خليل إسماعيل رمَّال
اتفاق الإطار الأولي بين إيران والدول الغربية هو أهم إنجاز للجمهورية الإسلامية بكل المقاييس واعتراف بها من قبل العالم وبدورها الإقليمي والدولي المتنامي بعد الثورة عام ١٩٧٩ وتدليل على بلوغها مرحلة النضوج والوعي والرشد بعد أنْ كانت توسم بالتطرف والإرهاب فـي حين أنَّ دولاً مثل مملكة آل سعود التي صُنِّفت معتدلة، أصبحتْ تقوم بتهورات لن تجر المنطقة إلاَّ إلى الدمار والخراب.
ولهذا السبب يعود سر الهجمة الشرسة لبنيامين نتنياهو وآل سعود ليس بسبب الاتفاق بحد ذاته بل بسبب ظهور إيران كطرف مؤثر على الساحة الإقليمية والدولية وليس بالضرورة لقدرتها النووية بل للإنجازات العلمية والاقتصادية والعسكرية الضخمة التي حققتها على الرغم من الحصار الغربي والمحاربة الدولية لها والحروب المتتالية عليها منذ انتصار الثورة، أولها من الطاغية صدَّام حسين الذي استخدمته السعودية ومشيخات الخليج ثم تركَتْه منبوذاً لمصيره الأسود بعد أنْ انتهى دوره.
حرب نتنياهو وآل سعود على إيران ليس بسبب القنبلة الذرية بل خشيتهم من تطور وتقدم إيران عليهم. فقد أورد الكاتب سامي كليب بعض أرقام النمو فـي إيران منها: صعود إيران إلى المركز ١٧عالمياً بإنتاج العلوم واحتلالها المركز الأول فـي معدل النمو فـي الانتاج العلمي المنشور. كذلك ارتفعت نسبة المتعلمين فيها من ٥٠ بالمئة قبل الثورة، إلى ٨٦ بعدها. ووصلت إلى محو شبه كامل للأمية.
ثم عام ٢٠١٢ أصدرت إيران أكثر من ٣٨ ألف عنوان كتاب، وتطبع أكثر من ٢٥٠ مليون نسخة كتاب ومن ثم فهي تحتل المركز الأول بإصدارات الكتب فـي الشرق الأوسط والعاشر عالمياً. كما تحتل المرتبة ١٢ بإنتاج السيارات فـي العالم، والأولى فـي الشرق الاوسط حيث تنتج أكثر من مليون سيارة فـي العام .
وإيران أطلقت قمرين صناعيين إلى الفضاء بتصنيع محلي، وأرسلت قرداً وعاد حياً من الفضاء.
وكانت إيران تستورد القمح من دول نائية والآن حققت الاكتفاء الذاتي وهي محاصرة . كما كانت محكومة بآفة الاعتماد على النفط، فقلصت الاعتماد عليه إلى أقل من ٣٠ بالمئة من ميزانيتها.
رُبَّ قائل إنَّ إيران تنازلت كثيراً وخسرت إمكانية صنع قنبلة ذرية، ولكن ماذا خسرَتْ فعلاً من أمرٍ هي التي حرَّمته من خلال فتوى الإمام السيِّد علي خامنئي؟! ثم أنَّ الحروب لا تُخاض بالقنابل النووية اليوم وإسرائيل التي تملك ١٠٠ قنبلة من هذا النوع خير مثال على أنها رغم ذلك مردوعة ومهزومة من قبل المقاومة على الرغم من أنف السنيورة!
أما السعودية فهي فـي وضع لا تحسد عليه مما جعلها تستشرس وتتخبط كالأعمى فتضرب المناطق السكنية فـي اليمن وتحاول كم الأفواه والحرية الإعلامية فـي لبنان. فبعد تهديد سفـير آل سعود «بوضع حد» لجريدة «الأخبار» الوطنية، تم الاعتداء عليها إلكترونياً مما أدى إلى توقفها مؤقتاً. وبدل أنْ يقف كل الاعلام فـي شبه الوطن ضد هذا الهجوم السافر، كما وقف القرَّاء المخلصون تضامناً مع جريدتهم الحرّة، هبَّ موظفو آل سعود فـي الحكومة اللبنانية وخارجها للدفاع عن أسيادهم، فقام المدعو وزير الاعلام رمزي جريج الذي من مهامه الحرص على الاعلام الوطني وحريته ومنعته، بتجاهل خرق سفـير السعودية للبروتوكول الدبلوماسي والشرف الوطني ثم قدم اعتذاراً للسعودية لأنَّ تلفزيون لبنان الرسمي عرض مقابلة السيِّد حسن نصرالله مع الفضائية السورية بحجة أنَّ لبنان ينأى بنفسه عن الوضع فـي سوريا، أي النأي بالنفس هو عن الأخبار أيضاً (رغم ان التلفزيون حصل على المقابلة من تلفزيون «المنار») وفقط عن سوريا التي ليست دولة عدوَّة (بعد) وتشترك مع لبنان فـي معاهدات واتفاقات إعلامية وأمنية ودفاع مشترك (إتفاقية الدفاع العربي المشترَك لم يُعمَل بها إلا مرة واحد ولشن الحرب على اليمن، لا فـي لبنان ولا فـي سوريا ولا فـي العراق وأكيد أكيد أكيد لا فـي فلسطين). لقد بق باراك أوباما البحصة عندما قال فـي مقابلته الاخيرة أنَّ على دول الخليج، وهو يقصد السعودية بالذات، أنْ تخاف سخط شعوبها قبل إيران.
فـي عام ٢٠٠٦ عندما غزت إسرائيل لبنان وأحدثت فـيه الدمار الهائل فـي الأسبوع الأول من الحرب، وقف آل سعود مع المجرمين الصهاينة ووصفوا المقاومين بالمغامرين كما تعهد سعد الحريري يومها المقاومة بالمحاسبة. واليوم اثبت السعوديون انهم هم المغامرون وأنه قد طار صوابهم من احتمال وجود دولة يمنية مستقلة على حدودهم ومن فشلهم فـي سوريا والعراق، ولكن التاريخ قال كلمته بحق كل عدوان وانتصار الشعوب فـي النهاية محتوم والتاريخ لن يرحم الغزاة.
Leave a Reply