خليل إسماعيل رمَّال
الحوار غير المنتج بين المقاومة وتيار «المستقبل» يجب أنْ يتوقف حالاً حتى لا يكون مسعفاً لآل سعود ومجازرهم، كما يجب القطع مع حكومة رأسها تابع لهم.
الخطاب العالي النبرة الذي صدر عن السيِّد حسن نصرالله حول عدوان العائلة المالكة على اليمن واصفاً أعضاءها بأنهم تنابل، حاذرت الرياض الرد عليه مباشرةً بل بالمواربة فأمرت مواطنها السعودي بالكلام نيابةً عنها فلم يطلع معه إلا اتهام السيِّد بإثارة عاصفة من الكراهية ضد «الأيادي البيضاء» (مثل الثلج الأسود) لآل سعود. كما أنَّ رد الحريري قد يخدمه أيضاً فـي مسعاه لتجديد ولائه لآل سلول الجدد خصوصاً لمحمد بن نايف بعد أنْ وصفه فـي «ويكيليكس» بأنه سفاح ابن سفاح. عدم الرد المباشر على السيِّد نصرالله له أسبابه، رغم كشفه لدور العائلة السعودية بشكل لم نعهده أو نسمعه منذ عقود بسبب شراء الذمم الإعلامية من قبل أمراء البترودولار عبر سياسة الحقائب المليئة بالمال، وإلا كيف نفسِّر تحول ساقطة مثل ماريا معلوف بهذه السرعة من متحالفة مزعومة مع محور المقاومة إلى منافقة متزلفة لآل سلُّول لدرجة تمني تفجير نفسها بالسيد حسن نصرالله؟! حتى تلفزيون «الجديد» يبدو أنه هذه الأيام على خطى ماريا التي عرف آل سعود كيف يعلفونها وغيرها من مرتزقة الإعلام والصحافة.
فمنذ الزعيم الخالد جمال عبد الناصر الذي وصف حالة هستيريا سعود الأول من الثورة اليمنية ومؤامرات نظامه الرجعي بحق الشعب اليمني الذي هبَّ للقيام بثورته ضد حكم الإمامة، لم يجرؤ إلاَّ القليل من الزعماء على تسمية التواطؤ السعودي باسمه الحقيقي ومن بين هؤلاء الرئيس المناضل بشَّار الأسد الذي وصفهم بأشباه الرجال والسيِّد حسن نصر الله الذي قلَّدهم صفتهم الجديدة القديمة.
بالنسبة للرئيس الأسد، تكالبوا عليه وثاروا لـ«شرفهم» الرفـيع الذي لم يسلم من الأذى وانتقموا من سوريا شر انتقام. أما فـي حالة خطاب السيِّد نصرالله فتركوا المواطن السعودي مع سفـيرهم الموظف علي عواض «الأسيري» يقفان فـي وجه الثريا مع الحرص الشديد على إبقاء الحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» من أجل تحييد لبنان عن أتون الصراع، ليس إكراماً لعيون اللبنانيين بل لأنَّ مصلحة حكام آل سعود تتطلب ذلك فـي المرحلة الراهنة.
إذاً الحوار غير المجدي مستمر ما دام يخدم آل سعود فـي هذه الفترة التي هم منشغلون فـيها بتدمير اليمن كدولة ومؤسسات وبنى تحتية تحت ذريعة دعم «الرئيس الشرعي» وإجبار الحوثيين على تسليم سلاحهم، أي إنَّ السعوديين، مثل صنائعهم «الدواعش» حيث إنَّ التسليم بالنسبة لهم هو الخضوع للذبح أو كالطلب من الرئيس الأسد بالتنازل عن الحكم للإرهابيين المجرمين على أساس انهم من أهل الحضارة والرقي والتسامح النابع من المدرسة الفكرية الوهَّابية التكفـيرية الإجرامية الالغائية الموبوءة.
آل سعود يهمهم الحوار الآن حتى لا يتلهون بفتح جبهة جديدة فـي لبنان فهم لم يُعرف عنهم أنهم متعدّدو المهام عندما يكونون غير ثملين (Multi task). كما ان هدف السعوديين من الحوار هو عدم توريط أذنابهم فـي معركة ستكون قاضية عليهم إلى الأبد فـي ظل ميزان القوى العسكرية المائل لغير صالحهم. لذا يجب أنْ يتوقف الحوار وخصوصاً بعد كلام اللاتمام سلام فـي قمة المعزى على غنم فـي شؤم الشيخ. واستناداً لموقف سلام المؤيد للعدوان السعودي، كان على شبه الوطن أنْ يشارك السعودية بقصف اليمن عبر سلاح الجو المؤلف من طائرتي هوكر هنتر المصنوعتين عام ١٩٥٢. سلام وجماعته منحازون للسعودية فما نفع هذه الحكومة؟ كذلك فالبلد العجيب الغريب الأطوار ماشي حاله حتى من دون رئيس للجمهورية فليرحل تمَّام إذاً ومن لف لفه إلى غير رجعة ولم الأسف عليها وفـيها أشرف ريفي أو أليس شبطيني محررة العملاء وإحدى حواريات ميشال سليمان الفكرية؟
آل سلُّول يستعملون كل أوراقهم اليوم ويلعبون بالورقة الأخطر وهي إنشاء حلف مذهبي جديد يشبه حلف بغداد ضد عبد الناصر، أساسه السعودية وتركيا والأردن ومشيخات الخليج وباكستان وليست إسرائيل غريبة عنه، من أجل تحوير الصراع ضد إيران. لقد تفرق العرب عن حقهم بسبب مصالحهم الضيقة التافهة وتوحدوا على باطلهم كما توحدت بندقيتهم المجرمة على الشعب اليمني وتفرقت عن تحرير فلسطين. حتى مصر الأبيَّة حولها كافور الجديد إلى دولة تشارك آل سعود فـي إراقة الدماء اليمنية البريئة.
أحط الحكّام فـي العالم لم يجتمعوا ضد إيران الشاه الذي كان يذلهم ويرهبهم ويرعبهم ويذيقهم المر، فأيام الطاغية بهلوي لم يكن الشعب الإيراني فارسياً أو شيعياً كما هو اليوم. لكن الذي لا يعرفه حكام الخليج هؤلاء إنَّ الجمهورية الإسلامية لا تحتاج للسيطرة واحتلال هكذا مشيخات متخلِّفة تشرب بول البعير وتمنع المرأة من حق الحياة الكريمة، وإيران لو أرادت لاحتلت مكان اسرائيل لدى الغرب عامة والولايات المتَّحدة خاصة ولو أرادت غزو الخليج لما وقفتْ هذه الجيوش الورقية فـي طريقها!
إن أوراق القوة التي يحملها الحوثيون وكافة أبناء الشعب اليمني الطيِّب لم تُستعمل بعد وإذا استمر العدوان فسيتم تدمير باب المندب، وهو معبر النفط الى العالم، وسيتحطم الممر على رأس مجلس التعاون الخليجي والرؤوس التي أينعت وحان قطافها.
Leave a Reply