كان توماس جيفرسون مؤيداً قوياً للحرية الدينية، ولكن سعيه للتثبت من فصل الدين عن الدولة فـي السياسة الأميركية أكسبه الكثير من الأعداء.
وبلغ التشهير به حد الذروة أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية المريرة عام ١٨٠٠. الخصوم الفـدراليون المعارضون لجيفرسون اتهموه بأنه ملحد وزنديق وزير نساء دون أدنى شعور بالأخلاق أو بالمسؤولية. وكانت النتيجة: فوز جيفرسون فـي الانتخابات. وعلى الرغم من أن جيفرسون كان مترددا فـي الحديث عن معتقداته الشخصية فـي الأماكن العامة، تكشف رسائله الخاصة انه كان رجلاً روحياً عميقاً أمضى ردحاً كبيراً من الوقت فـي التفكير بالله.
وتكريما لعيد ميلاد جيفرسون ال٢٧٢ نورد هنا خمس حقائق عن إيمان احد اهم المؤسسين للجمهورية الأميركية.
١- «انا طائفة بنفسي»: فـي رسالة مؤرخة ٢٥ حزيران (يونيو) ١٨١٩ لخص جيفرسون معتقداته الدينية بهذه الطريقة: «على قدر معرفتي الخاصة أنا طائفة بنفسي».
لقد كان كلامه انعكاساً صادقاً بإحساسه الفريد بروحانيته. تربى جيفرسون باعتباره أنجيلياً، ولكن مثل الآباء المؤسسين الآخرين، تأثر بالربوبية. وهي المدرسة الفكرية التي تعتقد بوجود الكائن الأسمى، لكنها أعطت الأولوية للعقل والعقلانية على العقيدة الدينية والتقاليد. جيفرسون قد يكون أظهر دعم الأرثوذكسية المسيحية فـي حياته العامة، لكنه رفض فـي حياته الخاصة التعاليم المسيحية التقليدية – بما فـي ذلك ولادة العذراء ومفهوم الخطيئة الأصلية والقيامة.
ولكن على عكس الآخرين من الربوبيين فـي عصره، كان جيفرسون مأخوذاً بالمثال الذي حذاه يسوع المسيح. وفـي حين أنه قد لا يكون يقبل بألوهية يسوع، لكنه كان معجباً بتعاليمه حول الأخلاق. فـي رسالة مكتوبة فـي عام ١٨١٩، قال جيفرسون لصديق إن تعاليم يسوع كانت «الخطوط العريضة لنظام الأخلاق الأكثر سامية الذي تراجع اكثر من أي وقت مضى عن الترداد بلسان الناس».
وفـي رسالة أخرى، كتب، «أنا مسيحي حقيقي، وهذا القول يعني، أنا حواري فـي مذاهب يسوع».
٢- جيفرسون الف كتاباً مقدساً خاصاً. لام جيفرسون كتاب الإنجيل، والرسول بولس، وغيره من قادة الكنيسة على إفساد رسالة يسوع على مر القرون. وفـي محاولة للتخلص من ما يعتقد أن يكون فائضاً، استخدم جيفرسون سكيناً لقطع أجزاء من الأناجيل التي تحدثت عن معجزات يسوع – مثل تغذية ٥ آلاف شخص بسمكتين وخمسة أرغفة من الخبز. ثم لصق معا الآيات المتبقية، التي تضمنت تعاليم وأمثالاً أخلاقية يسوعية. ونتج عن هذا الجهد كتاب «فلسفة يسوع الناصري»، مبوَّب حسب الموضوع.
فـي عام ١٨٢٠، قام جيفرسون بمحاولة أخرى لإعادة خلق الكتاب المقدس فلصق نماذج مكتوبة باليونانية واللاتينية والفرنسية والإنكليزية من العهد الجديد معاً، لتقديم رؤية شاملة للنص. كتابه الجديد كان رسمياًبعنوان «حياة وأخلاق يسوع الناصري»، واطلق عليه فـيما بعد «كتاب جفرسون المقدس».
٣- جيفرسون كان حاضراً دائماً فـي الكنيسة. شارك جيفرسون فـي حضور الكنائس المحلية طوال حياته، وفـي تقديم التبرعات واعتماد مقاعد فـي المقصورات له ولسكرتيره الخاص. كتب هنري أس. راندال، كاتب سيرة جيفرسون، أن جيفرسون «حضر الكنيسة مع قدر من الانتظام مثل معظم أعضاء الرعية- وفـي بعض الأحيان كان يسير وحده على ظهور الخيل، عندما كانت عائلته تفضل البقاء فـي المنزل».
٤- جيفرسون تشارك مع الدعاة المعارضين. فـي كفاحه من أجل الفصل بين الكنيسة والدولة، صادق جيفرسون كاهن المعمدانية جون ليلاند. ونتيجة كونه كاهناً معمدانياً فـي منطقة يغلب فـيها الطابع الإنجيلي النيو إنغلاندي، كان ليلاند يشهد فـي كثير من الأحيان اضطهاداً ضد زملائه من رجال الدين. ومثل جيفرسون، كان ليلاند يعارض بشدة أي دعم من قبل الدولة للدين.
فـي عام ١٨٠٢، قدم ليلاند لجيفرسون هدية عجيبة – عجلة عملاقة من الجبن. ووضع الكاهن الاقتباس المفضل لجيفرسون على قشرتها الحمراء التي تفـيد: «تمرد على الطغاة هو طاعة الله».
لا بد أن جيفرسون أحب الهدية الغريبة، لذلك فـي اول كانون الثاني (يناير) ١٨٠٢، وكان يومها الرئيس – دعا ليلاند ودولابه العملاق المصنوع من الجبن، إلى البيت الأبيض.
٥- جيفرسون عقد أول حفل إفطار فـي البيت الأبيض. والافطار هي الوجبة المسائية التي تؤكل من قبل المسلمين بعد صيام اليوم خلال شهر رمضان المبارك. فـي ٩ كانون الاول (ديسمبر) ١٨٠٥، دعا جيفرسون سيدي سليمان مليملي ممثل الدولة التونسي، إلى البيت الأبيض. وعادة يكون وقت تناول وجبة الطعام عند الساعة ٣:٣٠ بعد الظهر، لكن جيفرسون نقل وقت تناول الطعام ليتزامن بالضبط مع غروب الشمس، لتسهيل تطبيق المعتقدات الدينية من قبل ضيفه.
ووفقاً لوزارة الخارجية، فإن جيفرسون قد يكون قد استقى معلوماته عن الإسلام من الدراسات القانونية عن القانون الطبيعي، وأردفت وزارة الخارجية:
فـي عام ١٧٦٥، قام جيفرسون بشراء الترجمة الإنكليزية فـي مجلدين للقرآن الكريم لمكتبته الخاصة، وهي المجموعة التي أصبحت، فـي عام ١٨١٥، الأساس لمكتبة الكونغرس الحديثة.
Leave a Reply