خليل إسماعيل رمَّال
لا يعبِّر عن التخبُّط الذي يمر به «شبه الوطن» إلّا تصريح وزير دفاع جماعة ١٤ آذار خلال زيارته للسعودية مع معلِّمه لكي يلتقيا بمرجعيتيهما، حين قال إنَّ المخابرات اللبنانية أفادته بعدم صحة وقوع معارك فـي عرسال، فـي الوقت الذي كانت فـيه المعارك محتدمة ومشتعلة بعد قرار المقاومة العظيمة بتطهير الأرض السورية المتاخمة للحدود اللبنانية من عصابات الذبح والإجرام والإرهاب.
وقد قيل لنا، على الهامش، أنَّ سلمان إبن سعود سأل تمَّام سلام «ماذا يفعل «حزب الله» فـي سوريا؟ وهل يظن نفسه أنه فـي فلسطين؟!». فلسطين يا سلمان، ألا زلت تذكرها؟! متى؟ عندما ذُبح شعب فلسطين فـي غزَّة مرَّتين؟! ثم ماذا تفعل أنت فـي اليمن وترتكب المجازر بحق شعب اليمن؟ لا اعتقد أنَّ الجغرافـيا اختلطت عليك فأصبحت مدينة صعدة هي القدس المحتلَّة؟!
يذكِّرني الوضع الحكومي الفوضوي الحالي بالحملة التي أشعلها ثوار بولتون وبوش ضد وزير الدفاع الأسبق فايز غصن الذي كان أول من حذَّر عام ٢٠١١ من تسلل عناصر «القاعدة» إلى عرسال مستنداً إلى معلوماتٍ مؤكدة من مخابرات الجيش، فقامت القيامة عليه يومها ولم يبق نفر من الثورجيين إلا وزار «عرسالغراد» تضامناً معها. اليوم نشهد حملة عنترية مشابهة من قبل علي الحجيري، المجرم المطلوب للعدالة بتهمة قتل جنود لبنانيين، ومن قبل قبضايات ١٤ آذار الذين لو غزا التكفـيريون أرضهم لكانت رؤوسهم أول من تُعلَّق على الأعواد ولهذا عليهم أنْ يقبِّلوا أقدام المجاهدين المقاومين المدافعين عن الثغور والذين يفدون الوطن كل يوم بأرواحهم لحماية الشعب. ومن هؤلاء الأبطال، الشهيد أحمد حرب الذي أشعرنا بقرب الشهادة التي تدلَّت فكانت قاب قوسين أو أدنى فـي جريدتنا فهو شقيق الزميل الأخ علي حرب، حيث ارتقى بروحه الطاهرة الى السماء وهو يذود عن شرف العائلات والأسر والمناطق اللبنانية كلها. والحقيقة، يعجز اللسان عن الكلام فـي حضرة هذه الشهادة التي نتمنى من الله سبحانه وتعالى قبولها آملين ان يلهم أهله، لا سيما، الزميل الأخ علي حرب الصبر والسلوان والتحمل على هذه التضحية الغالية التي لا تُقدَّر بثمن.
لقد بدأت معركة تحرير جرود عرسال وهي معركة بين الحق والباطل مهما تلوَّن هذا الباطل وادعى حرصه وحميته على أبناء عرسال فالمقاومة التي لم تفتك بعملاء إسرائيل المجرمين بعد انتصارها الميمون فـي أيار (مايو) عام ألفـين وتركتهم يهربون مع مشغليهم من العدو الإسرائيلي، وعاملت جرحى التكفـيريين فـي معركة القُصير معاملة إنسانية بعكس سلوكهم الوحشي، لا تحتاج إلى دروسٍ من أحد ولا الى مزايدات رخيصة ومذهبية أو إلى بازار سياسي بينما الدماء على الأكف فـي الجرود، كما لن تثنيها الافتراءات والخيانات فـي «الويكيليكسات» عن عزمها فـي طرد الخوارج وأرجاسهم وأذنابهم من المنطقة.
وكل من يدَّعي الخوف على أهل عرسال ويصدِّر الملاحم الشعرية بالمدينة التي يحاصرها الإرهاب الجاهلي المظلم، لا يهدف إلا لذر الرماد فـي العيون ومنع المقاومة من استئصال بؤرة الإرهاب المتمكنة هناك، وعرسال ليست قلعة الصمود والتصدِّي وليست أغلى من أي بقعة لبنانية أو سورية عاثت فـيها يد الإرهاب فساداً.
وفـي نفس الوقت الذي نداوي فـيه جراحنا ونخفف عن مصابنا باستشهاد الشهيد البطل أحمد حرب وكوكبة من رفاقه النبلاء الشرفاء، نحيي الذين اتخذوا قرار درء الخطر عن أهلنا فـي توقيت حكيم كالعادة بعد تراخي الحكومة السلامية وعصابات «النصرة» وبعد الإنزال الذي أحدثه سمير جعجع فـي الرابية ولقائه العماد عون متصرفاً وكأنه من أهل الدار.
وهذا التوقيت أيضاً جاء ردَّاً على حرص جعجع على تزامن زيارته مع ذكرى استشهاد المرحوم رشيد كرامي محاولاً الاستفادة من العلاقة مع عون و«شرعنة» وجوده من دون ان يقدِّم أي شيء بالمقابل. أما ورقة إعلان نواياه فغير ذات شأن وغير ضرورية بل هي حبر على ورق وحبر شهداء المقاومة سيزيله إلى الأبد ولن تقترب الورقة أبداً من وثيقة التفاهم التاريخية مع «حزب الله».
أخيراً، الحكومة النائمة التي تستمر فـي تأجيل القضايا الملحَّة مثل التعيينات وتأمين غطاء للجيش ليلتقي مع فلول المقاومة فـي عرسال، «عمرها ما ترجع» فهي لا تهش ولا تنش ولن تستمر بينما الشهداء الأشاوس مثل أحمد حرب يروون الأرض بدمائهم فـي حين يتفرج الباقون ويتآمر آخرون مثل أشرف ريفـي الذي يريد أنْ يناهض المقاومة «سياسياً وحضارياً» مثل إدارته الراقية لوزارة العدل وفـي حين تقوم اسرائيل ولا تقعد لأضخم مناورة تفترض دخول المقاومة الى المستوطنات حيث تهدف لحماية سكانها فـي حال، وقعت الحرب، أما دولتنا فلا تعرف ما هي الملاجيء ولا معنى التهيؤ للأسوأ.
التحرير فـي عرسال جزء من مقاومة العدو المتحالف مع التكفـير والنصر آت ولن تقف فـي طريقه مواقف جبانة واسقاطات وخيانات ولا ترَّهات.
Leave a Reply