فاطمة الزين هاشم
ارادته حبيبا وزوجا وصديقا تتكىء على كتفه كلما ارهقها الزمن، ارادها ضعيفة تابعة لة ولكل من حوله، منزوعة الشخصية منحنية الراس لأناس لا تستحق حتى التحية، رغم ذلك تزوجته وانجبت منه، وعملت فـي شتى الميادين لتأمين احتياجات العائلة، ومساعدته والوقوف الى جانبه بكل ما اوتيت به من قوة وإخلاص بل فـي اغلب الأحيان كانت تتجاسر على قواها حتى لا تحرم اولادها من شيء يشتهونه ويرغبون باقتنائه.
كانت محط انظار الجميع بما تتمتع به من قوة فـي الشخصية وجمال وجاذبية وذكاء ونشاط وكفاءة وابداع فـي العمل.
نالت شهادات تقدير عدة فـي وظيفتها ونجحت فـي نيل الاحترام من كل من عرفها لثقافتها الواسعة، وحبها فـي مساعدة الناس، كل هذا لم يكن يعني شيئاً لهذا الزوج، الذي لو اجتمع باحثو العالم النفسيون وحاولوا دراسة حالته المعقدة وغموضه الرهيب لما وصلوا الى نتيجة تفسر سيكلوجيته المعقدة.
لم تسمع هذه الزوجة يوما كلمة ثناء أو شكر تثلج صدرها، بل كانت دائما بنظره اينقصها كل شيء، محاولا تحطيمها ليغطي على ضعفه، رغم كبر سنه يعيش تحت وصاية الذين ساهموا بخراب بيته وحياته، ومنساقا فـي الوقت نفسه وراء رغباته الرخيصة التي جعلته شاحباً، يحمل بين قسماته تعاسة العصر وغباء البشرية، يصطف داخل عينيه طابور النزوات اليومية.
لقد انطمست عيونه ولم يعد يفرق بين المحُبة المخلصة التي لا تريد له الا الخير وبين صاحبة المصلحة القادمة من بعيد لسرقة شبابه وجيوبه، تراه من بعيد يحمل على عاتقه سنين القهر والغبن لكنه فـي الحقيقة اوكل بها لزوجتة المخلصة، التي لو تزوجت من غيره لصنع لها تمثالاً من ذهب تقديرا لعطاءاتها وكفاحها وتحملها مسوولية عائلةلم يعرف يوما عن ملبسها شيئاً او من اين تبتاع الثياب.
جرت النقود بين يديه واصبح بامكانه شراء كل شيء، هجر عائلته وترك زوجتة واولادة يلاطمون الامواج العاتية من كل صوب، بدل ان يغمرهم بعطفه وحنانه ويعطيهم الامان والاستقرار النفسي. نسي سنوات العشرة الطويلة التي امتدت الى ثلاثة عقود ونيف كما نسي ان النقود التي كانت تجنيها الزوجة صرفتها على بيتة واولاده ولم تترك لنفسها شيئاً منها. سالته ذات مرة لماذا لم تشتر حتى كرسياً لبيتك منذ ان تزوجنا هل انا المسؤولة عن شراء اثاث المنزل؟ كانت المفاجئة وخيبة الامل بزوج ليس له امان حين قال: «انا احاول ان تشتري انت كل شيء للمنزل حتى اذا حصل شيء بيننا لا اخسر شيئاً من جيبي» فما هو رأيكم بشبه الزوج هذا ألم يكن مبيّتا لنواياه السيئة الدنيئة.
علمت الزوجة فـي ما بعد انة على علاقة بزميلة لة فـي العمل وخوفا من اكتشاف زوجتة للحقيقة ووقوع انفصال بينهما، عندها يكون قد خرج بدون خسائر، ضاربا عرض الحائط بواجباتة الدينية والزوجية، وما يفرضه عليه العرف الذي يحدد واجبات الزوج من تامين مسكن وحياة رغيدة لعائلتة، وامان نفسي ومعنوي، اليست هذه الدنيا عجيبة الناس ينسون بسرعة ما قاتلوا من اجله واستماتوا للحصول عليه، ينسون سهر الليالي على ابواب من احبوا، ومن حفـيت اقدامهم من السير فـي الشوارع المطلة على بيوت كانت بمثابة معبد يرتلون حوله سيمفونيّة الحب والاخلاص.
قف ايها العمر الهارب الخائف من الظلال المبهمة فـي زمن اصبح النفاق فـيه هو العملة المتداولة بين الناس وعالم غني بالتناقضات.
Leave a Reply