روشستر هيلز – من الشواطئ الدافئة فـي جزر هاواي إلى مسجد يلفه الصقيع فـي ولاية ألاسكا، إلى عالم «ديزني لاند» الشهير فـي ولاية كاليفورنيا، رفع المسلم جميل سيِّد، من مدينة أوبرن هيلز، صوته بالأذان يدعو فـيه المسلمين إلى الصلاة خمس مرات فـي اليوم عبر رحلة مكوكية قادته إلى ٥٠ ولاية أميركية خلال الشهر الماضي، انتهت فـي ولاية ميشيغن.
جميل سيِّد |
ليلة الجمعة قبل الماضية اختتم سيِّد، البالغ من العمر ٤٠ عاماً ووالد طفلين، رحلته الدينية فـي مسجد «الرابطة الإسلامية لديترويت الكبرى» فـي مدينة روشستر هيلز، حيث قام مؤذِّناً داعياً لإقامة الصلاة، ليصبح أول شخص يرفع أذان الصلاة فـي جميع الولايات المتحدة الخمسين.
«كانت مدهشة فعلاً» قال سيِّد عن رحلته الدينية التي استغرقت ٣٥ يوماً فـي جميع أنحاء أميركا، وأضاف «لقد كانت رحلة ملحمية من عدة نواح».
وقد تفاعل سيِّد مع المسلمين من الأعراق والأجناس كافة، وحتى مع كثير من غير المسلمين أيضاً، وانخرط فـي نقاشات وحوارات عديدة معهم فـي سيارات الأجرة والمطارات والمساجد.
«كنت مدهوشاً من الكرم والضيافة ومحبة الناس الذين لم أكن أعرفهم من قبل» أكد سيِّد.
فـي هاواي، تلا دعوة المسلمين إلى الصلاة، بعد لقاء مع غير المسلمين على الشاطئ. وفـي ولاية كاليفورنيا، قال انه أذَّن فـي «ديزني لاند» مع ميكي ماوس. والتقى مع عائلات ضحايا حوادث ناجمة عن جرائم كراهية: فـي شابل هيل، بولاية نورث كارولينا فـي المسجد الذي حضره ثلاثة طلاب مسلمين أعدموا بدمٍ بارد فـي كانون الثاني (يناير)، وفـي كانساس سيتي مع والد الصبي الصومالي الأميركي الذي قُتل فـي حادث صدم وهروب «هيت أند ران».
وتزامنت رحلة سيِّد فـي وقت كان الإسلام مرة أخرى فـي دائرة الضوء وكان النطق بالحكم على مفجر ماراثون بوسطن قد صدر فـي بداية الرحلة، كما اختتمت مع وقوع حادث إطلاق النار فـي غارلاند، بولاية تكساس، خارج مهرجان معادي للإسلام يعرض مسابقة للرسوم الكاريكاتورية السلبية حول النبي محمد.
فـي البداية، عمم المدونون المعادون للإسلام مقالات تقريع لرحلة سيِّد مما أثار قلقه من احتمال تعرضه لهجوم من قبل الحاقدين. فـي كانون الثاني (يناير)، أدت احتجاجات من بعض المسؤولين فـي جامعة «دوك» لإلغاء دعوة المسلمين إلى الصلاة من خلال بث الأذان من برج جرس كنيسة فـي الحرم الجامعي. وفـي هامترامك، تكررت شكاوى متعددة فـي كثير من الأحيان ضد الاأذان الذي يُذاع خارج المساجد.
لكن سيِّد أوضح أنَّ التجربة كانت إيجابية بشكل عام وأعرب عن أمنيته بأن يؤلف كتاباً وينتج فـيلماً وثائقياً عن رحلته.
«أنا لا أحب رمي الدين فـي وجوه الناس» أشار سيِّد. بدلاً من ذلك، قال انه كان يقوم بالتفاعل تدريجياً مع الأشخاص الذين قابلهم إبان رحلته، ووجد أن الكثير منهم «كانوا تواقين لمعرفة المزيد». وأردف سيِّد خلال حديث فـي وقت متأخر من ليلة الجمعة قبل الماضي فـي مسجد روشستر هيلز بعد الصلاة، أن المسلمين يمكن أن يكونوا قدوة حسنة من خلال مساعدة الناس، وليس عن طريق فرض عقيدتهم على الآخرين.
بالإضافة إلى رفعه للأذان خلال جولته، ألقى سيِّد الخطبة الأخيرة للرسول الأعظم فـي المساجد التي زارها، وهي الخطبة التي قال إنها دعت الى المساواة بين الجنسين والأعراق والعدالة والسلام. واستطرد «أن الحاجة ملحة اليوم إلى رسالة النبي محمد أكثر من أي وقت مضى» مستذكراً أن الناس فـي المساجد بكوا عندما ألقى عليهم الخطبة.
وأعرب عن أمله فـي أنْ تساعد الرحلة فـي تعزيز الانسجام فـي وقت الانقسام. وقال فـي إشارةٍ الى الهجوم على معرض الرسوم الكرتونية المسيئة للنبي فـي تكساس، «إن رسامي الكاريكاتير المسيئين للإسلام هم مليئون بالكراهية والناس الذين أستفزوا بردود أفعال هم أيضاً من المحرضين. هذا العالم الذي نحيا فـيه محزن ومن المفترض ان يجمع الإيمان بني البشر معاً ولا يفرقهم».
ووصف الرجلين اللذين هاجما مركز الرسوم الكاريكاتورية بأنهما ضد تعاليم الإسلام. «موقفنا هو الدعوة إلى السلام وليس من المفترض بك أن تؤذي أي فرد»، حسب ما قال جميل سيِّد.
وكانت الخدمات اللوجستية فـي أسفاره مليئة بالتحديات لان الأذان كان يجب أن يبدأ فـي وقت محدد، وكان يضطر للتأكد من الوصول إلى كل مسجد فـي الوقت المناسب. مستمدا القدوة من إيمانه، وقد تمكَّن من تخطي هذه العوائق.
وختم سيِّد بالقول «لم يكن الأمر سهلاً، ولكن … الله دائماً يستجيب فـي الوقت المناسب».
Leave a Reply