واشنطن – استقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني، فـي البيت الأبيض الثلاثاء الماضي، وأشاد بـ«شجاعة» قوات البيشمركة فـي الحرب على تنظيم «داعش».
وجدد أوباما ونائبه جو بايدن خلال الاجتماع لرئيس كردستان العراق التأكيد على دعم الولايات المتحدة «القوي والمستمر» لكردستان العراق ولأكراد العراق، حسبما أعلن البيت الأبيض فـي بيان.
كما شدد أوباما وبايدن على تمسكهما بعراق «موحد وفـيدرالي وديموقراطي».
من جهته أكد البرزاني أن وحدة العراق هي اختيارية وليست إجبارية، مؤكدا أن الأكراد لا يخططون للانفصال عن الحكومة المركزية فـي بغداد فـي المرحلة الحالية.
وأشار أمام مركز مجلس الأطلسي والمعهد الأميركي للسلام، إلى أن «كردستان المستقلة قادمة»، وهذه العملية مستمرة ولن تتراجع.
وأضاف البارزاني أن «وحدة العراق تبقى اختيارية وليست إلزامية»، مشددا على «ضرورة بذل الجهد لتحقيق تلك القناعة».
و إن «أي تغيير فـي بنية العراق يجب أن يتم سلميا».
وأضاف :إن الاكراد ينسقون مع الإدارة المركزية فـي بغداد فـي الحرب ضد داعش حيث تلعب قوات اليبشمركة دورا مهما فـي هذه الحرب.
وقال رئيس إقليم كردستان ردا على سؤال وجهته له (دوت كوم ) الأربعاء الماضي فـي «مجلس أتلانتك» حول ما إذا كان العالم على وشك رؤية «دولة كردستان المستقلة» هذا العام «لا أعرف بالتحديد متى ولكنني اؤكد لكم أن كردستان المستقلة قادمة ووشيكة».
و إن الاستقلال حق طبيعي للأكراد فـي الوقت الذي يؤدون فـيه دوراً فـي الحل السياسي للأزمة فـي البلاد، وإن العراق مقسم فعلا، متسائلا :هل يتعين علينا أن نبقى فـي هذا الوضع المأساوي الذي يعيشه البلد؟
ويسعى البرزاني لتنظيم استفتاء فـي كردستان، لحسم موضوع الاستقلال وهو ما يتطلب أولا مصادقة البرلمان الكردي، وإنشاء لجنة انتخابية مستقلة للحسم فـي أمر الانفصال.
وتعتبر هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فـيها البرزاني بهذا الوضوح عن نوايا الاستقلال وقرب حدوثه.
وكانت لجنة القوات المسلحة فـي الكونغرس الأميركي الأسبوع قبل الماضي (الأربعاء 29 نيسان 2015 ) قد وافقت على مشروع قانون يفرض على الحكومة الأميركية التعامل مع إقليم كردستان الشمالي كدولة مستقلة وذلك فـي إطار الموافقة على ميزانية الدفاع والمساعدات الخارجية لعام 2016 ، وينص على تقديم المساعدات العسكرية لقوات البيشمركة الكردية والمليشيات «السنية» التي تقاتل تنظيم «داعش» فـي مناطق الكثافة السنية كمحافظة الأنبار بشكل مباشر دون الاعتماد على آليات الحكومة العراقية المركزية لذلك.
ويفرض مشروع القانون على الحكومة العراقية شروطا مقابل تخصيص مساعدات بقيمة 715 مليون دولار من ميزانية البنتاغون للعام 2016، لدعم الجيش العراقي فـي معركته على «داعش».
كما يشترط (مشروع القانون) أن تعطي الحكومة العراقية للأقليات «غير الشيعية» دورا فـي قيادة البلاد خلال ثلاثة أشهر بعد إقرار القانون وأن تنهي بغداد دعمها للميليشيات، وإذا لم تلتزم بالشروط فانه سيتم تجميد 75 فـي المئة من المساعدات المخصصة لبغداد، ويرسل أكثر من 60 فـي المئة منها مباشرة للأكراد والسنة.
وتحظى فكرة استقلال كردستان بدرجة عالية من التأييد فـي واشنطن بين كل الأوساط السياسية الديمقراطية والجمهورية كما فـي مراكز الفكر والمؤسسات الأكاديمية والعلمية.
فـي بغداد رفضت الحكومة العراقية (الأربعاء قبل الماضي على لسان رئيسها حيدر العبادي مشروع القانون الأميركي المقترح لتسليح البيشمركة والعشائر السنية بمعزل عن بغداد.
ونشر مكتب العبادي بيانا جاء فـيه إن «التعامل مع الحكومة العراقية كان ومازال واضحا ضمن احترام السيادة العراقية وهو ما وضعته الحكومة ضمن ثوابتها وتاكيداتها المستمرة فـي مباحثاتها مع هذه الدول»، متابعا «نؤكد أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريق الحكومة العراقية وفقا لما تضعه من خطط عسكرية».
من جهتها قالت الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأميركية مري هارف الأربعاء فـي معرض ردها على أسئلة الصحافـيين بشأن قرار اللجنة النيابية «إن سياستنا معروفة وواضحة تقوم على تأييد عراق موحد ومستقر وان دعمنا السياسي والعسكري والاقتصادي للعراق يبقى كما كان عليه دائماً ينسق بشكل كامل مع الحكومة المركزية، ذات السيادة الكاملة فـي بغداد ، كون هذه السياسة هي السياسة الوحيدة الفعالة فـي محاربة التطرف وتعزيز التحالف فـي مواجهة داعش».
وقالت هارف «إن الإدارة تتطلع قدماً للتباحث مع الكونغرس بهذا الخصوص».
وأشارت مصادر فـي الخارجية الأميركية إلى البيان الذي أصدرته السفارة الأميركية فـي بغداد إثر غضب الحكومة العراقية بشأن المشروع الذي شددت فـيه على أن سياسة الولايات المتحدة إزاء العراق لم تتغير. وأكدت السفارة فـي البيان أن إدارة الرئيس باراك أوباما تدعم وتؤيد «عراقا موحدا»، وأن الدعم والمساعدات والمعدات العسكرية المقدمة من الحكومة الأميركية تسلم للحكومة العراقية فـي بغداد وقوات الأمن العراقية.
إلا أن كافة المؤشرات تدل على أن هناك خلافا بين موقف الرئيس أوباما ووزارة الخارجية المتمسك بالتنسيق الكامل مع الحكومة المركزية وموقف نائب الرئيس جوزيف بايدن الذي طالما شجع «فدرلة» العراق.
وكان نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أكد فـي عدة مناسبات سابقة تعود إلى تسعينات القرن الماضي دعمه لخطة تقضي بتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق تتمتع بحكم ذاتي: للشيعة والسنة والأكراد.
واقترح بايدن فـي مقال نشر فـي صحيفة «واشنطن بوست» فـي آب 2014، إنشاء «نظام فـيدرالي فعال» كوسيلة لتجاوز الانقسامات فـي العراق معتبراً أن ذلك «سيؤمن تقاسما عادلا لعائدات النفط بين كل الأقاليم ويسمح بإقامة بنى أمنية متمركزة محليا مثل حرس وطني لحماية السكان فـي المدن ومنع تمدد تنظيم داعش».
Leave a Reply