مريم شهاب
ربما أنت مثلي، عزيزي القارئ الذي يعمل من أجله الجميع من وجهاء ونشطاء الجالية. أنت من تنعقد لأجله الاجتماعات كل صباح ومساء حول موائد غداء أو عشاء وتصنع من أجله المشاريع وتدرس المواضيع ويعبس «الناشطون» ويسعلون ويصرحون.
أنت من يريد سعادته ومصلحته كل الوجهاء الأصدقاء والأخوة الأعداء فـي ديربورن وفـي ديربورن هايتس وفـي ديترويت الكبرى على السواء، هذا «أنت، إنت ولا انتش داري» كما غنى عبد الوهاب، وبعد كل هذه الأسماء وهذه الكثرة وهذا الاتساع، أنظر إلى حالك فـي المرآة وتحسّر على اليوم الذي ولدتك فـيه أمك لأنك فـي النتيجة «كما أنت شايف وقاشع»، شئ صغير، يسخر منك وجهاء الجالية ونشطاؤها الشاطرون فـي استغلال الظروف استغلالاً صغيراً وحقيراً، وفـي الإثراء على حسابنا نحن البني آدمين البسطاء الذين نعمل ونعمل حتى بعد أن يتوقف الآخرون، ثم ندفع التبرعات والخمس والزكاة علاوة على «التاكسات» مقابل الخدمات «الأونطة» التي تُقدّم إلينا ويضحكون بها علينا.
خذ مثلاً فـي أكبر مركز عربي للخدمات، يعمل موظفون عديدون، ربما أكثر من المراجعين، ويحمل اسماً طويلاً عريضاً، ولكن «طول بلا غلة» كما يقول المثل. البسطاء من أهلنا وناسنا، وخصوصاً القادمون حديثاً إلى ديربورن وما حولها، يشتكون ويتذمرون، من المعاملة بطيش ونزق من قبل بعض الموظفـين المرتخين، كمن اشتد عليهم الصداع من قلة النوم والوهن من قلة الراحة، وباليأس من الحياة بسبب منظر المراجعين المتأففـين من دفع التسعيرة لكل سؤال ولكل طلب مساعدة لملء إستمارة أو استشارة.
أيضاً، هناك سؤال يشغل بال البسطاء الطيبين الكثيرين فـي هذه الجالية، وهو برأيي سؤال وجيه معقول نتقدم به إلى المهندزين – بالزاء – والمخططين والدارسين الفهمانين، الذين بحثوا وخططوا واقتنعوا بالمكان لإقامة المتحف العربي الأميركي فـي ديربورن. «اسم فخيم أليس كذلك»؟؟ لكن فـي مكان تعيس كئيب «مزروك» بين بنكين على شارع ميشيغن العريق. فقط لو أعرف من هو «المهندز» الخبير الفهيم المثقف، ذو العلوم والمعارف، لأسأله كيف سولت له نفسه تخطيط وتنفـيذ بناء المتحف العربي فـي تلك البقعة البائسة فـي ديربورن؟؟ وكيف كانت له القدرة على إقناع حشد المتعهدين والخبراء والسماسرة، وممن يلوذ بهم من المهندسين وموظفـي البلدية الخبراء المراقبين والناشطين فـي خدمة مواطنيهم الأعزاء، بأساليب تلبس ألف زي وتحمل ألف شعار، وتعلن عن تلك الخدمات والنشاطات فـي الإذاعات والإعلانات والفـيسبوكات، وكيف استطاع هؤلاء المتهالكون فـي خدمة المغتربين، الموافقة والمصادقة لصرف الملايين فـي بناء صناديق من الإسمنت خالية من الذوق ومن فن العمارة العربي العريق والمشهور والمشهود له، المنتشر فـي بقاع العالم، ثم أطلقوا عليه اسم المتحف العربي، مبنى أمامه شارع ميشيغن المزدحم بالسيارات والمركبات ووراءه زقاق، المرور فيه يفقع المرارة وممر خالٍ من مساحة خضراء.
هذا هو المتحف العربي فـي ديربورن، قد يكون من الداخل يحوي رسوماً ونقوشاً وخطوطً جميلة ورائعة عن الفن العربي الإسلامي، لكن من الخارج للأسف منظره يجعل العربي الغلبان يسأل لماذا وكيف هل ضاقت ديربورن بما رحبت عن مساحة مناسبة؟؟ تماماً مثل القوس الذي يتقدم بناء المركز العربي للخدمات على شارع شيفر، قوس فريد وحيد، عن جد ما هو المعنى وما هو المغزى لوجوده وبنائه؟ وفوق ذلك أنت وأنا أيها الإنسان العربي الذي ظلمنا الزمن، عليك أن تدفع فقط أو باسمك تأتي التبرعات.
Leave a Reply