مريم شهاب
كان ختام أداء فريضة الحج هذه السنة كارثياً. ومهما كانت الأسباب فأرواح أبرياء صعدت إلى بارئها والعزاء لكل من فقد عزيزاً أو حبيباً.
تعليقات كثيرة قرأها مثلي الكثيرون، تفـيض شماتة واستهزاءً خاصة فـي هذا الزمن الأغبر حيث أصبح الكثيرون فـي الغرب ينظرون للمسلم بخوف وازدراء ويعتقدون أن الإسلام دين لا يحترم الحياة. لا لوم عليهم بذلك، فالكثير من المثقفـين المسلمين يمتلكون بمشاعر سلبية ضد الدين بفضل إرهاب «داعش» وغيرهم من المتدينين الذين يظهرون وينتشرون مثل الأوبئة فـي غياب المراقبة والرقابة على الكثير من رجال الدين وأئمة المساجد والوعّاظ. وليس مستغرباً أن ندفع جميعاً الثمن وأن نواجه مصير اليهود فـي القرون الوسطى. حيث نسمع هذا النداء هنا فـي ديربورن «جهاراً نهاراً» من القريب فـي الوطن قبل الغريب، بحجة أن الله سبحانه وتعالى ينزل عقابه بالمسلمين حتى وهم يؤدون فريضة الحج فـي بيته الحرام.
فـي إحدى الندوات الدينية، تحدّث العديد من الأشخاص وتساءلوا لماذا نستعمل الديبلوماسية المنمقة حين نتكلم عن الله. هل الله موجود حقاً أم إن الإنسان اخترعه؟ وإذا كان الله موجوداً لماذا يسمح بوقوع الكوارث والمآسي للناس، وخصوصاً لمن يؤمنون به ويعبدونه؟ والشرق الذي هو مهد الرسالات والأديان، ربما سيكون حاله أفضل بدون الأديان والأنبياء ومن بعدهم رجال الدين الذين يستميتون لإقناع أتباعهم بأن دينهم هو الطريق الصحيح والأقرب إلى الله.
لم يندهش أحدٌ من هذه الأسئلة نظراً لجو الحرية هنا فـي ديربورن، والتساؤل عن الأديان كلها وليس فقط عن الإسلام. وكان جواب المحاضر فـي الندوة إن رسالته ودعوته هي حث الجميع للتعايش والاحترام بغض النظر عن إقراره أو إنكاره لوجود الله. وهو أي المحاضر فـي الندوة لم ير شخصاً واحداً رجع من الموت ليخبره سواء عن الله أو عن أي من الأديان أقرب إليه تبارك وتعالى.
يتباهى العديد من وجهاء الجالية العربية فـي ديربورن، ممن زادهم الله بسطة فـي النفوذ والمال، ويشعرون بالفخر والاعتزاز لتمكنهم من الذهاب إلى مكة للحج والعمرة مرات عديدة، ألا يعتقد هؤلاء انه من الأجدى وأكثر تقرباً لله لو أنفقوا المال على تعليم أحد المحتاجين فـي دولهم الفقيرة؟ أليس ذلك أقرب للمنطق من زيادة الأموال السعودية، والتي بحمد الله ليست بحاجة إلى زيادة، نظراً لعائدات النفط وإيرادات العمرة التي لا تنقطع طيلة السنة، ترى ماذا سيكون الرد لو سُئِل النبي محمد عليه الصلاة والسلام، ما هو العمل الصالح والأهم والأكثر تقرباً إلى الله عزّ وجل، هل زيادة أموال آل سعود أم مساعدة فقراء المسلمين؟
الحج مرة واحدة ولمن استطاع إليه سبيلاً. الناس بأمسّ الحاجة إلى قيم أخلاقية من الأديان كلها للتعايش وبناء علاقات إنسانية كبشر تقربهم إلى بعضهم البعض بدلاً من مناظرات بين رجال الدين، حيث يحاول كل منهم إثبات أن دينه هو الأصح والأحق بأن يُتّبع. والحجاج الذين قضوا نحبهم هذه السنة، إنما هو قضاء الله وقدره، وحاشا ان يكون غضباً وانتقاماً.
Leave a Reply