقّفه الإعلام الأميركي المحلي وعزف على وتره طويلاً»؟
البداية
السيِّد حسن القزويني ومن خلال مقابلة معه نُشرت بجزئين على صفحات «صدى الوطن» خلال كانون اول (ديسمبر) الماضي، وفـي معرض رده على الرسائل المجهولة، تحدث عن ضرورة الإصلاح فـي المركز الاسلامي غامزاً من قناة بعض اعضاء مجلس الأمناء ومفهومهم لدور المركز الاسلامي الريادي الذي لا يريده القزويني «مسجد ضيعة أو نادٍ أو سوبرماركت يوزع البقعات ويقيم الجنازات بل فاتيكاناً للمسلمين فـي أميركا لا جامعاً للبنانيين أو العراقيين أو غيرهم فقط».
هذا الكلام ربما فاجأ البعض وربما أرادها السيد القزويني مقدمة لخطاب الإستقالة الذي القاه خلال صلاة الجمعة والذي فاجأ الجميع بتوقيته وفحواه وما حمله من عبارات تؤجج العنصرية بين ابناء الجالية العربية المسلمة، لم تكن موفقة برأي أقرب الناس اليه خاصة ما تضمنه من تهم لبعض الأمناء بالعنصرية والكراهية ضد فصيل من ابناء الجالية العربية، فـي معرض شكواه من عنصرية الآخرين؟ وتساءل أحد الأعضاء من الواقفـين على الحياد «مَنْ زَعَم وادَّعى أصلاً أنَّ المركز الاسلامي كان يميز بين العرب والمسلمين من رواده؟! ففـي كل تاريخه ومنذ تأسيسه، فتح المركز أبوابه ليس أمام المسلمين فحسب بل حتى المسيحيين منهم، وقام المؤسِّس الراحل الإمام شري بالتجوال على دول العالم الاسلامي والعربي لجمع المال اللازم لبناء المركز الاسلامي ليكون منارةً للمسلمين عامَّة ولم يبخل المركز ووراءه الجالية اللبنانية المسلمة بالتحديد مرة واحدة بدعم كافة المسلمين».
وعن كلام السيِّد عن الإصلاح قال الحاج نسيب فواز وهو أحد الأمناء القدامى «إذا كان السيد القزويني ينتقد عقلية «الضيعة» فـي المركز، فلماذا إذا حوله هو إلى مركز تابع لشخص وللمؤسسة التي تديرها عائلته؟! ألم ينشد ويطالب بالإصلاح فـي المركز الإسلامي من خلال بناء مدرسة ومكتبة ووسيلة إعلامية وجامعة وغير ذلك من أمثلة طموحة، تذكَّرها اليوم بعد ١٨ عاماً من تسلُّمه قيادة المركز، فلماذا لم يقم بها هو من قبل علماً أنَّ مجلس الأمناء أصدر قراراً فـي السابق يطلق فـيه يده ويرصد له الميزانية الكافـية ليقوم بهذه المشاريع التي عدَّدها؟! الجواب هو لأنه بدلاً من التركيز على توسيع المركز الإسلامي وإنعاش برامجه وجعله «فاتيكاناً» للمسلمين وإخراجه من نطاق الضيعة و«البقعات»، اختار السيِّد حسن تصدير أموال الخُمس والزكاة والتبرعات إلى خارج البلاد».
وهكذا وصلت الأمور إلى الذروة عندما أعلن السيِّد انتهاء دوره فـي المركز الإسلامي بسبب «معاناته على مدار ١٨ عاماً ولأن كرامته وكرامة اسرته إنتهكت»، متهماً بعض الأعضاء علناً بالتمييز ضده لأنه عراقي. وأحدث الإعلان صدمة وبلبلة وسط المصلين، خصوصاً وأن معظم الأعضاء كانوا واقفـين معه أو كانوا على الحياد ولم يكن يقف ضده إلا أقلية قليلة ولأسباب مختلفة ومنها قديم والآخر حديث. كذلك لم يفهم مغزى الاتهام، خصوصاً وان المركز عين قبله إيرانياً كمرشد للمركز وهو القزويني ما زال فـي منصبه منذ ١٩٩٧ وكان الجميع يعلم بعراقيته.
خطاب الإستقالة شكل صدمة للمصلين
فـي خطبته قال القزويني «لقد أمضيت فـي المركز الإسلامي فترة ١٨ عاماً، اخدمكم من كل قلبي حتى أصبحتم من الأصدقاء وأفراد أعزاء من الأسرة. شعرت انَّي أنا واحد منكم. ولم أر أشرف وألطف من هذه الجالية».
وأعلن عن شعوره بأن دوره فـي المركز الاسلامي شارف على النهاية بعد تحليل حالة المركز وانه وصل إلى قرار صعب. وأردف «لقد رأيتموني وخبرتموني بعد ١٨ عاماً، وأنا اشعر والألم يعتصر قلبي بأن دوري فـي المركز الإسلامي قد انتهى». وعندها علت الأصوات الداعمة للقزويني داخل المسجد.
واستغرق القزويني بعض الوقت ليهدأ الحشد ثم قام بتعداد إسهاماته فـي المركز، بما فـي ذلك بناء مدرسة «مايا» الإسلامية وتأسيس «رابطة الشباب المسلم» (واي أم أي).
واستطرد القزويني انه يشعر ان يديه مقيدتان وأنه لا يمكنه تحقيق الأهداف التي يحملها للجالية، على سبيل المثال، «أود أن تكون لنا جامعة إسلامية ومحطة تلفزيونية إسلامية ومستشفى خيري. أريد هذه المشاريع لتصبح واقعاً وأنا أشعر أنني لدي القدرة على تحقيق هذه الرؤى، ولكن ليس فـي المركز الإسلامي».
وأضاف أن رؤيته تتغاير بشكل كبير مع بعض أعضاء مجلس الأمناء. وكرر ما قاله فـي «صدى الوطن» بأن بعض الأمناء يريدون من المركز أن يكون «نادي اجتماعي» أو «مسجد ضيعة».
واعرب عن اعتقاده انه وصل إلى طريق مسدود، وأصبح المركز الإسلامي يشكل بيئة لا وجود فـيها لإمكانية النمو.
واكد القزويني تعرض كرامته للهجوم فـي المركز، فـي اشارة الى الرسائل المجهولة. واستطرد «لم تبدأ المشكلة بالأمس، بل بدأت قبل ١٨ عاماً عندما باشرت العمل لأول مرة فـي المركز. ومنذ البداية كان هناك اشخاص يحاولون أن يسببوا لي المشاكل ويوقفوا عجلة التقدم فـي المركز».
وكشف القزويني بأنه كان صامتاً طوال هذه السنوات من أجل الحفاظ على وحدة الجالية، وأضاف أنه «بعد ان نفذت جعبة خصومه من السب والشتم بحقه طلعوا بمسألة أنه عراقي».
وتساءل موجهاً خطابه للمجلس «عندما جئتم بي إلى هنا قبل ١٨ عاماً ألم تكونوا تعرفوا أنني عراقي؟ بالإضافة إلى ذلك، فـي الإسلام، ليس هناك فرق بين عراقي أو لبناني أو يمني، وهل وجدتموني فـي أي وقت من الأوقات أفاضل بين الناس بسبب جنسيتهم؟ بالنسبة لي، المؤمنون جميعاً إخوة. وليس عندنا هذا المنطق غير المجدي فـي الإسلام. البعض فـي قيادة هذا المركز لديهم مشكلة معي لاني ولدت فـي العراق».
وسرد القزويني جهوده فـي جمع الأموال للمركز الإسلامي، مضيفاً «أن البعض فـي المجلس جعلوا من أولوياتهم تدمير صورته».
ووقف عدد من المصلين مشيداً بالقزويني، عندما كان يسرد بالتفصيل كيف أن بعض أعضاء مجلس الأمناء كانوا يتآمرون ضده. وهتفوا «ليسقط مجلس الأمناء».
بعض الأعضاء الذين نوه بهم أيدوه وعانقوه بينما وقف الأعضاء الآخرون حائرين يتداولون أمورهم فـيما بينهم ومنهم من كان فـي الأصل فـي خلاف معه لكنه وقف فـي هذه المعمعة على الحياد. هذا الشخص المؤسس وهو الحاج نسيب فواز تعرض للشتم والتهديد بالضرب من قبل المتحمسين للقزويني وأنصاره وجلهم من اللبنانيين، بعد أنْ تعالت الهتافات بإسقاط «البورد» الذي طالب السيد القزويني فـي خطابه حله واستقالة جميع اعضائه وتعليق العمل بالنظام الداخلي، وعلا التصفـيق وقوفاً للقزويني فـي قاعة الصلاة، ووصف متحمس أحد أعضاء مجلس الأمناء بأنه «رأس الحية التي يجب قطعها». وتحدث بعد السيِّد حسن أشخاص معبرين عن تأييدهم له ومنهم الحاجة نجاح بزي التي أقسمت أن السيِّد لدى قدومه الى هذا البلد لم يساعده أحد وحتى لم يستقبله أحد على المطار، لكن وثائق ظهرت لاحقاً على الفـيسبوك تُظهر أن ١٥ شخصاً من ابناء الجالية دفعوا ١٥ ألف دولار لشراء بيت له فـي شرق ديربورن. وختمت بزي بالقول إنها مع البعض ستغادر المركز معه اذا قرر الذهاب. هذا الكلام حدا بالقزويني للتراجع نسبياً بالقول إنه يبقى فـي مركزه بشرط استقالة كل اعضاء المجلس ما عدا المؤسسين. الطلب هذا كرره فـي مساء نفس اليوم وفـي اجتماع مجلس الأمناء يوم الأحد فـي ٢٥ كانون الثاني (يناير) الجاري ثم سأل «من هو معي فليغادر معي» فلبى عدد من الناس وذهبوا معه معظمهم من «رابطة الشباب المسلم». التاريخ يعيد نفسه كل مرةً ولكن طلب القزويني كان تعجيزياً وهو يعلم استحالة استقالة مجلس الأمناء بأكمله.
وبعد أنْ استكانت الأنفس قليلاً، انهمر سيل الأسئلة: لماذا الاستقالة الآن وبهذه الطريقة وإذا كان الخلاف والمعاناة على مدار ١٨ عاماً فلماذا كشفه اليوم فقط؟ ثم هل الرسائل المجهولة كان لها تأثير على القرار؟ وهل الإستقالة بسبب ما قيل عن دلائل فـي حوزة أمين الصندوق السابق الحاج صلاح هزيمة؟
تبيَّن سلسلة رسائل بريدية الكترونية بين الأعضاء والتي سُرِّبتْ على الإنترنيت أنه منذ العام ٢٠٠٩ طفت على السطح خلافات مالية بين السيِّد ومجلس الأمناء، مما استدعى الأمر وساطة من الحاج عبدالله بري نجل رئيس مجلس النوَّاب الرئيس نبيه بري فـي العام ٢٠١٠، لكن الخلاف بقي مستحكماً.
وأوضح مصدر قريب من الادارة المالية فـي المركز «أنَّ مندوب سماحة أية الله العظمى المرجع السيِّد السيستاني لم يقبض قرشاً واحداً من الخُمس والزكاة عبر ممثليه فـي أميركا، من القزويني كما قال فـي مقابلته مع صدى الوطن» ولكن السيد القزويني أطلع صحيفة «صدى الوطن» اثناء المقابلةعلى ملف يتضمن وصولات من مكتب المرجع السيد السيستاني فـي النجف. وفـي هذا الإطار يؤكدالقزويني بان كل متبرع يريد الحصول على وصل بتبرعه من المرجعية فهو موجود لديه.
كذلك تداولت وسائل التواصل الاجتماعي رسالة موزَّعة من مكتب سماحة المرجع السيِّد فضل الله حول تحويل الخُمس من مقلدي المرجع تناقض كلام القزويني.
أخيراً من كان وراء الرسائل المجهولة؟ المعارضون المشروعون للسيد القزويني ينأون بأنفسهم عنها لأنها حملت أسلوب الشتم والسب الشخصي الرخيص الذي يرفضونه وهم لا يعلمون من وراءها. ربَّما يكونون من الطابور الخامس الذين يريدون الإيقاع بين الطرفـين رغم استخدامهم لبعض المعلومات التي استقوها من نشر مذكرات بريد إلكتروني بين الأعضاء.
أما السيد القزويني فـيقول إن عتبه على مجلس الأمناء الذي لم يحرك ساكناً بعد اصدار وتوزيع الرسائل المجهولة، وكان يتوقع ان يتحرك المجلس واعضاؤه لإجراء التحقيق والتحري لمعرفة من هم وراء تلك الإفتراءات والرسائل المهينة التي طالته وتناولت عائلته بالتهم والشتائم، ومن ثم مقاضاتهم قانونياً بالقدح والذم. والسيد القزويني كان قد نفى كل التهم الموجهة اليه جملة وتفصيلاً.
…والحياة تستمر
وبعد أنْ ساد الارتباك والحيرة فـي الجالية إثر ذيوع مفاجأة الإستقالة، نشر رون أمين بعد ظهر يوم الثلاثاء، رسالة على «يوتيوب» تتناول الموضوع، ولكن سرعان ما سُحب الفـيديو من قبل «رابطة الشباب المسلم» (واي أم أي) التابعة للمركز والتي تدير قناته على «يوتيوب» . والسبب، حسب رون، يعود إلى تصريحات تحريضية نارية على خطابه التسووي.
فـي الفـيديو، أعرب رون أمين عن دعم المجلس للسيد القزويني. لكن فـي حديثٍ لاحق إلى «صدى الوطن» يوم الأربعاء قال إنَّ الباب أوصد أمام المفاوضات مع السيد، مؤكداً أن صلاة الجمعة فـي ٣٠ كانون الثاني (يناير) ستكون الأخيرة له كإمام للمركز.
وأضاف «أنه أحرج أشد أنصاره فـي مجلس الأمناء بمن فـيهم أنا. وقد يكون هناك إثنان أو ثلاثة أشخاص فـي المجلس يريدونه ان يغادر، ولكن هناك ٣٢ عضواً فـي المجلس وقد استقال من على المنبر من دون أن يخبر أحداً. كيف ترك تلك الأصوات القليلة تتفوق علينا جميعاً، هذا ما لا استوعبه».
وأضاف أمين أن السيِّد خيَّب أمال المجلس بأكمله عندما وصم أولئك الذين لا يؤيدونه بأنهم أتباع يزيد بن معاوية فـي خطابه أمام «واي أم أي» (رابطة الشباب المسلم) مساء الجمعة.
وأردف أمين «ان المجلس يعتقد بأنَّ القزويني مستعدٌ لإنشاء مركز له فـي مدينة كانتون.
وقد لمّح السيِّد بذلك لوفد من قادة الجالية وأعضاء مجلس الإدارة الذي زار منزله ليلة السبت بالقول إنه إذا ترك المركز الإسلامي فإنه سيؤسّس مسجداً آخر، وفقاً لأحد الحاضرين». واستطرد «ان المركز قد يفقد بعض المصلين المغادرين مع القزويني ولكن الحياة سوف تستمر. فمؤسس المركز رحل، ونحن لم نغلق الأبواب». وختم أمين أنَّ «المؤيدين الحقيقين للمركز سيبقون معنا، هذا بيت الله، وطالما تُقام فـيه الصلاة، فإن الله لا يتركه».
«واي أم أي» تقف مع القزويني
وخلال هذه المأساة برز تأييد «رابطة الشباب المسلم» التابعة للمركز الإسلامي القوي للقزويني على وسائل التواصل الاجتماعية وفـي المسجد.
«ان رابطة الشباب المسلم مدينة للأبد إلى السيِّد حسن القزويني لتفانيه فـي إنشاء رابطة تخدم احتياجات المجتمع الناطقة باللغة الإنكليزية»، كما أعلن بيان صادر عن (واي أم أي). وأضاف البيان ان الرابطة ملتزمة بتمثيل الشبان المسلمين ودعا إلى التغيير مكرراً مطالب القزويني بإقالة كامل أعضاء مجلس الأمناء».
وتضمن البيان ان «هذه الجالية، بتوجيه من قادة اصحاب بصر وبصيرة، مثل السيِّد القزويني، لديها القدرة على دفع الإسلام فـي أميركا إلى الطليعة». وتابع «دعونا نعمل معاً لنخلق جواً إيجابياً تغييرياً يسمح لمجتمعنا بالتقدم معاً إلى الأمام».
ومساء الثلاثاء، أقامت «الرابطة الشبابية» صلاةً خاصة فـي المركز الإسلامي «لتوحيد الجالية ودعم القزويني». وبعد صلاة العشاء، التي لم يؤمها القزويني، طلب عضو فـي الرابطة من المصلين «إبقاء السيد فـي صلواتهم». ثم تليت الصلاة من أجل «تحسين أوضاع الجالية».
وعلى الرغم من صراحتهم وطلاقة لسانهم على وسائل التواصل الاجتماعي، رفض أعضاء الرابطة التحدث إلى «صدى الوطن» يوم الثلاثاء. وعلَّق أحد نشطائهم بالقول «انه صراع عائلي داخلي ونحن نريد أن نبقيه فـي دائرة العائلة الواحدة، وليس إخراجه للتداول فـي الخارج عند الجالية». وكذلك لم ترد مرشدتهم الحاجة نجاح بزي، على إتصال هاتفـي من «صدى الوطن».
رسالة هزيمة المسرَّبة
وقد تسربت رسالة على الإنترنت بعثها الشهر الماضي الحاج صلاح هزيمة، أمين صندوق المركز السابق، لأعضاء مجلس الأمناء الآخرين، لافتاً انتباههم إلى تحويل مزعوم للأموال من قبل السيِّد القزويني.
وفـي الرسالة، أبلغ هزيمة أعضاء المجلس أن القزويني احتفظ لنفسه بنصف التبرعات المقدمة إلى المركز فـي أربع مناسبات مختلفة، وأنه كان يستخدم مكتبه فـي المركز لجمع التبرعات لمنظمة إسلامية أخرى، بما فـي ذلك دار للأيتام تديره عائلته فـي العراق.
القزويني، الذي لم يرد على اتصالات «صدى الوطن» هذا الأسبوع، كان قد أوضح فـي مقابلة سابقة، أن المركز لا يمكن أنْ يحتفظ لنفسه بجميع تبرعات الخمس وهو شكل من أشكال الصدقات الإلزامية فـي الإسلام، يصل الى ٢٠ فـي المئة من الفائض السنوي لدخل الأسرة بعد أنْ يتم خصم جميع النفقات.
ووفقاً للقزويني، يجب على المركز إرسال جزء من تبرعات الخمس إلى المراجع الدينية، الذين هم يمثلون الإمام المهدي (ع)، وجزء آخر هو سهم السادة للفقراء منهم والمتحدرين بنسبهم إلى الرسول الأعظم.
ونفى هزيمة لـ«صدى الوطن» ان يكون قد سرَّب الرسالة، التي كان من المفترض أن تكون رسالة خاصة بين أعضاء مجلس الأمناء. وأضاف «اننا دائما إعتدنا التواصل عبر البريد الإلكتروني وأنا لا أعرف من الذي أخرج رسالتي للعلن».
ونفى هزيمة أيضاً وجود أي علاقة له مع الرسائل المجهولة التي هاجمت القزويني. وقال إنه كان يهدف للتعبير عن قلقه فـي اجتماع لمجلس الأمناء ولكن لم يعط الفرصة. وأضاف أنه لا يمكنه الحديث عن محتوى الرسالة أو أن يعطي المزيد من التفاصيل قبل استشارة محاميه. وذكر مصدر مقرب من مجلس الأمناء لـ «صدى الوطن» أن هزيمة استدعي من قبل مصلحة الضرائب يوم الاربعاء لمناقشة مزاعم وردت فـي الرسالة. ولكن هزيمة عاد ونفى ذلك فـي إتصال هاتفـي مع «صدى الوطن» ليل الخميس الماضي.
وقال رون أمين إن هزيمة سبق وناقش الرسالة فـي إجتماعات سابقة لمجلس الأمناء «ثلاث أو أربع مرات، والسيِّد أجاب بدوره على الإتهامات الواردة فـيها».
دعوة للوحدة
وقال داوود وليد، المدير التنفـيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية (كير-ميشيغن) إن الخلاف فـي المركز الاسلامي يؤثر على جميع المسلمين الأميركيين. وأردف «إن المركز هو رمز للإسلام فـي أميركا، ليس فقط لأنه الأكبر، ولكن أيضاً بسبب حجم الاهتمام الذي يتلقَّاه من وسائل الإعلام والحلفاء على السواء، وكذلك من المتعصبين الجاهلين والمصابين برهاب الاسلام».
وتابع وليد «ان الفشل الذريع فـي المركز الاسلامي الذي تصدر عناوين الصحف الوطنية، قد يضر بالجالية المسلمة التي لا تفتأ تقع تحت المجهر». ودعا إلى الوحدة وإنشاء هيئة تحكيم بين المسلمين من الرجال والنساء العقلاء الذين يمكنهم فض النزاعات داخل المنظمات الإسلامية.
وأوضح وليد، وهو ناشط يجهر ضد العنصرية فـي الجالية المسلمة، انه لا يعتقد أن حملة كتَبَة الرسائل ضد القزويني كانت تستند فـي المقام الأول على العنصرية. وأضاف «لكن ليس سراً أن تكون هنالك عنصرية موجودة فـي الجالية، فهناك تمييز ضد العرق واللون فـي الجالية الإسلامية، بما فـي ذلك فـي جالية ديربورن».
وحث وليد جميع الأطراف المعنية إلى تهدئة أنصارهم، بحيث لا يتم تصعيد الوضع إلى دوامة عنف أو هجمات شخصية. ووصف وسام شرف الدين، مؤسس منظمة الشباب المسماة «إرشاد»، الوضع بأنه «انقسامي». وتساءل «لماذا كل شيء نريد قوله يجب أن يثير الكراهية حول جزء آخر من جسد الجالية؟ أليس هناك أرضية مشتركة، أولسنا كلنا من أهل الخير؟ لماذا الحط من قدر الجانب الآخر»؟ وقال شرف الدين «ان الأئمة بحاجة إلى أن يكونوا أكثر شفافـية فـي القضايا المالية، وينبغي أن يكون قادة الجالية أكثر حساسية فـي انتقاداتهم لعلماء الدين».
الشيخ محمد علي إلهي، مرشد دار الحكمة الإسلامية فـي ديربورن هايتس الذي كان إمام المركز قبل القزويني، حث أفراد الجالية على الامتناع عن نشر التعليقات المهينة التي تشجع على العداء. وقال«دعونا نتوقف عن تأجيج هذه النار المدمِّرة، التي من شأنها أن تحرق فـي نهاية المطاف كلَي الجانبين من هذه الأزمة»، وكتب إلهي فـي صفحته على الفـيسبوك «دعونا نكون جزءاً من الحل، دعونا نعمل لبعض المصالحة بين السيِّد القزويني وبعض أعضاء مجلس إدارة المركز الإسلامي وحتى لو كانت المصالحة مستحيلة، دعونا نجد نهاية سلمية».
صلاة الجمعة مناسبة لوحدة الجالية بحضور القزويني
وفـي تطور إيجابي، عقد لقاء ليل الأربعاء الماضي فـي منزل السيد القزويني فـي مدينة كانتون ضم بالإضافة الى رئيس مجلس الأمناء رون أمين وبعض الأمناء، قيادات من الجالية من بينها مؤسس النادي اللبناني الأميركي علي جواد ورئيس تحرير «صدى الوطن» الزميل اسامة السبلاني واتفق الجميع على ان تكون صلاة الجمعة مناسبة لنبذ الخلافات وتجديد الإلتزام بالوحدة والهدوء والتعامل مع المستجدات من خلال الحوار، وعدم الانجرار الى الصدامات والعنف الذي لا يخدم إلا أعداء المسلمين فـي هذه المرحلة الحساسة من وجودهم فـي هذه البلاد. وتمنى المجتمعون من السيد القزويني ان تكون خطبتة الأخيرة كإمام للمركز الإسلامي وحدوية وإيجابية تلم شمل المسلمين.
Leave a Reply