صخر نصر
مساء الاثنين الماضي كانت امرأة اميركية تنظف ممر المشاة على الجانب الشرقي (للغرين فـيلد) قرب تقاطعه مع شارع فورد، كنت غير بعيد أجلس، أراقب تلك المرأة وهي تلتقط الاوراق وبقايا أكواب القهوة وعلب الكولا الفارغة والاوساخ، تجمع ماتلتقطه يداها فـي كيس اسود وتنطلق مجددا لتجمع ما ذرته الرياح بالقرب من السياج المعدني الطويل المحاذي لشارع (الغرين فـيلد).
اقتربت من المرأة الخمسينية لاسألها عن عملها، معتذرا بداية عن ركاكة لغتي الانكليزية، فابتسمت وقالت لاعليك سأفهم ماستقوله، كان لدي فضول لأعرف ماإذا كانت تقوم بهذا العمل بأجر أم أنها تنظف الشارع من تلقاء نفسها؟
قالت: بعد أن ذاب الثلج رأيت أن من واجبي أن أقوم بتنظيف الشارع ولما شعرت بدفء النهار انطلقت منذ قرابة الساعة لأساهم فـي تنظيف مدينتي ديربورن، وهذا واجب على كل منا لتبقى مدينتنا نظيفة ومرتبة. وأضافت: نحن عدد من الأصدقاء نقوم معا فـي غالب الأحيان بأعمال تطوعية نقوم من خلالها بأعمال خدمية فـي مناطق مختلفة فـي الحدائق والشوارع وحول المدارس وقرب البحيرات و(الباركات)، وللأسف أصدقائي وصديقاتي لم يتمكنوا اليوم من مشاركتي فخرجت وحيدة لأقوم بهذا العمل.
قبل نحو سنتين وبعيد سكني فـي ديربورن كان هناك مجموعة من الأسر، رجال ونساء وأطفال، ارتدوا زيا موحدا وكانوا ينظفون شارع وارن، سألت أحدهم يومها عن هؤلاء فقال لي: إن على هؤلاء حكما من المحكمة سيؤدونه فـي مجال الخدمة العامة وانتهى الأمر، وبعد يومين وكنا نعد لإصدار العدد فـي (صدى الوطن ) شاهدت صورهم وعرفت عندها أن هؤلاء جاؤوا متبرعين للقيام بحملة نظافة لـ (وارن ) الشارع الرئيس فـي ديربورن وأنهم يؤدون هذه الخدمة من تلقاء أنفسهم.
سنتان فـي ديربورن ولم أسمع بأن أحدأ من أبناء الجالية دعا إلى عمل تطوعي فـي مجال الخدمة العامة، ولا فـي أي مجال، ويبدو أننا نحن أبناء الجالية بعيدون عن ثقافة العمل الطوعي فـي مجال الخدمة العامة، و كأن المنطقة التي نعيش بها لاتحتاج إلى شيء والواقع عكس ذلك تماما، فالآخرون أتوا إلى ديربورن للعمل فـيها يوم الأحد، قاموا بعمل تطوعي من أجلنا،وهذا شيء رائع، وتلك المرأة التي كانت تنظف ممر المشاة على الغرين فـيلد كانت تقوم بعملها بالدافع نفسه، أما نحن فلا نقوم بمثل هذا لا عند الآخرين ولا عندنا فثقافة العمل الجماعي التطوعي غير موجودة للأسف بيننا، ولابد من إعادة النظر فـي ذلك والمبادرة لتشجيع الشباب والصبايا على القيام بأعمال تطوعية لتنمية هذه الذهنية فـي الوسط العربي الأميركي فالمسألة ثقافة العطاء العام،ولابد من جهات تنظم ذلك سواء من قبل المراكز الدينية و الثقافـية أو وسائل الإعلام، المهم أن تبادر جهة ما للدعوة إلى تعزيز العمل التطوعي من قبل أبناء الجالية أيام العطل الأسبوعية والمشاركة بها من قبل الجميع شيبا وشباباً للمساهمة الفعالة فـي جعل الحياة أجمل وأفضل.
Leave a Reply