كتب خليل إسماعيل رمَّال وسامر حجازي
كان يوماً انتخابياً أسود يوم الثلاثاء الخامس من أيار (مايو)، لأن المقترح «١»، والذي قد يكون واحداً من أكثر المقترحات التشريعية تعقيداً وارباكاً فـي تاريخ مشاريع القوانين التي طرحت على التصويت فـي ميشيغن، منحه الناخبون فـي الولاية صفراً معلنين رفضهم له بغضب كما أعرب العديد منهم عن سخطهم على المشرعين وحكومة الولاية لعدم التوصل إلى حل أفضل لحال الطرق والجسور المزرية التي تكاد تنهار كل يوم. وبعد احتساب كل الاصوات الواردة من صناديق الاقتراع فـي كل المقاطعات تبيَّن ان ١,٤ مليون ناخب اقترعوا بـ«لا» على المقترح-١ أي بنسبة مدوية بلغت ٨٠ بالمئة، بينما أيده أقل من ٣٥١٠٠٠ ناخب صوتوا بـ«نعم» (نسبة ٢٠ بالمئة)، وفقاً لمكتب «سكرتيري أوف ستيت» (أمانة سر الولاية). وقد شكل هذا الرفض حسب الخبراء أكبر خسارة لجانب واحد تصيب تعديلاً دستورياً مقترحاً فـي تاريخ ولاية ميشيغن.
وحتى قبل إغلاق صناديق الاقتراع فـي يوم عاصف وممطر مر على أكثرية مناطق ميشيغن – وهذه حقيقة ساهمت أكثر فـي انخفاض نسبة الإقبال على التصويت المتوقع أصلاً ان تكون متدنية- بدأ الحديث عما سيحدث بعد سقوط الاقتراح.
«نحن بحاجة إلى المضي قدماً وإصلاح هذه الطرق والبنية التحتية على الفور، نظراً لطبيعة ومدى الضرر الذي حدث من جراء عدم صيانتها»، قال النائب الجمهوري بيتر لوسيدو، ممثل منطقة شيلبي الانتخابية.
لكن التصويت على المقترح يوم الثلاثاء لم يمهِّد الطريق لإيجاد حل لمشكلة البنية التحتية والتي عانى منها الحاكم الجمهوري ريك سنايدر والمجلس التشريعي الذي يسيطر عليه الحزب الجمهوري لعدة سنوات. ومن المتوقع ان تؤدي نتيجة التصويت المخزية هذه الى نشوب معركة بين المحافظين من «حزب الشاي»، الذين يريدون معالجة مسألة الطرق من دون رفع الضرائب، وباقي اعضاء المجلس التشريعي الذين يقولون ان الناخب هو على استعداد لدفع المزيد من أجل إصلاح الطرق – ولكن ليس بطريقة الاستفتاء هذه التي طلب منه اتخاذ قرار حولها.
ولو نجح المقترح لكانت ارتفعت ضريبة المبيعات فـي الولاية سنتاً واحداً ولتم أخذ ضريبة المبيعات من مبيعات الوقود واالضرائب لجمع ما يقرب من ١,٣ مليار دولار اضافـية للطرق. وعندما تنفذ الخطة بالكامل، كانت ستقدم ٢٠٠ مليون دولار سنوياً للمدارس. و١١٦ مليون دولاراً للترنزيت والسكك الحديد وتخصص ١١١ مليون دولار أكثر للبلديات، ثم تمنح تخفـيضات ضريبية بقيمة ٢٦٠ مليون دولار للأسر ذات الدخل المعتدل والمتدني من خلال اعادة ائتمان ضريبة الدخل المكتسب.
ولكن الطبيعة المعقدة للاقتراح نجمت عن الحاجة للتعويض عن المدارس والإيرادات الحكومية المحلية التي كانت ستلغى نتيجة إزالة ضريبة المبيعات عن الوقود لإفساح المجال أمام ضرائب أعلى على الوقود، وضرائب المبيعات على الوقود هذه كانت تدعم الطرق والمواصلات بعكس ضرائب المبيعات. وكانت بعض البنود على المقترح، مثل اعادة ائتمان ضريبة الدخل المكتسب، قد أضيفت كتنازل للديمقراطيين الذين كان سنايدر بحاجة لأصواتهم للحصول على تمرير المقترح فـي المجلس التشريعي. وقد كلفت انتخابات يوم الثلاثاء دافعي الضرائب فـي ولاية ميشيغن حوالي ١٠مليون دولار.
ومما يزيد من استياء الناخبين، هو ان معظم التفاصيل لم تكن وردت فـي لغة الاستفتاء. ذلك ان نجاح المقترح لو حصل كان سيقر١٠ مشاريع قوانين برمتها سنَّتْها الهيئة التشريعية طيلة جلسة ليلية كاملة، عرفت بجلسة «البطة العرجاء» فـي شهر كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٤، وكانت هذه المشاريع مرتبطة بنجاح أو فشل التعديل الدستوري الذي عُرِض على الناخبين.
«عندهم الكثير من المناطق التي وجهوا المال إليها»، قال ريك كونفـير، وهو ناخب متقاعد من سكان مدينة تاواس فـي مقاطعة ايوسكو وقد اقترع بـ«لا» فـي انتخابات الثلاثاء.
وأضاف كونفـير (٦٢ عاماً)، الذي كان يعمل فـي شركة تصنع حيطاناً جافة خالصة «دراي والز»، انه متعب من وضع الولاية يدها فـي جيبه كل الوقت وانه يريد أنْ يرى نهجاً جديداً يحدد ويزيل الفساد الحكومي ولكن لا يقتطع تمويل التعليم.
وذكرت باربرا امبل، وهي مدرِّسة متقاعدة فـي ديفـيسون، انها صوتت لصالح الاقتراح على الرغم من وجود قصور فـيه. وأردفت «أعرف أن هذا ليس هو الحل لكل شيء، ولكن على الأقل أنه خطوة فـي الاتجاه الصحيح»، واشارت الى أنها مؤخراً اضطرت لتغيير حافة دولاب سيارتها (جنط) بعد وقوعها فـي حفرة فـي الطريق. وخلصت الى القول «كان بإمكان المدارس استخدام المال العام والطرق والجسور كان سيتم إصلاحها».
واعترف سنايدر عشية يوم الإثنين ان المقترح -١ كشف مستوى معيناً من الشكوك حول الحكومة بين قطاع من الناخبين فـي ميشيغن. ولكنه استدرك بأنه يعتقد ان عدم الثقة بالحكومة هو أعلى بكثير على المستوى الوطني من حكومة الولاية فـي ميشيغن.
وكان الحاكم قد ظهر فـي مكتب «حملة نعم» بعد وقت قصير من إغلاق صناديق الاقتراع، قائلاً انه كان لا يزال يأمل فـي ان المقترح سيمر لكنه اعترف بسقوطه بعد ذلك بوقت قصير.
«سنقوم بالعمل الإيجابي بلا هوادة، ونحن ماضون وباقون (…) بعد هذه القضية» أعلن سنايدر وأضاف «سوف نتحدث إلى السلطة التشريعية … ونحن عادة نعمل من خلال إجراءات سريعة إلى حد ما، وسوف نتناقش بذلك مع قادة المجلسين».
وقال زعيم الأقلية فـي مجلس النواب تيم غريميل، الديمقراطي من مدينة أوبرن هيلز، «لقد حامت شكوك الناخبين حول زيادة الضرائب على إصلاح الطرق وهم يشاهدون سنايدر والمجلس التشريعي يوافقان على اجراء تخفـيضات ضريبية للشركات التجارية الكبرى بأكثر من ٢ مليار دولار سنوياً منذ عام ٢٠١١». وأردف «نحن فـي حاجة لحمل الشركات التجارية على أنْ تدفع حصتها العادلة و«التجمع الانتخابي الديموقراطي» سيعود الى العمل على الفور ويشمر عن سواعده من أجل إيجاد حل ثنائي حزبي معقول».
لكن السناتور مارتي نولنبرغ الجمهوري من مدينة تروي، وهو عضو فـي «اللجنة الفرعية لمخصصات النقل فـي مجلس الشيوخ»، قال إن الخطوة الأولى هي «النظر فـي الميزانية الموجودة لدينا ثم بعدها نرى أين يمكننا أن نحدد الادخار … ومن ثم نبدأ من هناك».«ووصف الإيرادات الإضافـية بأنها الملاذ الأخير».
وأفاد زعيم الأقلية فـي مجلس الشيوخ جيم انانيش، وهو ديمقراطي من مدينة فلينت، أنَّ السلطة التشريعية يجب أن تبدأ مع المقترحات الصغرى لاستعادة ثقة الناخبين عن طريق تمرير القوانين التي من شأنها رفع الرسوم على الشاحنات الثقيلة وتتطلب من شركات البناء تقديم ضمانات على مشاريع الطرق. وتابع «لا أحد يريد أن يدفع فاتورة الطرق ثم ندفع لها «شركات البناء» مرة أخرى. وقد حان الوقت للشركات وأولئك الذين هم فـي القمة للمساهمة فـي الدفع».
بالعودة الى لوسيدو أوضح أنَّ لديه خطة لتمويل إصلاح الطرق باستخدام الفائدة من «صندوق المطالبات الكوارثية فـي ميشيغن» الذي يهدف إلى مساعدة ضحايا حوادث السيارات «إذا كان الناخبون يصوتون بلا على استفتاء زيادة الضرائب، فعلينا إعطاء الناس ما يستحقونه».
ولكن مصادر «حملة نعم للطرق الامنة» اكدت ورود معلومات جديدة عن الاقتراع تظهر أنَّ الناخبين فـي ميشيغن على استعداد لدفع المزيد من أجل إصلاح الطرق، على الرغم من رفض المقترح-١. وقال المتحدث باسم «حملة نعم للطرق الآمنة»، روجر مارتن، «التعقيد هو عدو التصويت بنعم …الناخبون يريدون حلاً بسيطاً ومباشراً توافق عليه الهيئة التشريعية».
وذكرت «حملة نعم للطرق الآمنة»، والتي كانت تدفع للتصويت بتأييد الاقتراح، انهاجمعت تبرعات بقيمة ٩,٦ مليون دولار للإنفاق على الحملة. من جهته، حيا «حزب الخضر فـي ميشيغن» الناخبين على إسقاط المشروع واصفاً النتيجة بأنها تعبير عن فقدان الثقة بالمشرعين، داعياً فـي الوقت عينه إلى «التقليل من مخاطر تغيير البيئة عن طريق التقليل من السفر بالسيارة أو الطيارة وتخفـيف ثاني أوكسيد الكربون وإنشاء شبكة مواصلات عامة فعالة تحد من استخدام الملح المدمر للطرقات».
الصوت العربي كالعادة شحيح
وانعكس الإقبال العام الضئيل على الاقتراع فـي ميشيغن، أيضاً على مناطق الجالية العربية فـي ديربورن وديربورن هايتس، بالرغم من أن اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي «إيباك» دعت إلى التصويت بكثافة لصالح المقترح. كما أن ناشر «صدى الوطن» الزميل أسامة السبلاني رغم تأييده ودعوته للتصويت بنعم على المقترح لأسباب مبدئية تتعلق بأمان وسلامة المواطنين على الطرقات، إلا أنه تنبأ فـي حديثه العلني والخاص بتعثُّر المقترح بسبب المعطيات التاريخية الّتي تخفض نسبة الإقبال على التصويت فـي موسم مدرسي حيث الاهتمام أقل ومشاغل الناخبين أكبر، بعكس الانتخابات الرئاسية والتشريعية الكبرى ناهيك عن عدم تذكر او معرفة بعض الناخبين بوجود انتخابات فـي الأصل . كذلك كان لدى الناشر معطيات خاصة حول حتمية اخفاق المقترح بسبب غموضه وارباكه وعدم وضوح آلية تخصيص الأموال التي يمكن جنيها من ضرائب المبيعات وتوزيعها على الطرق والمواصلات والمدارس والبلديات.
وهذا بالضبط ما حصل فـي ميشيغن وفـي الديربونين حيث أعلن مكتب «كاتب البلدية العام» فـي ديربورن ان نسبة المقترعين فـي المدينة كانت ١٩,٥ بالمئة، أي أدلى ١١٥٦٩ ناخباً فقط بأصواتهم. وأيد ٢١ بالمئة منهم (٢٤٢٨ ناخباً) المقترح بينما رفضه ٩١١٠ اخرون.
أما فـي ديربورن هايتس فكان عدد الأصوات ٧٣٥٤ فقط بمعدل إقبال بلغ ١٩ بالمئة. وصوت ١٠٤١ شخصاً لصالح المقترح، أي ما نسبته ١٤,٢ بالمئة، بينما رفضه ٦٢٨٧ ناخباً.
ولم يبد ان الناخبين فـي الديربونين قد تأثروا بالدعم القوي الذي أبداه أيضاً مسؤولو البلديتين والمقاطعة، من بينهم رئيس بلدية ديربورن جاك أورايلي وديربورن هايتس دان باليتكو ومحافظ مقاطعة وين التنفـيذي وورن افـينز وغيرهم من المسؤولين الذين أصروا على حضور المؤتمر الصحفـي لسنايدر فـي شهر اذار (مارس) الماضي.
-بعض المعلومات المنشورة نقلاً عن «ديترويت فري برسش
Leave a Reply