ديترويت – علي حرب
حكم قاض فـيدرالي على المناضلة الفلسطينية الناشطة رسمية عودة يوم الخميس ١٢ آذار (مارس) الحالي بالسجن لمدة ١٨ شهراً، لكنها ستظل حرة خارج السجن بموجب كفالة فـي انتظار البت فـي استئناف الحكم.
وأُدينت عودة (٦٧ عاماً) بالحصول غير القانوني على الجنسية الأميركية فـي ٣٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٤ لفشلها لعدم كشفها فـي طلب التجنُّس الأميركي عندما كانت رهينة السجن فـي إسرائيل قبل نحو ٤٥ عاماً بعد أنْ أدانتها محكمة إسرائيلية فـي عام ١٩٦٩بالمشاركة فـي عملية فدائية فـي القدس المحتلَّة. إلا أنَّ سلطات الاحتلال الإسرائيلي انتزعت من رسمية اعترافاً تحت التعذيب الجسدي والنفسي والاغتصاب الوحشي. لكن هذا المعطى المهم فـي القضية لم تأخذ به المحكمة الاميركية.
قاضي المحكمة الجزئية الأميركية غيرشوين أ. درين أمر بتجريد عودة من جنسيتها الأميركية بعد نطق الحكم. وسيقدم وكلاء الدفاع عنها الطعونات القانونية وطلب استئناف إلى محكمة الدائرة السادسة الفدرالية فـي مدينة سينسيناتي بولاية أوهايو. وفـي حال رفضت محكمة الاستئناف إعادة محاكمة عودة، فإنها ستُعتقل لتنفـيذ مدة عقوبتها ثم ترحل إلى فلسطين المحتلَّة.
وتحولت جلسة النطق بالحكم يوم الخميس الماضي الى جدال سياسي حول الصراع العربي الإسرائيلي وحق الشعب الفلسطيني فـي المقاومة ضد الاحتلال.
جوناثان توكل، المدعي العام الرئيس فـي القضية، حاول الصاق تهمة الإرهاب برسمية عودة، ووصفها بالإرهابية، وطالب بإنزال عقوبة قاسية غير معهودة بحقها فـي هكذا قضايا، وسجنها من ٥ إلى ٧ سنوات، وهو ما يتجاوز العقوبات المحددة بالقانون الذي يتكافأ مع المخالفة المزعومة.
وطالب المحامي الرئيس فـي قضية عودة، مايكل دويتش، بعدم الحكم على موكلته ولو بيوم واحد بالسجن، بسبب تقدمها فـي السن واعتلال صحتها. ويذكر ان عودة تعاني من اضطراب عصبي ناجم عن الصدمة التي يقول فريق دفاعها ان سببها التعذيب الوحشي الذي تعرضت له على أيدي سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وعرض المدَّعي العام توكل أشرطة فـيديو لنساء من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» تتحدثن فـيه عن تورط عودة فـي التفجير. وأظهر فـيديو آخر صوتاً سُجِّل عندما كانت عودة فـي السجن الإسرائيلي يزعم فـيه مقاتل من «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» أن الطائرة المخطوفة فـي الأردن كانت تحت قيادة «شعبة رسمية عودة».
وانبرى المدَّعي العام بالقول عن المناضلة الفلسطينية «طوال حياتها، كانت مشاركة فـي الإرهاب .. فـي الارهاب».
ورد محامي الدفاع دويتش قائلاً للقاضي إن انخراط عودة فـي النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي كان مقاومة مشروعة للدفاع عن النفس، وكل شعب محتل له الحق فـي المقاومة، مقارناً المقاومة الفلسطينية بالثورة الأميركية التي قاتلت ضد الإمبريالية البريطانية من اجل الحرية والاستقلال.
وأكد محامي الدفاع ان الفلسطينيين مضطهدون وأن الشعب الأميركي يتم تعميته عمداً عن معرفة حقيقة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ومعاناة الشعب الفلسطيني.
«من لديه طائرات؟» تساءل دويتش. «من لديه دبابات؟ من لديه واحد من أقوى الجيوش فـي العالم، بدعم من الولايات المتحدة؟» وأضاف أن استخدام مسألة مشاركة عودة فـي المقاومة لتعزيز الحكم الصادر ضدها مناف للمنطق والعدالة».
ولتوضيح وجهة نظره، نسب دويتش إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك قوله: «إذا كنت فلسطينياً وفـي سن مناسب، فإني سأنضم فـي مرحلة ما، إلى واحدة من الجماعات الإرهابية».
وخاطب دويتش القاضي بالقول «إن إحالة عودة الى السجن لن يخدم العدالة بشيء، فلا تدع هذا التلويح بالإرهاب يؤثر عليك».
لكن توكل ادعى ان «الطبيعة الخطيرة لجريمة عودة بإخفاء حقائق عن سلطات الهجرة يجب أن تؤدي لإطالة أمد الحكم الصادر ضدها».
وفـي بيان تلته أمام المحكمة ركزت عودة على صراعها مع الحياة منذ ان ولدت فـي بلدة لفتا غرب القدس عام ١٩٤٧، حيث طردت عائلتها من القرية من قبل مستوطنين صهاينة، وأمضت طفولتها المبكرة فـي مخيم للاجئين.
«فـي كل مرة كنت أحاول فـيها بناء حياتي، كانت قوة خارجية تعبث بها وتدمرها، وفـي كل مرة كان علي أن أبدأ من الصفر»، كما قالت. وأضافت أنه بعد أن هجر والدها والأسرة، حاولت البدء ببناء حياتها من جديد من خلال الذهاب إلى المدرسة فـي بيروت، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي لم يسمح لها بمواصلة دراستها فأودعت السجن. وبعد سجنها من قبل سلطات الإحتلال لـ١٠ سنوات، تم الإفراج عنها وانتقلت للعيش فـي الأردن، حيث كانت لها انطلاقة وحصلت على وظيفة وسيارة. ولكن سرعان ما أصاب المرض والدها فـي الولايات المتحدة الأميركية فاضطرت إلى ترك الأردن للسفر إلى أميركا لرعايته. وأجبرت على البدء من الصفر مرة أخرى.
وأكدت عودة للقاضي أن ترحيلها من شأنه أن يدمر حياتها الحالية فـي كنف الجالية فـي شيكاغو. وأضافت أنها تقترب من السبعين عاماً واجبارها على بدء حياة جديدة أخرى يشعرها كأنه بمثابة الإعدام.
وصرح القاضي درين «أن القضية ليست سياسية بل هي مخالفة فـي الكذب تحت القسم». وقال انه يعتقد «ان عوده شاركت فـي أنشطة إرهابية (…)، لكنها أصلحت حالها الآن». واعترف القاضي بتلقي أكثر من ٧٢ رسالة من قبل الناس من «مختلف مناحي الحياة» يفصِّلون فـيها التأثير الإيجابي الذي تركته عودة على الجالية والمجتمع الذي تعيش وتعمل فـيه، من خلال عملها مع «شبكة العمل العربي الأميركي».
وأوضح القاضي أن لديه مسؤولية الحكم على عودة فـي إطار المبادئ التوجيهية للمحكمة لردع الآخرين من الكذب على طلبات الهجرة والمواطنة فـي المستقبل.
ووصف محامي الدفاع دويتش الحكم بأنه مفرط
وغير عادل. ولدى الدفاع ١٤ يوماً لتقديم الاستئناف. وقد وافقت النيابة على سند كفالة عودة إلى أن تتخذ محكمة الاستئناف قراراها بشأن إعادة المحاكمة فـي القضية.
Leave a Reply