طالبت منظمة تُعنى بالمساواة بين الجنسين، الرئيس باراك أوباما بوضع صورة امرأة على العملة الورقية من فئة ٢٠ دولار أميركي. وتتصدر قائمة التصفـية النهائية لأسماءالمرشحات لتبوُّأ هذا الشرف من ضمن حملة «العملة الورقية العشرون»، أول امرأة تنتخب زعيمة لقبيلة شيروكي الهندية الأصلية وذلك لأول مرة فـي تاريخها، ويلما مانكيلر، ورائدة الحقوق المدنية روزا باركس، والسيدة الأولى والناشطة فـي مجال حقوق الإنسان إليانور روزفلت. وداعية إلغاء نظام الرقيق الافريقية الأميركية هارييت توبمان. التصويت لصالح المرشحة النهائية مفتوح للجمهور على الموقع: womenon20s.org/vote2
نحن ندعم وندعو العرب الأميركيين الى التصويت لصالح شخصية تاريخية من الإناث اللواتي ساهمن فـي عزة ورفعة أمتنا، لوضع صورتها على عملة العشرين دولاراً. وخيارنا المفضل من بين المرشحات الأربع فـي التصفـية النهائية هو أسطورة الحقوق المدنية روزا باركس.
فقد رفضت باركس فـي الأول من كانون اول (ديسمبر) عام ١٩٥٥ التخلي عن مقعدها فـي حافلة للنقل العام فـي مدينة مونتغومري بولاية ألاباما مما هز ضمير أمتنا وأظهر شرور الفصل العنصري، كما كان تصرفها الاحتجاجي الشجاع بمثابة الشرارة التي أشعلت فتيل حركة الحقوق المدنية فـي البلاد وأطلقت تحرك داعية الحقوق المدنية القس الدكتور مارتن لوثر كينغ، وأظهرت أن عملاً متواضعاً سلمياً بسيطاً من التحدي يمكن أن يحدث فرقاً تاريخياً. لقد اثبتت باركس بما لا يقبل الشك واصبحت برهاناً متجولاً بأن التغيير يبدأ مع الفرد.
الولايات المتحدة هي أمة ذات تاريخ من القمع المتوازي مع تطور الحقوق المدنية والحريات الاساسية. وقد نشأت البلاد على أساس مبادىء العدالة والمساواة المستنيرة، ولكن معظم مؤسسيها كانوا من مالكي العبيد. حتى بعد الحرب الأهلية، عانى الأميركيون من أصل أفريقي من قوانين جيم كرو والتمييز القانوني لمئة سنة مقبلة فـي الولايات الجنوبية. وحتى اليوم لا يزال المجتمع الأسود يقع ضحية وحشية الشرطة والنظم القانونية المنحازة والسياسات الاقتصادية التي تحد من الحراك الاجتماعي والتقدم الاقتصادي للأميركيين الأفارقة.
التعديل التاسع عشر للدستور منح المرأة حق التصويت فـي عام ١٩٢٠. لكن بالنسبة للنساء الأميركيات من أصول افريقية، بقيت القيود التي فرضتها اغلب الولايات الجنوبية على التصويت حتى تاريخ انتصار حركة الحقوق المدنية فـي رفع تلك القيود. ورغم اكتساب الرجال السود حق التصويت مع إقرار التعديل الرابع عشر من الدستور فـي عام ١٨٦٨، شكلت امتحانات «محو الأمية» وضرائب التصويت التي كانت تفرض على الناخبين آنذاك عقبة امام الأميركيين من أصل أفريقي فـي ممارسة حق الاقتراع، واستمرت حتى الغائها مع تمرير قانون حقوق التصويت عام ١٩٦٥.
باركس التي قضت السنوات الـ٤٠ الأخيرة من حياتها فـي ديترويت، تجسد النضال المستمر للمرأة والأقليات.
ونحن كعرب أميركيين، ننظر إلى المناضلة باركس كرمز وقدوة. فنحن، أيضاً، اليوم نتعرض لتمييز عرقي واثني من نوع آخر وان لم يطلب منا أن نجلس فـي الجزء الخلفـي من الحافلة، لقد قيل لنا اكثر من مرة بأننا لا ننتمي لهذا الوطن، ويجب علينا أن «نعود من حيث اتينا».
حركة الحقوق المدنية التي سقت غرستها باركس بصلابة مواقفها، هي أفضل أنموذج للنضال من أجل الحرية والمساواة العرقية حيث يمكننا أن نتعلم من إرثها النضالي الطويل عملية التنظيم والتحشيد للدفاع عن حقوقنا ووجودنا فـي هذه البلاد.
وبغض النظر عن الفائزة بأكبر عدد من الأصوات فـي «حملة صورة العملة الورقية العشرين دولاراً» ينبغي على الرئيس اوباما ان يذعن لمطالب المبادرة التي قدمتها المنظمة، فالمرأة هي نصف المجتمع ويجب على الحكومة الفـدرالية ان تعترف بتضحيات المرأة من أجل هذه الأمة.
وزيرة الخزانة الأميركية فـي ادارة أوباما لديها صلاحيات واسعة مما يخولها اتخاذ القرار المناسب فـي هذه المسألة التي تخص عملتنا. والرئيس نفسه قال فـي تموز (يوليو) الماضي إن وضع صور المزيد من الوجوه النسائية على عملتنا «فكرة جيدة». فلم تظهر صورة واحدة من النساء أبداً على العملة الورقية، على الرغم من أن أمثال هيلين كيلر وسوزان ب. أنتوني قد ظهرت بشكل مؤقت على النقود المعدنية.
ولكن موضوع المساواة بين الجنسين والمال مسألة لا يمكن تحقيقها من خلال وضع صورة امرأة على عملة ورقية او معدنية، فوضع صورة لامرأة على الأوراق النقدية ليس كافـياً بحد ذاته رغم دلالاته ورمزيته. فالنساء مازلن يجنين ٧٧ سنتاً مقابل كل دولار يجنيه الرجل فـي وظائف مماثلة. فقبل التساوي بالصور ينبغي التساوي بالأجر للوظائف المتساوية وبموجب القانون. انها معركة مفتوحة وبحاجة لنضال مستمر باستمرار البشرية، والصبر مفتاح الفرج كما دلت تجربة روزا باركس.
Leave a Reply