عماد مرمل – «صدى الوطن»
فرض التدخل العسكري الروسي المباشر فـي سوريا إيقاعه على كل منطقة الشرق الأوسط، ولبنان هو جزء منها، يتأثر بمحيطه ويؤثر فـيه.
وقد انقسمت آراء القوى السياسية اللبنانية حيال انخراط موسكو فـي الحرب السورية، على قاعدة الخلاف العميق بين تلك القوى حول الخيارات الاستراتيجية، من صنعاء الى دمشق، مروراً بأكثر من عاصمة إقليمية.
وانطلاقا من هذا الفرز، سارع «حزب الله» وحلفاؤه الى الترحيب بالنقلة الروسية النوعية فوق رقعة الشطرنج السورية والتي حاصرت «الملك» الاميركي -أو اقله ضيقت أمامه هامش الحركة- وإن تكن البراغماتية الاميركية الشهيرة ستجعل واشنطن تتكيف مع الحدث المستجد.
ويقول رئيس كتلة «المستقبل» فـي مجلس النواب اللبناني، فؤاد السنيورة لـ«صدى الوطن» ان معظم أهل السنة من أبناء الشعب السوري هم ضد «داعش»، وليسوا معها، خلافا لمحاولة تصوير هؤلاء بانهم أصوليون ومتطرفون، وغيرها من المصطلحات الهادفة الى تشويه الحقيقة.
ويشدد على أن هذه الشريحة الواسعة من السوريين هي وحدها التي تستطيع التخلص من «داعش»، واقتلاعها من جذورها، لكنها ترفض فـي الوقت ذاته ان تكون أداة، تُستخدم لتعويم النظام السوري ورئيسه بشار الاسد.
ويعتبر أن إنهاء داعش لا يمكن ان يتم إلا عن طريق المجتمع السوري بالتعاون مع الجيش السوري الذي تكون وجهته صحيحة ولا يُستعمل لقتل شعبه، لافتا الانتباه الى ان طريق مقاربة الازمة السورية يجب ان يختلف عما هو سائد.
ويشير الى ان عناصر «داعش» يختلطون بالناس، ومن الصعب محاربتهم عن بُعد، «علماً أن هناك علامات استفهام وتعجب مطروحة أصلا حول كيفـية تأسيس هذا التنظيم الارهابي وما هو دور النظام السوري فـي ذلك»، لافتاً الانتباه الى انه من المفارقات أن جيش النظام لم يشتبك بشكل مباشر مع «داعش» إلا فيما ندر.
ويتساءل: هل أن بعض المؤثرين فـي الازمة السورية يريد فعلا التخلص من «داعش» وانهاء الحرب وبناء مجتمع مدني فـي سوريا، لافتا الانتباه الى ان الامور لا تنتهي بمجرد أن تشارك مجموعة من الطائرات الجديدة فـي القصف، مع الاشارة الى ان أحدا لا يجهل مدى القوة النارية الروسية، ولكن الكثير من التجارب فـي العالم بما فـيها تلك التي كان الاتحاد السوفـياتي السابق قد خاضها فـي أفغانستان أثبتت أن القوة العسكرية الخارجية لا تكفـي للحسم. ويلفت الانتباه الى أن السوريين سيتولون هم، التخلص من «داعش»، شرط أن تكون هناك نهاية للحرب وأيضاً للنظام الذي دمر الحجر والبشر، معتبراً انه لا تزال هناك فرصة أمام الروس كي يؤدوا دوراً بنّاء ومتقدماً فـي سوريا، يرحب به شعبها ويتجاوب معه، على قاعدة المساهمة فـي الانقاذ لا فـي تعقيد الموقف.
ويشدد رئيس الوزراء اللبناني الأسبق على ان «المطلوب من موسكو ان تكون جزءاً من الحل لا المشكلة»، وهذا يتوقف على طبيعة سلوكها وخياراتها، منبها الى ان الغارات الروسية الجوية «لن تغير شيئاً فـي جوهر الأزمة»، وكل ما فـي الامر ان الاجواء السورية ستزدحم بطائرات روسية الى جانب الطائرات الغربية، ولكن ماذا بعد ذلك، وأين هو أفق الحل الجذري؟
وتعليقاً على قول الرئيس فلاديمير بوتين ان موسكو تشن حربا استباقية فـي سوريا لمنع وصول الارهابيين الى روسيا، يرى السنيورة ان الحرب الاستباقية حتى تحقق أهدافها يجب ان تكون أولا موضع ترحيب من السوريين، داعياً موسكو الى تصويب بوصلتها، ونحن مستعدون لتشجيعها على هذا التوجه.
أما لبنانياً، فان السنيورة يلفت الانتباه الى أن لبنان مغيب عن جدول الاولويات لدى مراكز القرار فـي الخارج، ولا يمكن التقاطه فـي الوقت الحاضر على أي رادار، منبها الى ان المشكلة تكمن فـي أن البعض فـي الداخل يربط الجسم اللبناني بالعربة السورية، مع ما يرتبه ذلك من مخاطر.
وبالنسبة الى التمايزات والتباينات التي ظهرت مؤخرا بينه وبين رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري فـي ما خص الموقف حيال ملف الترقيات العسكرية، يشير السنيورة الى ان تيار «المستقبل» هو «تيار ديمقراطي، فـيه قدر كبير من التنوع وبالتالي الاختلاف فـي الرأي، إنما فـي نهاية المطاف يصدر قرار واحد يتقيد به الجميع».
ويوضح انه مع تسهيل التسوية المتعلقة بترقية عدد من الضباط ومن بينهم العميد شامل روكز الى رتبة لواء، بالترافق مع تفعيل عملي الحكومة ومجلس النواب، متمنيا ان يكون مسار هذه التسوية فـي اتجاه احترام الدستور.
Leave a Reply