خليل إسماعيل رمَّال
لم يتمكن آل سعود وأميركا هذه المرَّة من منع إيران من المشاركة بفعالية فـي مؤتمر فـيينا المخصَّص للأزمة السورية، وذلك بعد سنة واحدة من سحب الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوة طهران للمشاركة فـي مؤتمر «جنيف ٢»، وذلك بسبب اعتراض واشنطن والرياض. ليس ذلك فقط بل لم يستطيع الطرفان استبعاد الجمهورية الإسلامية من الحل فـي اليمن الذي مازال صامداً فـي وجه العدوان السعودي منذ ثمانية أشهر من دون تحقيق نتائج لقوى العدوان الرجعي رغم المجازر البشرية وآخرها إعلان منظمة العفو الدولية أن قصف طائرات «التحالف» لمستشفى منظمة أطباء بلا حدود فـي محافظة صعدة، إستهداف وتدمير متعمد قد يرقى إلى مستوى جريمة حرب، مطالبة بفتح تحقيق عاجل ومستقل وشامل.
ففـي الموضوع السوري، تتقدم الحملة العسكرية السورية رغم الحديث عن صواريخ «تاو» التي زودتها كل من السعودية وتركيا للتكفـيريين المحاصرين، وهذا الموقف مستغرب ويشبه السياسة اللبنانية العمياء حيث أن الطرفين يساعدان «داعش» التي هي نفسها دبَّرت الهجمات الإرهابية فـي أنقرة وفـي عسير والمناطق الشرقية من الجزيرة العربية، لكن بعرف هاتين الدولتين، أن خطر محور المقاومة هو أكبر من خطر الخوارج- بل أكبر حتماً من خطر إسرائيل وهي تقوم اليوم بعملية التهويد الكامل للمسجد الأقصى وسط تفرُّج خادم الحرمين والحاكم العثماني الذي ادَّعى يوماً أنه لن ينسى مجزرة «مرمرة»، السفـينة التي كانت تحمل معونات إنسانية لغزة.
فالحملة الروسية أحبطت آخر خطة سعودية تركية مشتركة لاحتلال دمشق من الغوطة بعد أنْ ألغت المقاتلات الروسية عنصر المفاجأة بضرب مواقع المسلحين قبل ساعة الصفر، وهي الخطة التي كانت تسعى لإفشال التحرك الروسي وفرض أمر واقع جديد. كما أنْ «السوخوي» منعت إقامة منطقة حظر جوي فوق سوريا وأحبطت قيام الشريط اللحدي فـي الجولان وسط تقدم الجيش السوري فـي درعا والسويداء والقنيطرة. أما فـي ريف حلب الجنوبي فسيطر الجيش على ٥٠ قرية ومزرعة تبلغ مساحتها ١٥٠ كلم مربع. صفوة القول ان الحملة العسكرية الداعمة للجيش السوري والقوى الحليفة لن تنتهي الا بالنصر.
من ناحية الجبهة اليمنية، أعلن وزير خارجية عائلة سعود عادل الجبير عن قرب وقف حملة «اعادة الأمل» وسط أنباء بأن الغرب تعب من إخفاقات وتخبط السياسة السعودية فـي اليمن والتي أدت الى تمسكن «القاعدة» و«داعش» فـي عدن وبدء فرض إجراءاتهما الظلامية الوهَّابية على النَّاس والجامعات. وجاء هذا الإعلان وسط أنباء عن اتفاق بين الرياض وباريس ولندن على أن تكون إيران شريكاً بأي محادثات فـي هذا الشأن، حيث أن الجمهورية الاسلامية هي الطرف الخارجي الوحيد الذي يمتلك تأثيراً جدّياً على «أنصار الله»، وفق اعتقاد هذه القوى.
وهكذا خلت جعبة آل سعود ولم تبق عندهم الا ساحة واحدة هي ساحة «شبه الوطن»، وهي تمثل قمة الفلتان وعدم القدرة «لمسائيلها» على حكم أنفسهم، حتى النفايات أصبحت بحاجة إلى وصاية دولية لإزالتها بعد كارثة الشتوة الأولى التي قد تشكِّل خطراً، ليس على لبنان فقط بل على ٢٧ دولة عبر البحر الأبيض المتوسط. ووسط هذه المعمعة ضبط أمن المطار عملية تهريب طنين من الكبتاغون لأمير سعودي من العائلة المالكة. ومن الآخر لا ينتظرن أحد محاكمة أمير الكبتاغون من قبل القضاء اللبناني «العادل المستقل» الخ.. أولاً لأنَّ هذه السعودية، وثانياً أنَّ وزير عدلها هو أشرف ريفـي ان كنت ذاكره. ثم هل من يتذكر سعيد ميرزا؟ لذا لا ننتظر كثيراً إحقاق العدالة فـي قضية إبن سعود. لكن السؤال يُطرح هنا: تصوروا لو كان المهرب رجل أعمال إيراني حتى ولو كان معارضاً للحكومة الإيرانية؟!
إلاَّ أنه رغم سوق السياسة السعودية الرائج فـي لبنان التابع (منع دار الفتوى تعامل مشايخها مع المقاومة ) فإنَّ استراتيجيتها الخارجية المُحبَطة والمترنِّحة بحاجة إلى كل الكبتاغون فـي العالم هذه الأيام!
Leave a Reply