خليل إسماعيل رمَّال
لبنان شبه كيان مصاب بانفصام الشخصية وبوجود هوة كبيرة بين الشعب ووحوش السلطة. هوة تكاد تسرح فـيها الغزلان.
فـي تاريخ هذا البلد التائه، لم يكن النائب فـي لبنان ممثِّلاً بحق، للناخب أو المواطن فـي دوائر انتخابية مقسمة وفق القواعد الطائفـية والمذهبية منذ كنَّا صغاراً ونحن نرى أهلنا والنّاس لا يرون وجه المسؤول إلا وقت الانتخابات ولا يحصلون منه على خدمة، سوى خدمة وحيدة، وهي النقل المجَّاني المدفوع إلى ضيعاتهم وبلداتهم ليس كرمى لعيونهم ولزيارة أحبائهم وأقاربهم ببلاش، بل من أجل الإقتراع لهذا النائب أو المسؤول فقط.
مناسبة هذا الكلام هي جلسة الحوار الثانية التي جرت على وقع قمع السلطة الغاشمة البوليسية، التي انتهى زمنها وعصرها، ضد المتظاهرين والتحرك الشعبي عبر خطة مبيّتة وموضوعة ومعدَّة سلفاً لإفشال التحرك الشعبي المطلبي بعد أنْ استعادت السلطة وعيها وتخطت حاجز القلق والصدمة، بدليل استهداف قادة التحرك حتى المعتصمين والمضربين عن الطعام منهم ولم توفر حتى الفتيات والنساء. وفـيما كانت مؤامرة ١٦ أيلول تتم فـي وضح النهار كان المتحاورون داخل مجلس النوَّاب لا يدرون بما يجري حولهم ( وهذا ينطبق كتوصيف لحالهم السياسي أيضاً) وهم لا علم لهم ولا خبر بل كانوا يبحثون فـي جنس الملائكة أصبحت مواقفهم أكثر تباعداً من ذي قبل.
ادلى كل بدلوه الكلامي حول مواصفات الرئيس ثم انبرى فؤاد السنيورة يتطرق لموضوع من خارج جدول الأعمال لكي يصوِّب على الحوار الذي كان معارضاً له بالأصل وحضره على مضض بسبب موافقة معلِّمه، فكيف سينجح هكذا حوار؟
قبل انعقاد الحوار يوم الأربعاء الماضي، وحوار حزب الله وتيار المستقبل العقيم الذي سبقه يوم الثلاثاء (ماذا عن الإثنين أو الويك أند؟ أم أن عطل النوَّاب مقدسة؟)، وقع خبر موت العميل الإسرائيلي الأكبر أنطوان لحد وبلغت الوقاحة فـي مسخ الوطن ان موضوع دفنه فـي مسقط رأسه فـي الشوف، قد طُرح. الحقيقة يجب الا نستغرب كل هذا بعد ان طوب البطريرك نصرالله صفـير عقل هاشم شهيداً.
النظام اللبناني متواطىء مع العدو منذ القدم، فقبل لحد كان هنالك سعد حدَّاد الذي حرصت حكومة السيِّء الذكر الياس سركيس مع وزيره الدائم فؤاد بطرس، على منحه راتبه كضابط فـي الجيش رغم عمالته المكشوفة وخيانته لوطنه. فالخيانة والتعامل مع العدو الاسرائيلي تبقى لها وجهة نظر فـي لبنان.
الحوار عقيم فـي لبنان.. والحل خارجي.. لكن هذا الخارج اليوم مشغول بترسيخ التواجد العسكري الروسي فـي سوريا وصمود اليمن الأسطوري والتقارب المصري السوري الجديد والتعنت السعودي والتشدد الايراني الجديد من قبل مرشد الثورة، على وقع طبول الحرب التي تروج لها إسرائيل وتستعد لها وكأنها حاصلة غداً، بينما بقية صغار «١٤ اَذار» لا هم عندهم الا نزع سلاح المقاومة رغم الخطر الهائل الذي يطرحه التكفـيريون والصهاينة، بينما عواصف الحزم العربية تأكل لحمها وتتفرج على انتهاك حرمة المسجد الأقصى من قبل الصهاينة والمستوطنين.
Leave a Reply