عماد مرمل- «صدى الوطن»
تفرض استراتيجية بعض الغرب فـي التعاطي مع أزمات الشرق الاوسط طرح تساؤلات كثيرة حول العديد من الخيارات والتصرفات التي تبدو مريبة بالنسبة الى الكثيرين، بفعل التعارض بين القول والفعل.. او بين المعلن والمضمر.
وإذا كان معروفا عن السياسات الغربية، لاسيما الاميركية، تخصصها فـي البراغماتية، فان قضايا المنطقة تحولت الى مسرح لهذا السلوك الذي تجاوز الطابع البراغماتي الى النفاق فـي الكثير من الاحيان، وليست طريقة مقاربة ملف «داعش» سوى مثال على ذلك.
ويقول دبلوماسي غربي فـي بيروت لـ«صدى الوطن» انه ليس صحيحا ان هناك مؤامرة اميركية او غربية تهدف الى الإبقاء على وجود «داعش» فـي المنطقة، وفق حجم مدروس، معتبرا ان الامر أبسط من ذلك، ويتعلق بقدرة «داعش» على استخدام وسائل ذكية للتمدد او لتنفـيذ هجمات عسكرية، كما حصل مؤخرا فـي تدمر السورية والرمادي العراقية، برغم ضربات التحالف الدولي، «وبالتالي فليس صحيحا ان هذا التحالف يغض الطرف عما يفعله التنظيم الارهابي لخدمة مصالحه الاستراتيجية».
ويبرر الدبلوماسي عدم شن دول التحالف غارات مكثفة على مواقع «داعش»، كتلك التي شنتها اسرائيل على لبنان عام 2006، بالقول ان اي حملة جوية عشوائية وعنيفة ستؤدي الى الحاق خسائر فادحة فـي صفوف المدنيين المتواجدين فـي مناطق سيطرة «داعش»، ما يؤدي الى رد فعل حاد فـي اوساط هؤلاء الذي سيميلون نحو التطرف وسيدعمون رموزه، مؤكدا ان الخشية من هذا الاحتمال هي التي تدفع التحالف الدولي الى اعتماد الحذر فـي ضرباته العسكرية.
ولا يوافق الدبلوماسي على ان «داعش» يخدم المشروع الاسرائيلي فـي المنطقة، ويشكل حليفا موضوعيا له، معتبراً ان «داعش» يمثل خطرا على اسرائيل، فـي المدى المتوسط، لانه بعدما يفرغ من قتال أعدائه فـي البلدان العربية، سيتحول نحو محاربة تل ابيب
ويرى المصدر الدبلوماسي ان الاتفاق النووي بين ايران والدول الكبرى ينطوي على إيجابيات فـي جانب منه، لكنه ينطوي فـي جانب آخر على محاذير، إذ انه سيسمح لايران بالانتعاش ماديا واقتصاديا، الامر الذي سيجعلها قادرة على رفد حلفائها فـي المنطقة، ومن بينهم حزب الله، بمزيد من الدعم والقدرات.
وفـيما يقر بان الرئيس الاميركي باراك أوباما كان جريئا فـي إبرام الاتفاق النووي مع طهران، يستفسر عما إذا كانت ايران ستظل تتصرف بعد الاتفاق النووي على اساس ان الاولوية لديها هي للصراع مع اسرائيل، كما يسأل حول نظرة كل من فريقي 8 و 14آذار فـي لبنان الى هذا الاتفاق وانعكاساته المحتملة على الساحة اللبنانية وملفاتها.
وتشدد الشخصية الدبلوماسية ذاتها على انه لا حل فـي سوريا ببقاء بشار الاسد فـي السلطة، لان هناك قوى أساسية ضمن الشعب السوري ترفض بقاءه، مشيرة الى ان الحل قد يكون بتسلم شخص يشبه الاسد مقاليد الحكم، بحيث يكون قادرا من جهة على حماية مصالح روسيا وايران من جهة، كما يستطيع من جهة أخرى ان ينال ثقة السوريين. ولكن لا يلبث ان يضيف مبتسما: أعتقد ان الاسد سيتخلص سريعا من هذا الشخص إذا وُجد..
ويحذر الدبلوماسي الغربي من ان استمرار الاسد فـي التربع على سدة الحكم بات عنصر استقطاب وجذب للارهابيين الذين يتدفقون الى سوريا لمقاتلته، لافتا الانتباه الى ان أحد شروط مواجهة الارهاب يكمن فـي تنحي الاسد.
ويبدي اعتقاده بان الاسد كان يستطيع قطع الطريق على تضخم ظاهرتي التطرف والارهاب، لو انه بادر فـي بداية الازمة السورية، الى إجراء اصلاحات جذرية فـي بنية النظام، بدل اللجوء الى قمع التظاهرات السلمية بالقوة، كاشفا فـي الوقت ذاته عن ان بعض المعارضين السوريين ابلغوه انهم لو خُيّروا بين «داعش» والنظام الحالي، فانهم يختارون الثاني مضطرين.
وعلى الصعيد اللبناني، يعتبر المصدر الدبلوماسي ان حكومة الرئيس تمام سلام هي حكومة الضرورة فـي ظل غياب رئيس الجمهورية، مؤكدا انه يجب عدم تعطيلها او اسقاطها، لانها باتت الضمانة شبه الوحيدة للمحافظة على الحد الادنى من الاستقرار الذي يحظى به لبنان حاليا، ومنبها الى ان انهيار آخر المؤسسات الدستورية فـي الدولة سيُسبب حالة من الفوضى العارمة. ويلاحظ ان الازمة تكمن فـي ان كل وزير من الوزراء الـ24 يتصرف وكأنه هو الرئيس، ويملك حق النقض، ما يؤدي فـي الكثير من الاحيان الى شل الحكومة.
وتشير الشخصية الدبلوماسية الى ان رئيس الجمهورية هو رئيس لكل لبنان، ولذلك يجب ان يكون توافقيا، لافتة الانتباه الى ان توازن القوى لا يسمح للعماد ميشال عون بان يفرض خياراته، وإذا كان الشيعة يسمون رئيس مجلس النواب، والسنة يختارون رئيس الحكومة، فان الانقسامات او الاصطفافات المسيحية لا تسمح بتعميم المعادلة ذاتها على رئاسة الجمهورية.
وتعرب عن اعتقادها بان حزب الله لا يريد، ضمنا، وصول عون الى قصر بعبدا، ولكنه مضطر الى تأييده ظاهريا لانه يؤمن له غطاء مسيحيا حيويا.
ويعتبر الدبلوماسي الغربي ان بإمكان عون ان يؤدي دورا محوريا فـي اختيار الرئيس المقبل للجمهورية، داعيا إياه الى قبول هذا الدور الشديد الاهمية.
ولا يتردد الدبلوماسي ذاته فـي الاستفسار عن الوضع الداخلي فـي التيار الوطني الحر، متسائلا عن مسار الانتخابات الحزبية التي يفترض ان تحصل فـي ايلول المقبل لاختيار رئيس التيار، والنتائج المحتملة للمعركة الانتخابية، ودور الجنرال عون فـيها.
Leave a Reply