خليل إسماعيل رمَّال
نحمد الله ونشكره على يوم الخميس التاريخي الواقع فـي ١٨ حزيران (يونيو) وهو اليوم الذي أجمع فـيه المسلمون كافة على أنه أول يوم من شهر رمضان المبارك أعاده الله عليكم جميعاً بالخير واليُمن والبركات والسؤدد. أنه يوم مشهود تاقت نفوسنا اليه من زمن، عندما نرى اجتماع المسلمين على الصيام معاً ولو أنَّ البعض اعتبره إكمال عدة شهر شعبان، ماشي الحال المهم أننا قمنا بالصيام معاً وإنْ شاء الله نعيِّد معاً فتكتمل البهجة والفرحة ذلك لأن دين التوحيد يجب أنْ يكون هكذا موَحِّداً وجامعاً وشاملاً ومحاوراً وإنسانياً مع الأديان السماوية الأخرى ومع نظرائنا فـي الخلق.
ولعل من الصعب، بل من المستحيل، الحديث عن شهر الله وشهر الرحمة والمغفرة حيث تزدان الأرض بزينة السماء، من دون التطرق إلى أخطر عنصر شيطاني يقوم بتدمير وتشويه الدين الحنيف بشكل لم يفعله المغول والبرابرة والتتر والاستعمار العنصري البغيض عبر التاريخ. لقد كاد المجرمون التكفـيريون أنْ يكرِّهوا الناس الأديان بسبب مجازرهم التي تقشعر لها الأبدان من دون مراعاة لحرمة الاسلام ولا الأخلاق ولا الانسانية ولا الرأفة ولا المعايير المنطقية أو الحدود الدنيا للسلوك البشري القويم.
ولكن ليس هذا غريباً على خوارج العصر ومموليهم الواقعين فـي مأزق العدوان على اليمن. فقبل بضعة أيام، أرسل التنظيم الجهنمي «داعش» وحدة إلى جرود عرسال ليستهدف «أميره» المجرم السابق المنشق أبو وليد المقدسي، أحد أهم مشرعيه الذين أوفدهم البغدادي نفسه لترتيب وضع التنظيم الفاشل فـي القلمون، فذبحوه من دون محاكمة أو حتى الإستماع لإفادته كما قتلوا زوجته وولديه.
هذه رسالة لكل من يفكر لثانية واحدة أنْ يهادن هكذا إرهابيين مجرمين ولمن ينتقد وجود المقاومة فـي سوريا للدفاع عن المسلمين والمسيحيين سواءً فـي لبنان وسوريا ولمن يقول إنَّ مجازر الكفرة هي مجرد حوادث فردية فنعلمهم بأن حتى «أمير» تنظيمهم لم يوفروه فكيف لو وقعت الإعلامية المنحازة ماريا معلوف أو الحية شدياق بيدهم أو فارس سعيد مثلاً أو حتى المراوغ وليد جنبلاط؟! هذا الأخير أراد التعامي وتجاهل مجزرة جبل السماق فـي إدلب بحق أبناء شعبه ولا عجب هنا فهو الذي أفتى سابقاً بسفك دم الدروز الذين يقاتلون مع الحكومة السورية فتسبَّب بهذه المجزرة من جراء تطميناته الفارغة والوعود الكاذبة التي اغدقها عليه رعاة الإرهاب.
ثم مع حبنا وتقديرنا للموحدين الدروز لكن أين الصرخات التي كان يجب أنْ تتعالى عندما كان أطفال الشيعة وعوائلهم تُذبح فـي العراق وسوريا ويتباهى بذلك التكفـيريون على شاشات التلفزة؟! وماذا عن المجازر المرتكبة ضد الأقباط المصريين والمسيحيين والايزيديين والأقليات الاخرى وحتى السُنَّة المعارضين؟! لا يوجد دم أغلى من دم وكل الأرواح عزيزة ولكن الغضب يجب ان ينصب على المجرمين الكفَرَة الذين يتكفَّل بهم رجال الله فـي القَلَمون وجرود عرسال وسلسلة جبال لبنان الشرقية حيث انقطعت سلسلة ظهرهم ووجودهم المقيت تحت ضربات المقاومة الباسلة.
ان حال المسلمين فـي شهر رمضان هو فـي وضع لا يُحسَد عليه وهم يقفون على مفترق طرق خطير بعد انفلات الوهَّابية التكفـيرية المتوحشة من عقالها مما يشكل ارتياحاً استراتيجياً للعدو الاسرائيلي لولا وجود المقاومة. العدو اليوم يتفرج على سوريا تمزقها مؤمرات أشباه الرجال والعراق يكتسحه الوحوش واليمن تفتك به المذابح والبحرين ينوء شعبه تحت الظلم ولبنان يقع تحت رحمة آل سعود الذين كشفوا عن وجههم وجمَّدوا هبتهم للجيش اللبناني. اما حال المسلمين المهاجرين فـي العالم فليس بأفضل حال وهاهي مدينة ديربورن تصبح مكسر عصا لكل عنصري ومتطرف من الدواعش المسيحية الأصولية ليأتي اليها ويمارس حقده والتشويش عليها بسبب الكثافة العربية الاسلامية التي تعيش فـيها بأمان وسلام. وآخر العنقود قسيس من أريزونا هو ستيفن أندرسون يريد أنْ يزحف الى المدينة يوم الجمعة ٢٦ حزيران (يونيو) الحالي من أجل «إنقاذ المسلمين» فـي شهر رمضان المبارك. كلهم يريدون أنْ يبلُّوا أيديهم بديربورن ويظهروا عنترياتهم مع عقد نقصهم ونفسيتهم المنحرفة.
لكن أندرسون وقبله جونز وغيرهما من البلهاء لن يقدموا أو يؤخروا شيئاً فلنجادلهم بالتي هي أحسن وهم الذين يجب ان يخافوا على معتقداتهم لا نحن، لأنهم لا حجج لديهم ولا أدلة ولنكن بحجم مسؤولية الشهر الفضيل وأخلاقه ولنقدم الاقوى بيننا لغةً ومنطقاً عندما يطرقون أبوابنا ولنجعلهم يختبرون المعنى الحقيقي للضيافة العربية والإسلامية فنحن لوحدنا فـي هذا السبق ولا مراكز أو مؤسسات دينية، على كثرتها إلا ما ندر، مستعدة ومتحضرة لهذا اليوم ولا تملك مشروعاً أو رؤيةً خاصة لمجابهة هذه الموجة التكفـيرية من نوع آخر. كما ان رئاسة البلدية فـي ديربورن تشهد تراجعاً واضحاً فـي مواقفها المساندة للجالية العربية فلنتزود بخير الزاد ونتكل على الله فقط فـي هذا الشهر الكريم وكل عام وأنتم بخير.
Leave a Reply