بلال شرارة
بصورة عامة، ورغم أن الشرق مهبط الرسالات وموطن الحضارات، لا تستخدم المعايير فـي معالجات الشؤون العامة للحياة ودورتها، خصوصاً فـي مسألة السلطة وممارستها على جميع مستوياتها.
مسألة السلطة أو مسؤولية السلطة تبدو، بل هي فـي الحقيقة مجرد موقع لاملاء الفراغ بما هو غير مناسب للموقع نفسه. ومضمون تخصصه بما يعني تجاوز اعتماد الكفاءة المناسبة لادارة المسؤولية ومتطلباتها.
هذه المسألة يمكن ان تلمسها فـي كل مكان فـي: الشارع ،المدرسة ، المؤسسة الوظيفـية فـي القطاعين العام والخاص، فـي المعارضة والموالاة على حد سواء. يمكن مقاربتها لدى السمان ،الجزار ، الخباز، يمكن وضع اليد عليها من خلال نتائج الكوارث الوطنية على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية بشكل خاص.
فالمواطن أي مواطن يستطيع أن يلحظ غياب المسؤولية عن أداء دورها ربما فـي منزله ، أو ما ان يغادر منزله الى حفر الطريق والى فائض سعة المجارير،الى المؤسسة الصحية والتربوية والاعلامية، الى قطاع الخدمات العامة برمته من ماء وكهرباء وطرقات، وامن وعجقة سير وعدم رقابة على الاسعار….الخ.
هل ترانا نحتاج الى وفاق حتى نستطيع ان نصلح كل شيء؟.. ام ترانا نستطيع ان نصلح ما هو متصل مباشرة بأدائنا اليومي كخطوة ضرورية على طريق الوفاق والانفراج والتفاهم العام والتسوية فالحل؟ هل ترانا نعمل من اجل ان نحمل بعضنا البعض على المحجة البيضاء؟ أم ترانا قاصرين عن القيام بالخطوة الضرورية الملحة ومضطرين لسبب او لآخر على السكوت لأن فـي فمنا ماء؟
اشتكى بعض أهل اليمن الى امير المؤمنين(ع) من ولاة امرهم ، فأرسل اليه يقول:
«احمد اليك الله الذي لا اله الا هو واشهد ان محمداً عبده ورسوله… وبعد: كثر شاكوك، وقل شاكروك.
فأما اعتدلت واما اعتزلت».
فـي البداية كان هناك معايير للمسؤولية ومعايير للعدالة، وكان هناك حدود وفواصل ونقاط، وكانت المعايير المذكورة هي التي تشكل قاعدة العلائق، أما اليوم فالصورة تختلف والقاعدة تقوم على التوازن وامساك العصا من الوسط ولعبة التكتيك والاستراتيجية وباختصار السياسة تعتمد قاعدة: سياسة الناس على طريق الخيل!
ربما من اجل تعميق الشعارات التي نرفع نحتاج الى تعميم العدالة والمساواة داخل انفسنا بمعنى ان نعرف قدرها وان لا نحملها ما لا تحتمل: وان تكون لدينا الشجاعة لنقول ان القاعدة الراهنة فـي توزيع المسؤوليات تبدو بل هي فـي الحقيقة غير واقعية ولن تؤدي سوى الى المزيد من تراكم المآسي.
بصراحة فإن اكبر المطلوب، وبصورة جلية ايضاح ان المسؤولية ليس مقاطعة، وان المسؤول ليس «مقاطعجي» يحق له ان يفعل ما يحلو له وانه فوق الشبهات، لأن اهمال محاكمة هذه الظاهرة ادت الى خراب الوطن، واستمرارها سيؤدي لاحقاً الى تخريب قاعدة الانقاذ.
معيار المسؤولية أو معايير المسؤولية تنطلق من قاعدة أم هي «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» وبالتالي فليعد كل منا الى قرارة نفسه وينظر بمنظار الادراك لعله يخفف من غلواء نفسه فـيعمم الفائدة.
Leave a Reply