عماد مرمل – «صدى الوطن»
تواجه الحكومة اللبنانية الحالية واحداً من أدق التحديات التي اعترضتها منذ تأليفها، مع تفاقم الخلاف بين رئيسها تمام سلام والتيار الوطني الحر الذي يشعر بأن هناك تهميشا مزمنا ومنهجيا للحقوق المسيحية.
ويتهم زعيم التيار العماد ميشال عون رئيس الحكومة بالانقلاب على الآلية التوافقية والميثاقية، التي جرى اعتمادها لإدارة مجلس الوزراء، فـي مرحلة الشغور الرئاسي، وذلك استكمالاً لمسار الاستئثار بالسلطة.
فـي المقابل، ينوّع سلام تكتيكاته السياسية فـي خدمة استراتيجية واحدة، وهي المحافظة على الحد الممكن من انتاجية مجلس الوزراء، ومنع تعطيل عمله بذريعة ان التوافق ممر إلزامي لاتخاذ القرارات.
«صدى الوطن» التقت سلام، وكان هذا الحوار الشامل والصريح معه فوق صفـيح الخلاف الساخن مع عون:
هل تشعر بان الحكومة اصبحت فـي خطر؟
انا وضعت هدفا واقعيا للحكومة وهو الاهتمام بشؤون الناس، فـي انتظار ان تتوافق القوى السياسية على حل الازمة المستعصية، بدءا من انتخاب رئيس الجمهورية الذي يفترض ان تكون له الاولوية، وأنا أعلم منذ تشكيل الحكومة بان الخوض فـي الملفات الخلافـية سيهدد تماسكها، ولذلك يجب ان يظل مجلس الوزراء بمنأى عن النزاعات السياسية وتصفـية الحسابات.
ماذا عن مصير بند التعيينات الامنية الذي يتمسك التيار الحر بالبت به، قبل الخوض فـي اي أمر آخر؟
لم يعد هناك ما يمكن فعله بالنسبة الى هذا البند، لأن وزير الداخلية مدد للمدير الحالي لقوى الأمن الداخلي بعد الاعتراض الذي ظهر على الاسم الذي تم اقتراحه، أما فـي ما خص تعيين قائد الجيش، فإن وزير الدفاع ليس لديه ما يطرحه بهذا الخصوص فـي انتظار انتهاء خدمة العماد جان قهوجي، خلال شهر أيلول المقبل.
ما هو موقفك من الانتقادات التي تُوجه الى قائد الجيش؟
لا يجوز بأي شكل التشكيك فـي الجيش او قائده، لاسيما اننا نخوض مواجهة مع الارهاب، وسط المعركة التي تخاض ضد الارهاب، فإن أي تشكيك من هذا القبيل يسيء الى المؤسسة العسكرية ومعنوياتها، ويخدم الاعداء. وأنا لا أعتقد أصلا ان هناك اي مسوغ لاستهداف الجيش بالسهام السياسية فـي ظل الانجازات الامنية التي يحققها.
ما هي أفضل السبل لحماية الحكومة، وسط الضغوط التي تتعرض لها من داخلها؟
صحيح ان الحكومة ائتلافـية، لكن جسمها المرهف لا يسمح بتحميلها أكثر مما تحتمل، وأنا أسعى الى حمايتها من خلال محاولة إبعادها عن الصواعق المتفجرة، لكنني فـي الوقت ذاته لا أستطيع أن أسمح بتعطيل انتاجيتها.
كيف تفسر الهجوم عليك وعلى الحكومة من بعض أطرافها؟
يبدو ان بعض القوى السياسية عندما تعجز عن تحقيق ما تريده، تحاول أن تعوض عن ذلك بالتحامل على مجلس الوزراء ورئيسه.
ماذا عن مفهومك لقاعدة التوافق التي تعتمدها فـي إدارة مجلس الوزراء؟
بالنسبة إلي، حدود التوافق تتوقف عند محظور التعطيل، إذ لا يجوز شل عمل الحكومة بحجة عدم وجود توافق بين كل الوزراء على هذه القضية او تلك، لأن الحكومة تصبح فـي هذه الحال أسيرة هذا الفريق أو ذاك، ما يخلّ بانتاجيتها. التوافق لا يعني الاجماع، وإذا وجدت ان بعض الوزراء يعترضون على أمر ما لأسباب غير مقنعة فمن حقي ألّا أتوقف عند اعتراضهم، حرصا على شؤون المواطنين وصونا لمصلحة الوطن المؤتمن عليها، خصوصا انني أطلقت على الحكومة منذ تشكيلها تسمية حكومة المصلحة الوطنية.
كيف ترد على الاتهام الموجه اليك بأنك تختزل فـي شخصك صلاحيات رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية فـي وقت واحد؟
من يوجه إلي هذا الاتهام لا يعرفني. ليس أنا من يسطو على صلاحيات رئيس الجمهورية، ونهجي وتاريخي يثبتان انني حريص على التوازن الداخلي.
ما ردك على القائلين بانك تساهم فـي تهميش المسيحيين وانتهاك حقوقهم، من خلال تجاهلك لمطالب مكوّن مسيحي اساسي يمثله فـي مجلس الوزراء التيار الحر؟
هذا الكلام يصدر عن التيار الحر حصرا، أما الاطراف المسيحية الاخرى فلم يصدر عنها ما يوحي انها من الرأي ذاته. وانا أؤكد أن جزءاً واسعاً من الشارع المسيحي الذي يسعون الى احتكار تمثيله والنطق باسمه، أظهر من خلال تفاعلي معه قدراً كبيراً من الايجابية حيالي.
هناك من يقول انك تطبق سياسة غيرك، لتخدم مصلحة غيرك، فـي إشارة الى ان الرئيس سعد الحريري يتدخل فـي رسم خياراتك وقراراتك. هل هذا صحيح؟
انا أمارس قناعاتي، وأقف منذ تشكيل الحكومة على مسافة واحدة من الجميع، ولا انحاز الى فريق على حساب آخر، وللعلم يحصل أحيانا أن اتصالاً هاتفـياً واحداً يتم بيني وبين الرئيس سعد الحريري خلال شهر..
ما موقفك من تلويح العماد عون بنسف النظام، لأنه لا يمنح المسيحيين حقوقهم؟
ربما كان عون محقاً نظريا لجهة الفصل بين الدولة والنظام، لكن نسف النظام فـي هذه الظروف قد يهدد الدولة، ويأخذنا الى المجهول، لاسيما أن الواقع الاقليمي المتفجر والذي يهدد بتداعيات على ساحتنا لا يسمح بفتح ملفات من هذا النوع.
هل انت قلق من استخدام الشارع للضغط عليك؟
ان التحرك السلمي هو مشروع من حيث المبدأ، ويندرج فـي إطار الحريات العامة، لكن التحديات التي تواجه لبنان والمنطقة تجعل التحرك فـي الشارع غير مستحب، وإذا كان عون يريد استعماله ضد الحكومة، فهذا لا يستقيم مع كونه ممثلا فـيها.
أي انعكاس يمكن ان يتركه الاتفاق النووي بين ايران والقوى الدولية، إذا حصل، على مجريات الازمة فـي لبنان؟
الكل يترقب المفاوضات حول الملف النووي، وفـي حال التوصل الى اتفاق فمن الأكيد ان معطى جديدا سيدخل على الخط، آمل فـي ان يترك تاثيرات إيجابية على لبنان.
الى متى تتوقع ان يدوم مخزون الصبر لديك؟
فـي ما يخص صبري الشخصي فأنا طويل البال والنَفَس، أما صبري كرئيس لمجلس الوزراء فله حدود، لانه ليس ملكي.
هل خيار الاستقالة وارد لديك؟
أنا لم أعط فـي أي يوم إشارة الى تمسكي بالكرسي، ولعل نقطة القوة المحورية لدي انني متحرر من الحسابات والمصالح الشخصية والحزبية، فأنا لست رئيس حزب أو تيار، وبالتالي لا همّ لدي بأخذ حصص فـي السلطة وان أعيّن فلاناً أو فلاناً، ومتى وجدوا انه يجب فرط الائتلاف الحكومي الحالي فهذا شأنهم، ولكن حتى الآن لم تبد غالبية مكونات الحكومة ميلاً فـي هذا الاتجاه.
Leave a Reply