بلال شرارة
فـي ذلك العالم, العالم الجديد- المسحور، الذي نحن مأخوذون به، تصبح الحقائق مشاهد معكوسة، مضحكة تستهزىء بنا، تلدغ بلاهتنا كما هو أمرنا عليه.
فـي ذلك العالم، المرسوم المتحرك الأخّاذ، نستحيل صغاراً فـي عالم فـيلم الكرتون الذي نعيش، الفـيلم الاميركي الطويل الذي يستمر الى آخر مشاهد فـي صالته ثم يمضي الى اللانهاية.
ذلك العالم، عالم «والت ديزني»، هو الذي ندخل نظام تحكمه وسيطرته، ندخل نظامه: الصغير فـي المقدمة، ثم الطويل فالأطول. نضع ايدينا على كتف بعضنا البعض ونباعد ما بين الساقين، نتراصف ونستعد، ثم ندخل الصفوف من اجل اعادة صياغتنا وملاءمتنا مع الامر الواقع فـي عملية كاملة لغسل القلوب والادمغة.
ثم…
ثم ماذا؟
جدة ليلى أكلت الذئب المسكين! الذي كان يحمل الطعام الى ابنائه! وليلى التبس عليها الامر، وعندما صحت الى نفسها زورت الحقائق ، وحولت القتيل الى قاتل… البسته ثياب الجدة، وضعت النظارات على أرنبة انفه، ثم تحايلت عليه وفرت من بين يديه، وصاغت الحكاية على نحو ما تواترت الينا عن جدنا عن ابينا…
فـي عالم «والت ديزني» الجميل… الخيالي، الكذبة تطارد الحقيقة الى خارج الشاشة، ونحن منذ الصغر تنشد عيوبنا الى الصورة المقلوبة للواقع ، فتسبق السلحفاة الارنب فـي «رالي» السياسة و!!
فـي نظام عالم «والت ديزني» الجديد، كل شيء مسحور منحبس فـي كرة بلور، على مرمى عين ساحر شرير، يحول الاشياء ويمسخها… ساحر وليس ساحرة تمتطي «مقشتها» وتطير… ساحر يملك نظام مراقبة كونياً، من الاعلى اقمار اصطناعية ونظام استماع وتشويش يجردك من الحواس وتصبح حيواناً.
عالم دمى متحركة…
الضحية تنجذب فـيه الى جلادها، تسفك قضاياها قرباناً على مذبح ارادته.
هكذا الامر فـي ذلك العالم الأخّاذ، عالم الاستعراض «ميكي ماوس» و«توم اند جيري»، «الشرق الاوسط الجديد» وفـيه «الجوار الليبي» و«مجلس التعاون الخليجي» و«المكونات اليمنية» و«المكونات العراقية» و«عاصفة الحزم» و«5+1» و«اصدقاء لبنان» و«اصدقاء سوريا» و«اصدقاء العراق» واصدقاء احلامنا وكوابيسنا دمى ضاحكة باكية مستلبة، صور لمضمون معكوس فـي الأداء يحشر الانسانية فـي حديقة حيوان.
ذلك النظام المسيطر يحركنا بخيطانه على مسرح عرائسه، ثم يجمعنا فـي صندوقه متى انتهى العرض.
لماذا حدث هذا الامر؟ كيف ومتى؟ وكم سيستمر؟ اسئلة معلقة على قامة الهزيمة التي تستمر بالنمو، وتستكمل صورتها من مشعل الحرية فـي نيويورك الذي يستمد ديمومته من اشتعال مئات من آبار النفط الخالص ، ومن تحويل فلسطين الى ذاكرة الامس ومراكمة الصدأ على حجارتها والى ذاكرة دولة مستحيلة حيث لم تبقَ المستوطنات أرضنا لاقامة الدولة الفلسطينية المنشودة ، ومن استدراج اللاءات العربية الى حقل الـ«نعم» الناعمة المخدرة.
حدث هذا الامر وانتهى ربما فـي كل تاريخ منذ مطلع العام الحالي ونحن نحصد النتيجة وربما فـي تاريخ مستمر منذ الولادة الاولى… ولكن الى متى سيستمر؟! جواب معلق على صهيل فرس عربية أصيلة، تكر ولا تفر، نبعت من حدود الحلم الذي نستيقظ منه على حقيقة وجودنا.
Leave a Reply