أفادت الأنباء قبل لقاء القمة المقرر فـي «كامب ديفـيد» بين الرئيس الأميركي باراك أوباما وملوك وأمراء دول مجلس التعاون الخليجي العرب، أن حاكم البيت الأبيض سوف يثير مع مضيفـيه موضوع الحريات السياسية فـي بلادهم من أجل جعلهم يتقبلون المعارضة الداخلية أكثر. وربَّما كان هذا من أسباب تخلف معظمهم المفاجيء عن الحضور وبالأخص ملك السعودية.
المحللون السياسيون الخبراء بشؤون المنطقة أعربوا عن شكوكهم على كل حال فـي أنْ يتقبل الحكَّام فـي المؤتمر أية معارضة ديمقراطية. ونظرة سريعة على أنظمتهم السياسية تجعل هذا الموضوع ضرباً من الاستحالة. فمن بين اعضاء مجلس التعاون الخليجي الست، السعودية والبحرين والكويت وقطر وعمان والإمارات العربية المتحدة، تنفرد الكويت فقط بوجود برلمان منتخب يتحدى سلطة أميره الوراثية، حيث ان موافقة البرلمان الكويتي ضرورية لتعيين ولي للعهد رغم ان الأمير يمكنه حل هذا البرلمان فـي أي وقت.
وكان الرئيس أوباما قد أعلن فـي شهر نيسان (ابريل) الماضي بعد التوصل إلى تفاهم مع ايران بشأن برنامجها النووي، ان اكبر خطر على حكام السلالات الوراثية الست فـي مجلس التعاون الخليجي ليس اجتياحاً ضدها من قبل إيران بل من النقمة الشعبية داخل بلدانها. وحول ذلك قال المحللون السياسيون ان الرسالة كانت واضحة: قبل ان تبحثوا فـي اتفاق أمني عليكم ان تفعلوا شيئاً حيال سياساتكم الداخلية.
وقال إيهام كامل، مدير دائرة الشرق الأوسط فـي مجموعة أوراسيا وهو مركز بحث أمني واستشاري مقره فـي نيويورك، ان الادارة الأميركية «دللت بوضوح ان أنظمة دول مجلس التعاون من خلال سعيها للحصول على التعاون فـي شتى المجالات، لا يمكنها ان تتلقى الضمانات حول ذلك طالما انها تبقى تغيب أي نقاش عن الإصلاح السياسي».
لكن هذا الإصلاح على ما يبدو بعيد المنال، حسب كامل الذي تابع «الإصلاح السياسي العميق ليس مطروحاً على الطاولة لدى حكام الخليج، ولكن بدلاً عن ذلك فإنهم سيستمرون فـي القيام بإصلاحات تدريجية موضعية قدموها بعد ثورات «الربيع العربي» والتي زادت من المشاركة العامة خصوصاً المشاركة النسائية، فـي تقرير السياسات العامة والبلديات المحلية الى حد ما ولكن رفع الحرم عن المعارضة الشعبية المناهضة لحكم السلالات الوراثية لم يتم بعد».
وما عدا الكويت تبقى المجالس التمثيلية فـي هذه الأنظمة غير مشاركة فعلياً فـي السلطة بل تقدم النصح والمشورة للحكومة وتدين لها بالولاء والطاعة والبيعة لرأس النظام السلطوي الذي يحكم بلا منازع كما لا توجد حقوق انتخاب للنساء ويُمنع قيام الأحزاب حتى فـي إمارتي الكويت وقطر وهما البلدان الوحيدان اللذان يسمحان للنساء بالانتخاب، كما ان المعارضين الناقدين يتعرضون للاعتقال والسجن والجَلد ويحكم عليهم بالتآمر لقلب نظام الحكم السلالي. حتى الغضب العفوي العشوائي ممنوع فـي أنظمة الخليج. ففـي الإمارات العربية المتحدة يحاكم حالياً مواطن بتهمة انتقاد حكام البلاد عندما كان احتدم نقاش سياسي حاد بينه وبين آخرين وقال فـي سياق النقاش ان الحكومة فشلت فـي تأمين البلد (من خطر غير محدَّد). المتهم النادم الذي لم يُذكر اسمه أبلغ محكمة دبي فـي نيسان (ابريل) الماضي ان غضبه العفوي كان مرده إلى «شرب مفرط للقهوة»، حسب تقارير رسمية إعلامية إماراتية.
وتعتبر أكبر جالية شيعية فـي مجلس التعاون هي تلك التي تسكن فـي المناطق الشرقية من السعودية الغنية بالنفط. ويشكل الشيعة ١٥ بالمئة من عدد سكان السعودية البالغ ٢٩ مليون نسمة. وكانت الاحتجاجات فـي المناطق الشرقية من الحجاز فـي تموز (يوليو) عام ٢٠١٢ قد أدت الى اعتقال الشيخ نمر النمر وحكمت محكمة مكافحة الإرهاب عليه بالإعدام فـي تشرين الأول (أكتوبر) الماضي بحجة إثارة الفتنة والشغب كما اعتُقل شقيقه ومحاميه محمد النمر بسبب تغريدة له على «تويتر» عن اعتقاله.
وأكد كامل أنه رغم ادعاءات النظام السعودي بتحسن المناخ
الداخلي من حيث الحريات والمشاركة النسوية الا «ان الشيعة يزالوان لا يعتبرون مواطنين بل جزءاً من إيران يمكن استغلالهم من قبلها
ساعة تشاء». وهذه الحالة تنطبق على البحرين التي تُعتبر منطقة نفوذ للسعوديين. والبحرين هي البلد الوحيد الذي يشكل فـيه الشيعة أكثرية بينما الأقلية الحاكمة سنية، وتوجد فـي البحرين أكبر قاعدة عسكرية أميركية.
وتنبأ كامل ان يؤدي قمع السكان الشيعة الى تحقيق نبوءة زيادة النفوذ الإيراني فـي المنطقة وختم قائلاً «ان افتقار السكان الشيعة الى الانخراط الحقيقي فـي الحياة السياسية هو الذي يبعدهم عن الحكومات المركزية فـي بلادهم».
(عن موقع نشرة «ستارز أند سترايبز» الالكترونية)
Leave a Reply