بلال شرارة
نجحت قيامة الشعب الفلسطيني الى الآن فـي إحباط المخطط الذي جرت إدارته على خلفـية القرار الإسرائيلي الرسمي بالتقسيم المكاني والزماني للقدس كما نجحت فـي احباط اعادة القيادة الفلسطينية الى المفاوضات مع حكومة نتنياهو.
نجحت القيامة الفلسطينية فـي تجاوز مخطط استيعاب مشاعر الشعب الفلسطيني وثورته ضد الاحتلال عبر محاولة اختصار الأمور على اتفاق ثلاثي (كيري-نتنياهو-الملك عبد الله الثاني) تركيب كاميرات فـي المسجد الاقصى فـي باحاته وساحاته لمراقبة صورة الحركة الفلسطينية.
حتى الآن لا توجد وسيلة أو اختراع تكنولوجي لقياس رد فعل الناس ولا يريد النظام الدولي والشرق أوسطي وانماط السلطات العربية بما فـيها الفصائل الرسمية الفلسطينية التي تعتقد أنها تحكم الضفة الغربية (عبر السلطة الوطنية) وغزة (حكومة حماس) -لا يريدون جميعاً- الاقتناع بأن الناس فـي الشرق الأوسط وفـي فلسطين خصوصاً لم يعودوا يقعون فـي قبضة احد وان مطالع الالفـية الثالثة أنتجت وقائع جديدة وان هناك مشروعاً واضحاً مطروحاً هو الشرق الاوسط الاميركي الجديد المدعوم من الدول الصناعية زائداً روسيا، وبالمقابل جملة دون مضمون حول «شرق أوسط اسلامي جديد» أطلقها الرئيس الإيراني الأسبق السيد محمد خاتمي وان هناك حراكاً عربياً خارج أطر المعارضات الرسمية المعروفة أو المصطنعة وان هذا الحراك أنتج بداية قيامة الشعب المصري فـي 30 حزيران (يونيو) ٢٠١٣ وانتصاره على النظام المتأسلم وأنتج الآن قيامة الشعب الفلسطيني المدنية بسلاح البراءة والسكين والحجر.
ثمن النجاح الفلسطيني الاول 15000 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح ومعتقل والحراك مستمر فـيما تحاول الفصائل الفلسطينية الرسمية أن تلحق به وأن تستوعبه تحت عنوان التوحد من أجل سوقه وعدم خروجه على الطاعة الرسمية لـ«فتح» و«حماس».
اليوم بدأنا نسمع ببروز أُطر وتشكيلات فلسطينية جديدة (هيئات تنسيق) وحزب مقدسي باسم «الخطاف» أعلنه براء كايد عيسى.
إذن هناك فلسطينياً من يرى أبعد من حتف أنفه ومن «عين الحلوة» ومشكلات المخيم ومن الصراع على السلطة الفلسطينية ومن دور حماس كقاعدة ارتكاز (مسلحة) فـي إدارة الصراع على الدور فـي الشرق الأوسط بين تركيا واسرائيل وأبعد من دور «سلطة الوقوف على الأطلال».
القيامة الفلسطينية الآن محكومة بالتصعيد كما الشعب الفلسطيني محكوم بالصمود والتصدي خلال حرب الوجود الجارية.. فإما أن تتمكن اسرائيل من فرض استيطانها وجدار الفصل العنصري وتقسيم المسجد الأقصى مكانياً وزمانياً وإما أن ينتصر الشعب الفلسطيني ويستدعي العالم للاعتراف بأمانيه الوطنية فـي العودة وتقرير المصير وإقامة دولته وعاصمتها القدس.
أقول ربما يتمكن الرئيس أوباما فـي بقية عهده او من خلال الانتصار للسيدة هيلاري كلينتون فـي الوصول الى سدة الرئاسة الاميركية من تمرير مشروع الدولتين أو ربما تقسيم الشعب الفلسطيني مكانياً وزمانياً بالحاق الضفة مجدداً بمملكة موحدة فـي الضفتين يحكمها ملك واحد وجيش واحد والحاق غزة -كما كانت- بمصر.
لكن هناك مشروع واحد لدى الفلسطينيين يتجسد فـي حقوقه المشروعة وهذا الأمر يتطلب أن تتفهمه الأدارة الأميركية ومجموعات الضغط العربية فـي الولايات المتحدة لأن هذه المعركة (معركة الحقوق) تستدعي أن نربحها فـي واشنطن أولاً سياسياً وفكرياً ودبلوماسياً عدا ذلك لن يستطيع أحد لا سلطة رسمية فلسطينية ولا معارضتها (الحماسوية) ان تحكم المشاعر أو الشارع الفلسطيني لذلك يجب ان تنتبه كل ادارة -أميركية أو غيرها- الى ان اساس حركة الشعب الفلسطيني ليس تدبير السلطة الحاكمة لشؤونه وأمنه، بل الحقوق، وبالتالي منحه حرية اختيار سلطته وليس بيعه أو تشريده. فقد تم تجربة ذلك طيلة 67 عاماً ولم تستطع كل الاجراءات الاسرائيلية وعملية تشتيت الشعب الفلسطيني حول العالم فـي إحباط أمانيه الوطنية، واليوم لن ينفع كذلك تحويل الشعب السوري الى شعب لاجىء وتوزيعه على دول العالم بل ان الحل كذلك هو بالمساهمة فـي صنع وبناء استقرار سوريا وهزيمة الارهاب واقامة النظام الذي يتشارك الجميع فـي صنعه وبنائه واعادة الشعب السوري الى ديارهم.
Leave a Reply