نبيل هيثم
اليمن على مفترق طرق .. ومعه كل دول المنطقة , وعلى وجه الخصوص دول الخليج.
الامور مفتوحة على كل الاحتمالات، فـي اجواء المنطقة يحوم شبح التدمير، والتفتيت، والتقسيم، والحرب الاهلية, وكل ما يتصل بها من ويلات مذهبية وطائفـية.
بدأت الحرب, واشتعلت النار, ولكن السؤال الذي يواكب هذا الاشتعال : الى اين بعد الحريق, وكيف سيتم احتواء الحريق ومنع تمدده, ومن سينجو من هذه الحرب؟
سلطنة عمان نأت بنفسها عن هذه الحملة السعودية – الخليجية, واما سائر الدول التي شربت حليب السباع السعودي وشاركت فـي حريق اليمن فأمام منعطف خاصة وانها كلها اصلا عالقة فـي قفص التوترات وتتخبط بالازمات والارباكات.
دول مجلس التعاون انقادت خلف السعودية, ومعها الاردن والمغرب، وها هي تلحق بالركب, ربما هو واجب عليها لتسديد فاتورة لقاء المليارات التي اغدقت عليها فـي مؤتمر شرم الشيخ من السعودية وحليفاتها الخليجيات.. سيبقى السؤال : ماذا بعد؟
السعودية قادت الحرب, وعليها ان تنتصر فـيها, ولكن كيف؟
اعتمدت اسلوب الحرب من الجو,, وها هي الحرب الجوية التي شنتها الولايات المتحدة الاميركية وحلفاؤها على تنظيم داعش فـي سوريا والعراق, تبدو وكأنها تراوح مكانها منذ اشهر, ولم تؤثر على هذا التنظيم ولم تحد من قوته ولا ان تقلل من رقعة توسعه وانتشاره.
اعتمدت الحرب من الجو, وقرنتها بحرب اعلامية عبر قنواتها الفضائية وحديث عن انتصارات وانجازات بينها قتل كل قادة الحوثيين تقريبا, وهو امر ثبت عكسه, فالحوثيون ما زالوا على الارض ممسكين بها, وقادتهم يعلنون التعبئة العامة ليس دفاعا عن اليمن فـي وجه الحرب الجوية وانما للتحضر لما ابعد من الحدود البرية مع السعودية.
السعودية تريد ان تسجل انتصارا فـي هذه الحرب, يعوضها مسلسل الهزائم والخيبات التي تلقتها على وجه الخصوص فـي سوريا والعراق وفـي كل المناطق التي تفترض ان لها نفوذا فـيها, والاكيد انها قد لا تكتفـي بالحرب من الجو, وها هم بعض قادتها يتحدثون عن احتمال الدخول فـي حرب برية، علما انها سبق لها ان ناصرت حكم علي عبدالله صالح فـي العام 2009 وقامت ببعض الغارات ضد الحوثيين فكان ان تمدد الحوثيون الى الاراضي السعودية , وخصوصا تلك المتاخمة للحدود والتي يعتبرها اليمينون جزءا من الاراضي اليمنية محتلا من قبل السعودية.
الحرب فـي بدايتها، وهي حرب فـي جوهرها ليست ضد الحوثيين فقط بل ضد ايران, واما الجمهورية الاسلامية الايرانية فبدورها تحاول مع الحوثيين امتصاص الصدمة الاولى, التي ما من شك انها فاجأت اليمنيين سواء بتوقيتها, او باستهدافاتها التي ما طالت مواقع الحوثيين فقط بل طالت المواقع الحساسة فـي الدولة والمواقع العائدة للجيش وكأنها تستبطن محاولة واضحة لكسر الجيش اليمني, ليصبح بلا حول ولا وقوة ولا ارادة على غرار بعض الجيوش التي طحنت كالجيشين العراقي والليبي.
واضح الانقسام الدولي حول تلك الحرب، الرعاية الاميركية والغربية واضحة لتلك الحرب, لكن لا دخول مباشرا من تلك الدول لكنها كانت فـي صورة التوقيت وساعة الصفر لانطلاق العملية العسكرية السعودية ضد اليمن, ولذلك سارعت الى اجلاء بعثاتها الدبلوماسية من اليمن وفـي المقابل روسيا والصين وايران تقف موقف المعترض على انتهاك سيادة اليمن, مع الاصرار على ابقاء البعثات الدبلوماسية فـي اليمن,. أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلقها الشديد إزاء التطورات فـي اليمن ، داعية إلى وقف القتال فوراً والعودة إلى الحوار.وأكدت الخارجية الروسية دعمها الكامل لسيادة اليمن ووحدته وحرمة أراضيه، مؤكدة أنها «لا تنوي إخلاء رعايا فـي اليمن». فـيما نددت ايران بالحرب على اليمن وانتهاك سيادته ودعت الى وقف الحرب, الا انها اعلنت على لسان وزير خارجيتها احمد ظريف انها ستسعى جهدها لكي تحتوي هذه الحرب ونتائجها.
الحرب مفتوحة, لكن كيف ستنتهي؟ هنا من المبكر الاجابة, لكن ابسط ما يقال فـيها هو ان بركان اليمن قد انفجر, واما حممه فتنهمر فـي كل اتجاه وعلى دول المنطقة.
كيف بدأت الحرب؟
وجه الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز ببدء ما سميت عملية «عاصفة الحزم» عند الـثانية عشرة منتصف ليل الاربعاء الخميس بتوقيت الرياض، لتبدأ القوات الجوية السعودية بعد ذلك مباشرة بقصف مواقع الحوثيين فـي صنعاء، وذلك بعد التمهيد لذلك ببيان خليجي مشترك جمع السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت، تم من خلاله الإعلان عن استجابة خليجية لطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي بحماية الشعب اليمني من ميليشيات الحوثي. وجاء فـي البيان: «قررت دولنا الاستجابة لطلب الرئيس هادي لحماية اليمن وشعبه العزيز من عدوان الميليشيات الحوثية التي كانت ولا تزال أداة فـي يد قوى خارجية، لم تكف عن العبث بأمن واستقرار اليمن الشقيق». ورحبت السعودية بمشاركة المجتمع الدولي بـ«عاصفة الحزم» فـي اليمن فـي وقت اكد مسؤول أميركي ان واشطن تدعم الرياض فـي العملية العسكرية فـي اليمن, ثم تلت ذلك الخارجية المصرية التي اكدت من جهتها ان مصر تدعم سياسيا وعسكريا خطوات تأييد الحكومة الشرعية فـي اليمن, وافـيد لاحقا عن ارسال مصر لقطع بحرية الى قبالة السواحل اليمينة.
وأعلنت عملية «عاصفة الحزم» أن أجواء اليمن منطقة محظورة، ويشارك فـي العملية 10 دول، حيث شاركت ما بين 100 الى 150 طائرة حربية سعودية و30 طائرة إماراتية و 15 بحرينية و 15 كويتية و 10 قطرية فـي العملية التي ادت غاراتها الى سقوط عشرات القتلى والجرحى والحاق اضرار كبيرة فـي المنازل والمقار الرسمية وخاصة فـي العاصمة صنعاء.
على ان اللافت للانتباه ان هذه الحرب التي تقودها السعودية فـي اليمن، باشراف وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي حذّر نجل الرئيس اليمني السابق أحمد علي صالح من التقدم نحو عدن. وقد تجاوزت العمليات حدود العاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون منذ أشهر، لتشمل مدنًا أخرى مستهدفة المطارات والقواعد العسكرية ومراكز القيادة التي سيطر عليها الحوثيون وقوات الجيش الموالية لهم.
وقالت مصادر عسكرية وشهود عيان لـوكالات الأنباء إن «مطار صنعاء الدولي وقاعدة الدليمي الجوية المحاذية للمطار شمالي العاصمة (المطار العسكري)، وكذلك معسكر للقوات الخاصة تحت سيطرة الحوثيين، كانت هدفا للطائرات السعودية». كما استهدفت الغارات القصر الرئاسي فـي صنعاء، فضلا عن مقر المكتب السياسي للحوثيين. وفـي جنوبي اليمن، استهدفت الغارات أيضًا قاعدة العند الجوية التي سيطر عليها الحوثيون الأربعاء، والقصر الرئاسي فـي عدن الذي هاجمه الحوثيون الأربعاء. ايضا. كما طالت الغارات مواقع لقيادات جماعة الحوثيين وأماكن تجمع ميليشياتهم فـي صعدة، شمالي اليمن، وفـي محافظات لحج والضالع التي استولى الحوثيون على أغلبها فـي الأيام الماضية.
وقال وزير الخارجية اليمني رياض ياسين إن الضربات تستهدف القوة الجوية للحوثيين، وأضاف أن من بين الأهداف قاعدة الدليمي الجوية وقاعدة تعزالجوية وقاعدة الحديدة الجوية «لأنها تحت سيطرة الحوثيين». وامتنع ياسين عن إعطاء زمن للحملة، لكنه قال إنها ستستمر حتى «تحقق أهدافها».
وفرضت «عاصفة الحزم» حظرًا جويًا على أجواء اليمن، بينما حذرت الرياض السفن من الاقتراب من الموانئ اليمنية. وقامت القوات السعودية بإنشاء ساتر على طول الحدود مع اليمن بالتزامن مع الضربات الجوية.
وقد توالت ردات الفعل المؤيدة من معظم الدول العربية، حيث رحبّت السعودية بمشاركة المجتمع الدولي فـي العملية التي بدأ يروج الاعلام السعودي والخليجي انها بدأت بتحقيق أهدافها بعد دقائق من انطلاقها.كما رحبت مصر والأردن والمغرب وباكستان والسودان بالمشاركة فـي العملية.
وقال السفـير السعودي فـي واشنطن عادل جبير إن العمليات العسكرية على الحوثيين فـي اليمن تستند الى ميثاقي الأمم المتحدة والجامعة العربية، كما انها لا تقتصر على مدينة أو منطقة بعينها فـي اليمن، بل تهدف إلى الحفاظ على الحكومة الشرعية والشعب اليمني.
وكان الموقف الاميركي, لافتاً للانتباه حيث صدر عن البيت الابيض فجر الخميس، بأن الادارة الاميركية تنسق مع السعودية بشأن العملية العسكرية فـي اليمن، مؤكداً أن الولايات المتحدة لا تشارك بشكل مباشر عبر قواتها فـي العملية العسكرية. واشار البيان الى أن الرئيس الاميركي باراك أوباما أجاز الدعم اللوجستي والمخابراتي للحملة العسكرية «عاصفة الحزم» التي تقودها السعودية فـي اليمن، مشيراً أن البيت الابيض على اتصال وثيق بالرئيس اليمني وشركاء واشنطن فـي المنطقة.
وفـي المقابل، أفادت وكالة رويترز نقلا عن مسؤول حوثي أن «الحوثيين مستعدون لمواجهة الضربات الجوية من دول الخليج العربية دون مساعدة إيران».
وأكد عضو المكتب السياسي فـي حركة «أنصار الله» محمد البخيتي أن الحوثيين قادرون على الدفاع عن اليمن بوجه عملية «عاصفة الحزم» الخليجية من دون مساعدة إيران.
ورداً على سؤال عما إذا كان الحوثيون قد أجروا أي اتصالات مع إيران منذ بدء الهجمات وإمكانية طلب المساعدة من طهران، نفى البخيتي ذلك، مؤكداّ أن الشعب اليمني مستعد لمواجهة هذا «العدوان» من دون أي تدخل خارجي.
وأضاف البخيتي أن الضربات الجوية السعودية تُمثّل «عدواناً على اليمن»، محذّراً من أنها ستجرّ المنطقة إلى «حرب واسعة». وقال البخيتي : «الشعب اليمني شعب حر وسيواجه المعتدين، والحكومة السعودية والحكومات الخليجية سيندمون على الاعتداء على اليمن».
واكدت حركة أنصار الله فـي اليمن ، أن عملية «عاصفة الحزم» العسكرية التي تقودها السعودية ضدها هي حرب مفتوحة وشاملة علي اليمن، معتبرة إياها بداية لسقوط بعض الأنظمة وعلى رأسها النظام السعودي. الذي سيدفع الثمن. كما الانظمة المشاركة فـي الحرب.
وافـيد فـي هذا السياق عن تحرك حشود عسكرية يمنية على الحدود مع السعودية بعد القصف الجوي الذي قامت به الطائرات السعودية لمواقع الحوثيين فـي العاصمة اليمنية صنعاء.
Leave a Reply