مريم شهاب
تقريباً فـي أغلب المحاضرات واللقاءات، هناك كليشة أو عبارة تتكرر: «أن ثمة مؤامرة علينا» أي علينا نحن العرب والشرق أوسطيين. والحقيقة الساطعة الوحيدة هي ان العالم يتآمر بعضه على بعض منذ بدء الخلق، وحتى الآن نحن لا ندرك – ربما لغباء الأكثرية – أننا نحن من نؤلف وندير ونموّل أسوأ وأدهى المؤامرات، والدليل هو كل ما نفعله بأنفسنا وأوطاننا عن سابق تصور وتخطيط.
أمرٌ متوقع واحتمال دائم هو أن نواجه عدواً أو خصماً يدير مؤامرة شنيعة ضدنا، وأنّ الفكر التآمري والثقافة العدائية والكره والضغينة. هي أهم عناصر تغذية المؤامرات.
فـي كتاب عنوانه «هكذا كان ديغول» كتبه ونشره وزيره الآن بيرفـيت، وهو عبارة عن مجموعة نصوص حرفـية قالها الرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول لوزيره حيث جاء بالحرف: «سوف تضحك لهذا القول، ولكن يجب أن يتقاتل المصريون مع السوريين، والسوريون مع الأكراد، والمسلمون مع أتباع الأديان الأخرى إلى آخره. منذ ألفـي عام وهم هكذا، عندما كنا هناك بقوة، استطعنا أن نفرض الصمت، ثم استداروا ضدنا. والآن لم يعد فـي الإمكان أن نكون الملومين، فإنهم يتجهون ضد بعضهم البعض». ويتابع فـي موضعٍ آخر «لا يجب أن نعلن حيادنا فـي نزاعاتهم، بل يجب أن نساعدهم على أن يقتتلوا بتزويدهم بالأسلحة، ثم نتظاهر بأننا على الحياد. إنهم يحبون البنادق والبواريد ويحبون استخدامها بإطلاق النار فـي الهواء. هذه هي المفاخرة العربية».
هذا الكلام قاله الرئيس شارل ديغول سنة 1963. والله وحده يعلم إذا كان ذلك الكلام قاله حقاً أم لا. لكن الصحيح وبالتأكيد هو أن سياسة «فرّق تسُد»، حدثت منذ زمن بعيد وإلى الآن فـي بلادنا الشرق أوسطية. فهذا شامي وهذا مغربي وهذا خليجي وهذا مسيحي وهذا سني وهذا شيعي وغيرها من االأسماء البغيضة الغبية التي تفرّق ولا تجمع، فـي أمم إسلامية وعربية لا
تقرأ وإن قرأت لا تفهم وإن فهمت فهي لا تعمل وإن عملت فعملها عمل السوء والبغضاء يتم تنفـيذه من خلال زعماء أغبياء لم ولن يستفـيدوا من دروس التاريخ وعِبَره.
كلنا يأسف لما يحصل فـي بلادنا وشرقنا. فـي شهر أيار، مرَّت ستة وستون عاماً على ضياع فلسطين ولا يبالي أحد. ألف صحتين على قلب بني صهيون. طالما المؤامرات عامرة بين حماس والضفة الغربية. وطالما الطروحات والفتاوى عاجزة عن إزالة الخلافات بين السنة والشيعة. وأيضاً طالما أرقى الأفكار وأسماها لم تستطع نشر ثقافة التسامح بين المسلمين والمسيحيين.
الآن، تبدو القدس بعيدة ووحيدة، فـي ماضي ليس بعيداً بل سحيق جداً. نسي المال العربي فلسطين. وجميع ثورات ربيع العرب لم تطرح قضية فلسطين ولو من باب رفع العتب. الخوف أن تضيع القاهرة وبغداد ودمشق والخرطوم وطرابلس الغرب وتونس بسبب غباء بعض العرب وإصرارهم على أن يكونوا أدوات مؤامرات دنيئة ضد بعضهم.
Leave a Reply