مرندا فالي – «صدى الوطن»
الطفل الذي هاجرت عائلته من مصر العربية فـي فترة السبعينيات ولد وترعرع فـي مدينة ديترويت وضواحيها، ثم غادر متجولاً فـي العالم كدارس وباحث، يعود اليوم إلى مرتع طفولته ليرأس دائرة الصحة فـي المدينة، بعد قرار تعيينه فـي هذا المنصب الرفـيع من قبل رئيس البلدية مايك داغن.
بسبب كثرة تنقله بين دول العالم والمدن الأميركية خلال حياته المهنية، كان الدكتور المصري الأميركي عبدول السيِّد يشعر بأن تحديد هويته أمرٌ معقد نوعاً ما. يقول السيد هناك دائماً سؤال يواجهه «من أين أنت فعلاً؟ من أميركا؟ أم من مصر؟» لكنه أدرك فـي النهاية الإجابة على هذا السؤال: «أنا من ديترويت».
بعد حصوله على درجة البكالوريوس مع أعلى تقدير فـي علم الأحياء والعلوم السياسية من «جامعة ميشيغن»، غادر الدكتور السيد ولاية ميشيغن وحط رحاله فـي «جامعة كولومبيا» فـي نيويورك حيث حصل على شهادة الطب والدكتوراه فـي الصحة العامة، كما حاز على شهادة دكتوراه أخرى فـي صحة السكان من جامعة «أكسفورد» البريطانية من خلال منحة «رودس».
بالإضافة إلى عمله كأستاذ فـي قسم الأمراض المُعدية وفـي قسم
«ميلمان» للصحة العامة بـ«جامعة كولومبيا»، قام السيد بالإشراف على «برنامج نظم العلوم فـي جامعة كولومبيا وتحليلات الأبحاث العالمية لصحة السكان».
وعن تعيين الدكتور العائد، فـي منصب المدير التنفـيذي لدائرة الصحة فـي ديترويت، قال رئيس البلدية مايك داغن، فـي بيان صحفـي ان السيد يتمتع بسجل حافل بمجال إدارة الصحة العامة، وهو «بارع وموهوب بشكل لافت وسيقود إعادة هيكلة دائرة الصحة للبدء بمعالجة المشاكل الصحية التي يواجهها المجتمع المحلي بطريقة شاملة لم تُعتَمَد فـي الماضي».
قبل عامين، قررت بلدية ديترويت إلغاء دائرة الصحة فـيها بسبب العجز واستمرار الشكاوى من عدم الكفاءة، غير أنه فـي الخريف الماضي أعيد تشكيل الدائرة التي ستتولى توفـير الخدمات الصحية لسكان المدينة.
ويقول السيد إن «الدائرة الآن فـي حالة انتقالية لتصبح قوية ومستعدة للمستقبل»، وإحدى الأولويات لديه هي إتاحة الخدمات الصحية فـي أحياء المدينة، بدلاً من التركيز فقط على توفـيرها فـي مرافق الدائرة فقط.
كما ستعمل الدائرة على وضع خطط عمل لمعالجة قضايا صحية خطيرة تواجهها ديترويت تتعلق بارتفاع وفـيات الرضع، وضحايا العنف، والفقر والجوع.. كلها قضايا ستكون ضمن سلم اولويات السيد فـي المراحل الأولى من توليه منصبه.
وعن مهمته يؤكد الدكتور السيِّد، الذي يبلغ من العمر ٣٠ عاماً فقط، «هذه تجربة جديدة بالنسبة لي كموظف حكومي وانا أحملها على محمل الجد. إن مدينة ديترويت هي موطني، ولكنها تغيرت كثيراً منذ أنْ غادرت المنطقة».
وأشار إلى أنه سيعتمد على خبرته كباحث أيام كان طالباً فـي الدراسات العليا وأستاذاً، والتي ركزت على فهم حقيقة لماذا يعاني السكان المهمشين من مشاكل صحية بطريقة تجعلهم أسوأ من نظرائهم، وخاصة فـيما يتعلق بالولادات المبكرة ووفـيات الرضع والسمنة.
وأضاف «هذه فرصة بالنسبة لي لتجاوز التفكير المجرد بالمشكلة إلى القيام باجتراح الحلول لها».
وتابع السيد بأن «مهمة كهذه ستكون صعبة، فإتقان هذا العمل بشكل جيد وناجح لن يتم إلا بعد الكثير من اكتساب العلم والخبرة»، معرباً عن امله بالتعلم من الأخطاء التي قد يقع فـيها، ليتمكن من إحداث التغيير الإيجابي المنشود.
ويعتزم السيد العمل بشكل وثيق مع منظمات المجتمع المدني. وقال انه متحمس لفرصة استخدام مهاراته فـي خدمة المدينة التي يهمُّه أمرها كثيراً.
«خلال فترة النمو، كنت دائماً أعلم أنني أحب شيئين إثنين: العلم والناس. كما أحب التقاطع بين العلم والناس. ويتجلى هذا أكثر وضوحاً فـي مجالي الطب والصحة العامة».
وبما ان السيِّد خلال دراسته الجامعية حمل تخصصين متباينين تماماً، لكنه وجد وسيلة لربط اهتماماته العلمية. وأردف انه يعتمد على فهمه للعمل الحكومي فضلاً عن الجوانب البيولوجية والاجتماعية التي تؤثر بشكل مباشر على صحة الناس فـي حياتهم اليومية.
واستطرد السيد «انها فرصة حقيقية للاستفادة حقاً من العملية الديمقراطية بإحداث تحسين جوهري فـي صحة الناس»، معتبراً وظيفته هذه «من بين أعظم الأهداف التي يمكن للمرء أن يكرس حياته لها» وختم بالقول «لذلك أنا ممتن حقاً لإعطائي الفرصة للعمل على معالجة هذه القضايا».
Leave a Reply