عماد مرمل – «صدى الوطن»
مع سقوط سلة التسوية الموضعية التي كان يحاول البعض ترتيبها لتفعيل عمل الحكومة ومجلس النواب وترقية العميد شامل روكز (صهر العماد ميشال عون) الى لواء.. تحرر عون من حسابات المرحلة الماضية، لتغدو الخيارات أمامه مفتوحة فـي مواجهة خصومه.
وأغلب الظن، أن انهيار التسوية سمح لعون بأن يتملص من قيودها التي كانت ستكبل حركته نسبياً، وستكبح اندفاعة جمهوره العائد الى الشارع بعد غياب، مع ما يرتبه ذلك من تبريد لمعركته الاصلية المتصلة برئاسة الجمهورية وتصحيح الخلل الميثاقي فـي تركيبة السلطة، علما انه كان سيحصل فقط -فـي المقابل- على مكاسب زهيدة وظرفـية لا تتعلق بجوهر الصراع الذي يخوضه الجنرال دفاعاً عن حقوق المسيحيين.
هكذا، ومع تهاوي «الصفقة» المركبة، عاد عون الى «المربع الأول»: لا رئاسة جمهورية من دون احترام إرادة المكوّن المسيحي، ولا حكومة قبل تعيين قائد جديد للجيش، ولا انتخابات نيابية قبل إقرار النظام النسبي، ولا تشريع ضرورة من دون ان يشمل القوانين التي تهم المسيحيين وفـي طليعتها قانوني الانتخاب والجنسية.
تحت هذا السقف المرتفع، يواصل عون معركته السياسية المصيرية، آخذا فـي الحسبان أن التطورات الاقليمية على وقع الانخراط الروسي فـي الحرب السورية، ستحسن موقعه التفاوضي فـي الداخل، وقد تسمح له بـ«اقتناص» رئاسة الجمهورية، عند «كوع» التحولات الكبرى فـي المنطقة.. فهل تمر طريق الجنرال الى القصر الجمهوري فـي بعبدا عبر موسكو؟
يؤكد أمين سر تكتل التغيير والاصلاح النائب ابراهيم كنعان لـ«صدى الوطن» أن أمام المسيحيين حالياً فرصة تاريخية ونادرة لتصحيح الخلل فـي التوازن الداخلي والشراكة الوطنية على مستوى السلطة، وإذا لم يتمكنوا من استعادة حقوقهم الآن فلن يستعيدوها لمدى طويل، لافتا الانتباه الى أن المسيحيين وصلوا الى الحد الأقصى من حضورهم وقوتهم عبر القيادة التي يمثلها العماد ميشال عون، ما يعني أن هذه اللحظة تعكس الحد الاقصى من طاقتهم واندفاعتهم وبالتالي: إما ان نكون اليوم أو لن يكون لنا غد.
ويشدد كنعان على ان المسيحيين يخوضون معركة حق الوجود التي يمكن القول عنها بانها معركة حياة أو موت، وإذا رفض القابضون على حقوقنا الافراج عنها فـي ظل قيادة عون التي تحظى بأوسع تأييد مسيحي، فهذا سيكون مؤشراً على أن هناك من اتخذ قراراً بإلغائنا سياسيا وشطبنا من المعادلة الوطنية، وهذا ما سنقاومه ولن نسمح به بتاتا، لاننا إن رضخنا لمحاولة إعدام دورنا فلن نجد فـي ما بعد حتى من يحتفل بذكرانا.
ويؤكد كنعان أن رئيس الجمهورية المقبل يجب أن يحمل حيثية ميثاقية انطلاقاً من تمثيله الحقيقي للشارع المسيحي، وهذا الشرط الحيوي لا يتحقق إلا عن طريق أحد خيارين، فإما انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب أو وضع قانون انتخاب على اساس النسبية لانتاج مجلس نيابي جديد يعبر عن تطلعات اللبنانيين ويتولى هو اختيار رئيس الجمهورية، والأكيد ان المجلس الحالي الممدد له مرتين يفتقر الى الشرعية الشعبية التي تؤهله لتأدية هذا الدور، مشدداً على انه لم يعد مقبولاً أن يُفرض على اللبنانيين عموماً، والمسيحيين خصوصاً، رئيس غير مشتق من نسيج بيئته.
وفـي سياق تثبيت قواعد الشراكة ورفض الاستمرار فـي انتهاكها، يشير كنعان الى أن «التيار الوطني الحر» لن يعود الى الحكومة ما لم يكن مدرجا على جدول أعمالها تعيين قائد جديد للجيش، وكذلك فان التيار يربط موافقته على المشاركة فـي تشريع الضرورة تحت سقف مجلس النواب بتضمين جدول أعمال الجلسة التشريعية قانوني الانتخاب ومنح الجنسية للمتحدرين من أصل لبناني، وليس فقط القوانين المالية التي لا ننكر أهميتها، ونطلب من الآخرين ألا ينكروا علينا الحق فـي التمسك بإقرار مشاريع تساهم فـي إنصاف المسيحيين بعد سنوات طويلة من الغبن والتهميش، قائلاً: نريد أن نكون شركاء فـي تحديد أولويات التشريع، وليس مجرد متلقين، خصوصاً فـي ظل الشغور الرئاسي الذي يفرض علينا أن نملأه بحضور وازن فـي مجلسي الوزراء والنواب.
ويلفت كنعان الانتباه الى ان المطالب التي يرفعها التيار الوطني الحر ليست شخصية، بل هي تمثل تطلعات شريحة واسعة ليس مقبولا الاستمرار فـي تجاهلها. ويتابع: حتى الآن تصرفوا معنا على أساس اننا إذا تظاهرنا فـي الشارع او لم نتظاهر فهذا سيّان، وإذا رفضنا التمديد لمجلس النواب ولقائد الجيش أو لم نرفضه فهذا سيّان.. هذا النهج المتبع فـي التعاطي معنا مرفوض، ويجب أن يعتادوا على أن لنا رأياً مقرراً وغير استشاري فـي كل الأمور التي تتعلق بإدارة الدولة، وإلا فليكملوا وحدهم الطريق إذا استطاعوا.
ويشدد كنعان على أن «التيار الحر» ليس بوارد التنازل عن ثوابته الميثاقية والمبدئية، ايا تكن الاعتبارات، مستهجنا كيف أن الرئيس فؤاد السنيورة على سبيل المثال لا يتحسس خطورة المنحى الذي يسلكه «تيار المستقبل» منذ سنوات فـي مصادرة حقوق المسيحيين والتعاطي معهم بفوقية.
ويلفت الانتباه الى ان «المستقبل» هو الذي يعطل وضع قانون انتخاب جديد على أساس النسبية لانه يعرف أن أي قانون من هذا القبيل سيعيده الى حجمه الطبيعي وسينتزع منه مقاعد نيابية لا يستحقها، بينما لو كانت النيات صافـية لأمكن خلال وقت قصير إقرار هذا القانون والذهاب الى انتخابات نيابية تعيد تكوين السلطة وفق قواعد سليمة، وبالتالي تُخرج لبنان من النفق الذي انزلق اليه بفعل تمادي البعض فـي انتهاك حرمة الدستور وضرب التوازن الوطني.
Leave a Reply