ديترويت – «صدى الوطن»
عطلة نهاية أسبوع دموية مرت على ديترويت الأسبوع الماضي حاصدة ثلاثة قتلى و٢٤ جريحاً، إضافة الى خيبة أمل واضحة عبّر عنها رئيس البلدية مايك داغن وقائد الشرطة جيمس كريغ، وسط مخاوف من ارتفاع وتيرة الجرائم المسلحة مع بداية فصل الصيف.
رغم التحسن الأمني الملحوظ الذي شهدته ديترويت فـي السنوات الأخيرة لا تزال حوادث إطلاق النار تسجل مستويات مرتفعة فـي كافة أنحاء المدينة، على عكس التراجع فـي معدلات أنواع الجريمة الأخرى مثل السرقة والسطو والإغتصاب، بحسب إحصائيات الشرطة.
وقال داغن فـي مؤتمر صحفـي عقد الإثنين الماضي إن معظم حوادث إطلاق النار التي وقعت هي بسبب خلافات شخصية قرر أصحابها معالجة مشاكلهم بالسلاح لافتاً الى أن الضحايا غالباً ما يكونون من الأبرياء، مع الإشارة الى أن المعدل الحالي لضحايا جرائم إطلاق النار فـي ديترويت يقدر حالياً بحوالي ١٧.٦ جريح و٥.٢ قتيل فـي الأسبوع الواحد.
كريغ متحدثاً للصحفيين في موقع الجريمة عند تقاطع شارعي ويب ودكستر بديترويت. |
وقال داغن إن البلدية تتعاون مع السلطات الفدرالية لملاحقة كل من يحمل السلاح بشكل غير شرعي ومحاكمتهم وفق القوانين الفدرالية الأكثر تشدداً فـي خطوة تحاكي ما أقدمت عليه مدينتا بوسطن وسينسيناتي اللتان شهدتا تراجعاً كبيراً فـي هذا النوع من الجرائم، مؤكداً على ضرورة إفهام المجرمين أن إطلاق النار سيؤدي بهم حتماً الى السجن.
ويرجع المسؤولون فـي ديترويت استمرار ارتفاع معدل جرائم إطلاق النار فـي المدينة الى غياب التعاون من الأهالي بسبب شعورهم بالضعف والخوف، وهذا ما عبر عنه كريغ صراحة فـي تعليقه على أكثر الجرائم دموية خلال الأسبوع الماضي والتي راح ضحيتها قتيل و١١ جريحاً فـي ملعب رياضي مفتوح عند تقاطع شارعي ويب ودكستر فـي غرب المدينة يوم السبت الماضي.
مئات الشهود.. (ما شافوش حاجة)!
ووصف كريغ المتورطين بإطلاق النار هذا بـ«إرهابيي المدن»، حيث لم يتوانوا عن فتح نيران أسلحتهم على الحضور الذي كان يتراوح عدده بين ٢٠٠ و٣٠٠ شخص. لكن ما أصاب كريغ بالإحباط هو أنه رغم وجود هذا العدد الهائل من الشهود لم يحصل المحققون على التعاون المطلوب لتحديد الجناة وإلقاء القبض عليهم لغاية الآن. وأضاف كريغ أنه رغم فداحة المشهد «ما من أحد رأى أي شيء»، مرجعاً ذلك الى وجود شعور عام لدى سكان ديترويت بأن لا حول لهم ولا قوة أمام الجريمة المتفشية.
ولفت قائد الشرطة الى أن هناك بعض الأحياء الواقعة تحت نفوذ العصابات الإجرامية، التي تتحرك براحة تامة فـي مناطقها حتى أنها تقيم احتفالات خاصة لتضفـي على نشاطاتها شيئاً من الشرعية.
ودعا كريغ الأهالي الى التغلب على حاجز الخوف من التحدث الى الشرطة خشية تعرضهم لأعمال انتقامية من المجرمين، مؤكداً أن هذه الحوادث المأساوية «قد تتكرر إن لم تفعلوا شيئاً»، وأضاف «نحن غير قادرين على وقف هذا العنف وحدنا.. أعرف أن سكان الأحياء غاضبون ولكن ليس الآن هو وقت الخوف» مؤكداً على ضرورة تشارك المعلومات مع الشرطة حتى تتمكن من توفـير الأمن لهم.
وقالت الشرطة إن القتيل مالك جونز (19 عاماً) اشتبك مع الجناة، وكان قد تعرض قبل شهر لإطلاق النار، وتبحث السلطات حالياً عن اثنين من المشبوهين، أحدهما كان يحمل بندقية فضية اللون. وكان كريغ ومجموعة من عناصر الشرطة قد تفقدوا المكان فـي اليوم التالي من الإشتباك حيث قال إن «هذه العصابة أرادت الإنتقام من الضحية فقد أطلق الجناة 47 عياراً نارياً». وكان كريغ يتحدث للصحفـيين فـي ملعب لكرة السلة على تقاطع شارعي ويب ودكستر حيث كانت بقع الدماء ما زالت ماثلة على الأرض جراء الإشتباك الذي حدث مساء السبت حيث كان متواجدا زهاء 300 شخص من سكان الجوار، وقد أصيب منهم عدد من النساء والرجال تراوحت أعمارهم بين 19 و47 عاماً.
غير أن القس تشارلز وليامز الثاني، راعي كنيسة الملك سليمان القريبة من موقع الجريمة، انتقد توصيف كريغ للجناة بأنهم «إرهابيي المدن»، معتبراً أن الجريمة فـي ديترويت متفشية بسبب غياب التعليم والبطالة والفقر، معتبراً أنه «ما من أحد يقتل آخر هنا لأسباب أيديولوجية أو دينية». وأضاف أنه فـي ديترويت من الأسهل أن تصل يدك الى مسدس من أن تجد كتاباً.
يذكر أنه فـي عام ٢٠١٥، قُتل ١٢٩ شخصاً وجرح ٤٤٠ فـي ديترويت لغاية تاريخ ٢١ حزيران (يونيو)، مقارنة ١١٦ قتيل و٤٤٨ جريح فـي نفس الفترة من العام ٢٠١٤.
لكن أكثر ما يثير قلق المسؤولين هو أن تتصاعد وتيرة العنف المسلح بسبب تحسن أحوال الطقس مع بداية فصل الصيف، وهو ما دفع الشرطة الى تعزيز حضورها فـي الداونتاون التي تشهد احتفاليات عدة هذه الأيام بمناسبة قرب موعد عيد الإستقلال.
جرائم أخرى
موجة العنف الأخيرة لم تميز بين المناطق فقد تساقط الضحايا فـي كافة أنحاء المدينة بما فـيها الداونتاون التي شهدت مقتل شخص وإصابة آخر فـي «الحي اليوناني» (غريكتاون) دون التمكن من تحديد الجناة. وقال المتحدث بإسم الشرطة دان دوناكوسكي إلى الحادثة وقعت عقب يوم واحد من إصابة شابة (19 عاماً) فـي نفس المنطقة عند تقاطع شارعي بوبيان ومونرو بعيار ناري فـي الكاحل وآخر فـي البطن. وكانت الفتاة أصيبت أثناء سيرها بالقرب من مطعم «فايف غايز» للبرغر وتم نقلها للمستشفى وهي فـي حالة مستقرة. وفـي حادثة أخرى وقعت شمال المدينة، لقي منفذ عملية سطو مصرعه الأحد الماضي داخل مطعم «بيتز غريل وكوني أيلاند» الواقع على تقاطع شارعي ديكويندر وأوتردرايف. وحسب الشهود، أشهر الرجل سلاحه فـي وجه صاحب المطعم، فما كان من عاملة الطهي التي كانت متواجدة لحظتها فـي المطبخ إلا أن سحبت بندقية وأطلقت عدة عيارات نارية على المشبوه وأردته قتيلاً. ولا تزال التحقيقات جارية.
Leave a Reply