مريم شهاب
بداية، أحب أن أتقدم إلى أهلنا وجيراننا، أحباء المسيح العظيم، بأحر التهاني والتمنيات المباركة فـي عيد القيامة على أمل أن تكون قيامته سلاماً على الأرض ومسرة فـي النفوس.
هذا المقال كتبته بمناسبة الأول من نيسان حيث الكذب مسموح فـيه.
علمونا فـي مدارس الضيعة زمان، أن السعادة التي يطلبها الإنسان ويسعى وراءها ويظل يسعى حتى يموت جوعاً أو شبعاً، ويشعر فـي النتيجة أن السعادة ليست فـي شيء مما حصل عليه ودار حواليه، وأفهمونا أن المال ليس شرطاً للسعادة الحقيقية، بل مجموع شروطها كافة هو أن تكون بسيطاً وعفوياً وحقيقياً كإنسان الغابة الذي يحب من يشاء وما يشاء وكيفما يشاء. يحب الشجر، الينابيع والعصافـير والهواء وزرقة السماء ويفرح لشروق الشمس ويرقص لغروبها ويغني لنجوم الليل ويأكل الثمرة من الشجرة ويشرب الماء من النبع. كل ذلك كلام جميل وكلام معقول.
المال لا يشتري السعادة، كليشة، نسمعه ونقرأه ويردده علينا فـي الأفلام القديمة، أفلام الرومانسية بالأبيض والأسود، الممثلون الذين يعيشون فـي القصور والسرايا ويرفلون فـي الثياب الجميلة ويأكلون أطايب الطعام بأيدي السفرجية والخدم والحشم. أيضاً المسلسلات الرمضانية، لا تفتأ تردد وتعيد إن الفقر «مش عيب». أيضاً تشحن لنا الصحف والمجلات والجرايد، البراهين والدلائل بأن المال هو «وسخ الدنيا» عندما تردد أخبار المليارديرية والمشاهير وتركز على معاناتهم من الاكتئاب والوحدة والإدمان والانتحار.
لكن الواقع والحياة اليومية تقول لنا عكس ذلك ونتأكد كل يوم أن المال حاجة أساسية يصعب أن نكون سعداء بدونها، وأن الفقر ليس فضيلة يجب أن نتغنى بها كما يحاولون الترويج منذ القدم. وهي بدون شك كذبة، لا بل أكبر كذبة فـي التاريخ أن المال لا يشتري السعادة، ساهم فـي ترويجها الاشتراكيون وأصحاب الملايين، وتجار القضايا وأباطرة الحروب والفاشلون الكسالى، والدعاة إلى التخلف، وبعض رجال الدين، الذين يكنزون الذهب والفضة ثم يروجون بأن «طوبى للمساكين والفقراء لأنهم يرثون ملكوت السماء».
أيها السادة، لا نريد ملكوت السماء، نريد العيش بكرامة على الأرض مثلاً. المرأة التي يقهرها زوجها بزواجه المتكرر أو بالخيانة، «على عينك يا تاجر» ولا تستطيع أن تفعل شيئاً، كونها ليست مستقلّة اقتصادياً وبالتالي هي لا تملك حرية القرار والتحرك، ولا تجد أمامها سوى الاستسلام والصمت، عندها تدرك جيداّ أهمية المال فـي حفظ كرامتها.
أيضاً هناك آباء عديدون لا يستطيعون تحقيق رغبات أولادهم وحاجاتهم الأساسية. العديد من الشباب، عاجزون عن الالتحاق بالجامعات التي يريدونها لتحقيق طموحاتهم.
العديد من الرجال لا يستطيعون الزواج وتكوين أسرة لأن تكاليف ذلك فوق طاقاتهم وطاقة أهلهم. هذا عدا عن الأطفال المرضى الذين لا يملك أهلهم ثمن علاجهم وتخفـيف معاناتهم. فـي هذه المواقف ندرك جيداً مقولة، أن المال لا يشتري السعادة، هي خدعة كبيرة صدّقها الناس.
حتى الإبداع، يشوشه الفقر ويعيقه كثيراً. ونكسة المبدع، فـي أي مجال كان، تكون أكثر إيلاماً إذا كان جيبه فارغاً. فالمبدع هو إنسان فـي حاجة إلى إشباع بيولوجي وتأمين ظروف معيشته وتوفـير الدعم المادي كي يكتب أو يعمل باطمئنان وهدوء. المال الذي يلبي احتياجات الإنسان الأساسية ويترك له الحرية للإبداع واختيار ما يريد ويساعده على إشباع رغباته وتحقيق طموحاته هو نعمة. «واليد العليا خير من السفلى» والحقيقة أن المال يمنحنا الشعور بالأمان والحرية والكرامة والاستغناء عن الآخرين وكل هذه الأمور هي مقومات السعادة الأساسية. وهذا كلام صحيح وليس كذبة أول نيسان.
Leave a Reply