ديترويت – خاص “صدى الوطن”
تقول لائحة “الأكاديمية الأميركية لأطباء العائلة” أن هنالك فئات معينة من الأطفال المعرضين لخطر مرتفع من اساءة المعاملة والإهمال: الأطفال المولودون لأبوين مدمنين على المخدرات، أو الذين تعرض أهلهم أنفسهم لإساءة المعاملة خلال فترة طفولتهم، أو الأطفال الذين يعاني آبائهم من نوع ما من الاختلالات النفسية.
ولكن هذه اللائحة لم تنص على أن الأمر أيضاً ينطبق على الأطفال وآبائهم لمجرد أنهم عرب أميركيون أو مسلمون!
لكن إليكم الأسباب التي تعتقد لأجلها العراقية زينب النوامي بأن طفلتيها (4 سنوات، وسنة واحدة) قد جرى فصلهما عنها بعدما توفيت طفلتها “رقية” (سنتان) في 26 آذار (مارس) 2010 مما حدده الأطباء بأنه كان فيروساً بعد أن قام طبيب آخر بالتسرع بتقييم سبب الوفاة باعتباره ناتج عن “الهز العنيف” أو ضربة في الرأس.
“لقد فاجأتني القوانين هنا.. بأن بامكانهم بكل بساطة سلب أطفالك منك بدون أي سبب”، تقول النوامي المهاجرة من العراق.
فوفق ما تقول المهاجرة العراقية زينب النوامي يوجد طفلاها الآن تحت رعاية جدتهما، فيما تخضع هي لاجراءات انهاء حقوقها الأهلية فيهما، رغم أن أي تهم قانونية لم توجه اليها ولايزال ملفها لدى محكمة مقاطعة وين التي عقدت جلسة استماع في هذا الخصوص الخميس الماضي.
تقول زينب النوامي “لقد أخذوا طفليّ مني في 23 آذار (مارس) 2010، وذلك في اليوم الأول الذي جرى فيه نقل طفلتي “رقية” الى مستشفى “أوكوود”، ولايزالان بعيدين عني رغم أنه لم توجه إلي أي تهمة”.
وتخوض النوامي حاليا في الاجراءات القضائية لأجل ازالة اسمها أو تبرئة نفسها من حادثة موت طفلتها واستعادة طفلتيها.
فعندما توفيت الطفلة “رقية” جرى اتهام والدتها بالتسبب بموتها عبر ما يعرف بـ”مرض الهز العنيف” للطفل، وباساءة المعاملة للذين يحصلان في الغالب لدى الأطفال بين الولادة وعمره السنة الواحدة.
كانت “رقية” في عمر فوق السنتين عند وفاتها، وهو عمر نادرا ما يموت خلاله الطفل متأثرا بذلك المرض (الهز العنيف).
ووفق رواية النوامي كانت الطفلة “رقية” مريضة في 23 آذار (مارس) 2010، وتم نقلها الى عيادة طبيب أطفال الذي أجرى الفحوص العادية وقام بحقنها بأربعة لقاحات بعد إجرائه التدابير اللازمة.
تقول النوامي إن طفلتها كانت تعاني من حمى (ارتفاع الحرارة) والاسهال ولم تكن على ما يرام، وقد قام والدها بنقلها الى العيادة وبعد عودتها ظلت على حالها.
في تلك الليلة، وفيما كانت تبكي، طلبت “رقية” قنينة الحليب فوضعها والدها، الذي كان يحملها على الكنبة تحت أنظار أمها التي ذهبت الى المطبخ لتحضر الحليب.
وخرج الوالد من المنزل باتجاه صديق عاد مؤخراً الى ميشيغن، ولم يبتعد عن عتبة الباب حتى سمع صراخ زوجته (زينب).
علا صراخ زينب بعدما سمعت طفلتها تصدر أصواتاً و”كأنها تختنق”، فتوجهت نحوها مسرعة وهي تقع عن الكنبة لتجد عينيها مقلوبتين. اغرورقت عينا زينب وهي تروي تفاصيل ذلك اليوم.
اتصلت برقم الطوارئ “911” حيث حضر الإسعاف ونقل “رقية” الى “مستشفى أوكوود”. في المستشفى سأل الأطباء زينب وزوجها منذر فيما إذا كانت “رقية” تعاني من مرض “النيمونيا” (الالتهاب الرئوي الحاد)، فأجابا أن طبيبها لم يقل ذلك.
جرى تحويل “رقية” الى مستشفى الأطفال في ديترويت حيث أخضعت لعملية جراحية وبقي جسدها موصولا بجهاز الإنعاش حتى وفاتها يوم 26 آذار.
الأطباء في المستشفيين شكوا بأن الطفلة قد تكون تعرضت لعنف، وقد أظهرت الفحوصات الأولية أن الأعراض ومدى الأعطاب التي أصابت دماغ “رقية” تتنافى وأن يكون سبب الوفاة السقوط عن الكنبة، فرجح التقرير الطبي نظرية الوفاة بسبب “الهز العنيف”.
وما إن صدر تقرير المستشفى حتى قامت سلطات حماية الأطفال في الولاية بالذهاب الى منزل العائلة وأخذ الطفلتين.
وبعد إعلان وفاة “رقية” جرى الاتصال بوالديها من قبل دائرة الخدمات الانسانية في ولاية ميشيغن. كان الوالدان يعتقدان حينها أنهما يستدعيان الى المحكمة لأجل استعادة طفلتيهما لكن عند وصولهما اكتشفا أن الأمر يتعلق بجلسة لإنهاء حقوقهما الأهلية بالطفلين: “لم يكن لدينا أدنى فكرة عما يحصل فأنا لا أجيد التحدث بالإنكليزية وزوجي لم يكن له أي إلمام بالأمر” تقول زينب النوامي.
وكانت زينب وزوجها قد اصطحبتا معهما الى المحكمة الناشطة رحاب عامر التي اشتهر القانون الأخير حول رعاية الأطفال المفصولين عن ذويهم باسم عائلتها، وبعدما خاضت هذه العائلة صراعا مريرا مع النظام القضائي الذي حرمها من أطفالهما الثلاثة قبل أكثر من ربع قرن، وكذلك بذلت جهودا جبارة للوصول الى اقرار ما بات يعرف بـ”قانون عامر”.
وبالنسبة لرحاب عامر فإن قضية زينب النوامي بدت شديدة الشبه بقضيتها قبل ما يربو على الـ25 عاما.
تقول رحاب عامر: “يمارسون مع هذه العائلة الممارسات نفسها التي تعرضت لها عائلتي فقد عرضوا على الأم زينب النوامي إعادة طفليها اليها اذا أقرت بأنها هي المسؤولة عند وفاة طفلتها رقية”.
عند وفاة الطفلة قام الطبيب الشرعي في مقاطعة وين الدكتور فرانسيسكو دياز بتصنيف الوفاة في خانة “الجريمة” رغم عدم وجود أي دليل على اساءة المعاملة. فـ”رقية” لم تتعرض لأية إصابة في الرقبة وهو المعتاد في حالات “الهز العنيف”.
قامت العائلة على الأثر بطلب معاينة للجثة من قبل طبيب شرعي آخر وهو الدكتور بدر كاسن من مقاطعة واشطناو الذي أفاد أن الآثار البادية في جسد الطفلة ناجمة عن فيروس.
ومن جانبه أقر الطبيب الشرعي دياز أن دماغ الطفلة كان مصابا بتلف بالغ، بحيث استغرق به الأمر أسبوعين لتحضيره للفحص، والأمر لم يكن يتعلق بمرض “الهز العنيف”.
تشرح زينب النوامي: “هناك طبيب شرعي هو الدكتور كاسن قال إنه وجد دليلا على اصابة الطفلة بفيروس في الدماغ وأصاب كبدها بالتلف. الطبيب الشرعي الأول دياز لم يشر الى هذا الأمر والدكتور كاسن يقول إنه كان على د. دياز ملاحظة هذا الشيء”.
لقد كان الفيروس واضحا وجوده في دم الطفلة، بعد اختباره حسب د. كاسن.
وتقول رحاب عامر: “لقد قدم الدكتور كاسن إفادة قال فيها إن الوفاة كان يجب ألا تصنف في خانة الجريمة لغياب الدليل على وجود أي إساءة أو انتهاك لجسد الطفلة”. وتتساءل عامر: “لماذا يستهدفون الأم”؟ وأضافت “هنالك دليل على أن الطفلة كانت مريضة وجرى اعطاؤها جرعة لقاح أو ربما كانت تعاني من مرض ما في الكبد”. وتابعت “دياز لم يقم بإجراء الاختبارات الملائمة لإثبات السبب الحقيقي للوفاة. ويبدو الأمر كما لو أن دائرة الخدمات الإنسانية ليست قلقة حول ما هو الأفضل بالنسبة للأطفال بقدر اهتمامها باثبات صحة وجهة نظرها. إنهم يهملون الدليل”.
تقول زينب النوامي: “حقوقي الأهلية يجري إنهاؤها قبل إنهاء المحكمة. أنا لا أفهم هذا الأمر. طفلتاي تقيمان حاليا مع أمي ويمكنني رؤيتهما خلال النهار لكن علي الرجوع الى منزلي خلال الليل فأنا ممنوعة من النوم بالقرب منهما”.
Leave a Reply