البيض يعودون الى ديترويت مع استمرار هجرة الأميركيين الأفارقة الى الضواحي وتقلص عدد السكان فـي المدينة التي تشهد تدفق السكان البيض الذين لم يروا فـي الضواحي مكانا مغريا مثلما رأى آباؤهم وأجدادهم فـي منتصف القرن العشرين, وبذلك تختلف ديترويت فـي هذا الصدد عن مدن مثل سان فرنسيسكو ونيويورك وغيرهما من المدن الكبرى التي شهدت نزوح البيض عنها, إلا إن ديترويت ساعدها فـي عودة البيض لها، مساكنها الرخيصة والبرامج التحفـيزية للإقامة فـيها. وقال بروس كاتز وهو المدير المشارك فـي «مبادرة المدن العالمية» التابع لـ«معهد بروكينغز» «بالنسبة لأي شخص يريد بناء شركة أو المساهمة فـي إزدهار المدينة فإن ديترويت هي المكان المثالي, حيث يمكنك أن تأتي الى ديترويت ويمكنك حقا أن تحدث فرقا» قد لا تكون هناك مدينة أخرى مرادفة لديترويت لناحية عودة البيض لها, ونزوح البيض من المدن الكبيرة بدأ فـي منتصف القرن الماضي حين كانت ديترويت من المراكز المزدهرة للصناعة إذ بلغ عدد سكانها 1.8 مليون نسمة فـي عام 1950وتراجع إلى ما يقرب من 680 ألف نسمة فـي عام 2014 ما أدى فـي جزء منه الى حدوث أكبر عملية إفلاس لمدينة فـي تاريخ الولايات المتحدة, وخلال تلك العقود تقلصت نسبة السكان البيض فـي ديترويت من 84% الى 13%.
المنتج الموسيقي مايك سغر داخل استوديو بشقته السكنية في ديترويت |
ويقول خبراء إنه فـي السنوات الثلاث اللاحقة للتعداد السكاني فـي أميركا عام 2010 إرتفع عدد البيض فـي ديترويت من 76 ألف نسمة الى 88 ألفا والسبب فـي ذلك يعود إلى رخص المعيشة والفرص المتوفرة لرواد الأعمال الشباب وإقناع الشركات للعاملين فـيها بأفضلية العيش فـي مناطق قريبة من أماكن العمل.
هذا ما دفع المنتج الموسيقي مايك سغر (27 عاما) للإنتقال من أحد الأحياء فـي مقاطعة أوكلاند الى ديترويت حيث إستأجر منزلا بـ 750 دولار شهريا أنشأ فـيه ستوديو له لمزاولة عمله الفني, جدير بالذكر أن متوسط أيجار شقة من 3 غرف نوم فـي ديترويت يبلغ 800 دولار مقابل 1100 – 1400 فـي الضواحي وفق مؤسسة «رنت رينج» المعنية بمعدلات الإيجار.
وقال سغر إن أي شاب معه 10000 دولار بإمكانه الإنتقال الى ديترويت وإقامة ستوديوهات للعمل وشق طريقه نحو المستقبل, فهناك مثلا أيوجين غولتايري (41 عاما) والذي يعمل فني مختبرات فـي مركز ديترويت الطبي, إستفاد من برنامج «ليف ميدتاون» والذي يرعاه «مركز ديترويت الطبي» وغيره من المؤسسات حيث حصل غولتايري على قرض بملغ 20000 دولار لشراء شقة وسط المدينة وهو غير مطالب بالسداد شريطة الإقامة فـي المكان 5 سنوات وذلك لتشجيع الناس على السكن قريبا من مكان العمل ما من شأنه إفادة العمال وأصحاب الأعمال. وقال غولتايري إن الشقة تبعد 8 دقائق عن مكان عمله وهي تقع فـي منطقة هادئة وجميلة, وأضاف أن كل مدينة فـيها مناطق جيدة وأخرى سيئة, المهم أن لا تتواجد فـي المناطق التي لا يفترض بك الإقامة فـيها.
وهناك برنامج تحفـيزي مماثل «ليف داونتاون» ممول من أصحاب الأعمال لتشجيع الإقامة فـي الوسط التجاري فـي ديترويت حيث تتواجد مقرات كبرى الشركات مثل «جنرال موتورز», «كويكن لونز», «بلو كروس بلو شيلد», و3 فرق وإستادات رياضية و3 كازينوهات, مطاعم وحانات وأماكن للترفـيه.
فـي المقابل سأم بعض الأميركيين السود الإنتظار لحين تحسن الأمور فـي ديترويت فغادروها الى الأحياء المجاورة علهم يجدون ما يصبون له من الراحة والمدارس الجيدة ومعدلات جريمة أقل, وكان عدد هؤلاء فـي ديترويت 776 ألف نسمة عام 1990 إنخفض لنحو 554 ألفا عام 2013. اليزابيث سانت كلير (27 عاما) تعتبر نفسها مقيمة سابقة فـي ديترويت وهي تبحث عن شقة لإستئجارها فـي المدينة لها ولصديقها وطفلين, فهي تتابع الإجراءات المتخذة لإزالة المنازل المهجورة وتحسين العيش فـي ديترويت ولكن ما يزال يقلقها أداء المدارس السيء وأسعار التأمين العالية على السيارات إضافة الى الحالة المزرية للعديد من الأحياء. «أرى ديترويت عائدة فهناك مدينتان فـي ديترويت، واحدة فـي الوسط التجاري حيث يمكنك الإستمتاع وديترويت ثانية لا زالت على حالها».
من جانبها قالت سوزان ماوسي والتي ترأس مؤسسة ميدتاون ديترويت للتخطيط والإعمار وهي مؤسسة غير ربحية ان هناك 1150 مشاركين فـي البرنامج 38% من البيض ومثلهم من السود, وأكدت أنه ينبغي العمل ليس فقط على جذب الناس للعيش فـي ديترويت وإنما حث المقيمين فـيها على عدم النزوح, وقالت إن ديترويت لا تتمتع بالتنوع الثقافـي فهي بحاجة للمزيد من البيض والمهاجرين, فنحن خسرنا عددا كبيرا من السود من الطبقة المتوسطة فـي مرحلة الركود, ولذلك نحن بحاجة لمجيء أعداد كبيرة من الناس من مختلف الأعراق والإثنيات.
Leave a Reply