بلال شرارة
أنا كنت وما زلت ارى ان حل المشكلات والمسائل والملفات العربية هو باتباع الانموذج المصري للوقائع العربية ليس فقط على قاعدة ما تحقق فـي 25 يناير وبعد ذلك حركة الثورة التصحيحية فـي 30 يونيو وليس نظراً لدور الجيش، الأمني ومشاريعه كقوة عمل وانتاج فحسب بل لأن مصر اكتسبت وعياً تاريخياً تجاه موقعها ودورها ليس من السهل تجاهله او التسليم بأي نقيض له حيث ان مصر التزمت خلال السنوات الخمسة آلاف الماضية بمركزية الدولة .
المشكلة فـيما تقدم ان الناس فـي مصر لا تعرف الكثير عن ما يحدث الآن واننا نحن – العرب – والعالم – الرأي العام العربي والعالمي – لا تعرف كثيراً عما يحدث فـي مصر وفـي العالم العربي, والعالم والناس لا يعرفون كثيراً عن مشروع قناة السويس الجديدة كقوة انتاج وعمل.
ونحن جميعاً لا نعرف الكثير عما تحقق امنياً منذ سقوط ولاية الاخوان المسلمين على مصر لمدة عام (عهد مرسي). كل ذلك يحدث بسبب غياب الاعلام المصري رغم وجود محطات كثيرة رسمية وخاصة، حيث ان الاولى واقعة فـي كلاسيكية متبعة اباً عن جد والثانية ترويجية لاعمال رجال الاعمال.
وفـي واقع الامر اليوم, أنّ مصر تعاني من هجمة منظمات حقوق الانسان واستخدام (الهجمة) للضغط على الدولة واعمالها وتبدو (الدولة) ازاء ذلك مجردة من الدفاع عن نفسها وعن مصر فـيما هي – الدولة – تقوم برد فعل قانوني على جرائم ضد (الدولة) اقترفها محازبون خلال فترة حكمهم وخلال ممارساتهم الارهاب المتمادي.
اقتصادياً تجري مصر مفاوضات صادقة تتصل بسد النهضة مع اثيوبيا والسودان وتسعى الدولة فـي مصر الى انجاز العديد من مشروعات شبكة الربط للطرقات واطلاق مشروعات للاصلاح الزراعي وتشغيل المصانع المتوقفة وفتح مخطط للمنطقة المحيطة بقناة السويس وهذا الامر كله يتصل باقتصاد مصر وحياتها وتوليد فرص للعمل.
فكرياً: تصاعدت فـي مصر المعركة لتحرير المساجد من سيطرة القيادات المتشددة.
فـي هذا الامر تدور المعركة على آلاف المساجد عبر خطة متكاملة للوصول بالخطاب الدعوي الى الوسطية ومواجهة العشوائية فـي الدعوة والاغراق الفكري بهدف تجفـيف منابع التطرف.
يشار الى ان عدد المساجد التي تتبع الاوقاف رسمياً يقدر بنحو 120 ألف مسجد حيث أن هناك آلاف المساجد والزوايا تقع تحت هيمنة تيارات تقود الشارع الى الارهاب وتدعو الى ممارسة العنف ضد السلطة.
الاوقاف المصرية تقود حملة لتنقية مكتبات المساجد من منشورات ومطبوعات التكفـيريين وتسعى لتحرير المساجد و(الزوايا) من قادة الاخوان المسلمين المحرضين على العنف.
أما فـي المسألة الامنية فإن مصر تعيش حياة طبيعية يعكرها أحياناً عمليات صوتية أو عمليات دامية للمتطرفـين تمّ الحد منها حيث نجحت السلطات فـي الداخل بتفكيك القيادة الوسطية للاخوان وتواصل القاء القبض على الخلايا المتطرفة والاهم ان الدولة انهت اسطورة دولة شمال سيناء ووصل الامن المصري الى عمق منازل البلدات والقرى فـي سيناء والامن ربح (بخسائر معقولة) الحرب ضد الارهاب المقيم فوق الارض وتحت الارض وفـي الاتفاق المؤدية الى غزة او منها.
اذن مصر قادمة
يبقى اننا نحتاج الى استعادة دور مصر العربي على صعيد بناء السلم الداخلي فـي اقطارنا فأنا لا انكر مثلاً أن مصر لعبت ادواراً اساسية فـي لبنان عبر انهاء ازمات الرئاسة السابقة وعملت على انتخاب رئيسين على التوالي هما: الرئيس اميل لحود وفـيما بعد الرئيس ميشال سليمان.
اعتقد وفـيما الدول العربية الكبرى غير مصر لم تستطع ان تحل مكان الدور المصري وهي تواصل تمويل انتحارها عبر تحالفات حربية ومصلحية هنا وهناك وادارة حروبها لاسقاط خصومها على جبهات اليمن وسوريا وغيرهما ومحاولة اخراج عوامل ما يوصف ( بالتدخل الايراني فـي الشؤون العربية)
ازاء ذلك اعتقد اننا نحتاج الى قيادة عربية تمثل انموذجاً فـي (الثورة على فساد الحكم) على قاعدة ثورة 30 يونيو وانموذجاً فـي بناء المشروعات والتصدي للارهاب والحفاظ على هبة الله (النيل) وهذا الانموذج متوفر فـي مصر.
Leave a Reply