ينساب صوته القروي الممزوج برقة فريدة، ليشكل نغماً موسيقياً متميزاً يطرب سامعيها. هذا الصوت تعرفه من بين كل الاصوات مهما غنى، فصوت الفنان ربيع الأسمر، ابن الهرمل في شمال لبنان، لحنٌ وكلماته أغنية تعزف على مسمعنا أوتاراً عذبة تدخلنا في متاهات العشق والرومانسية، وتدمج مشاعر الحزن والفرح في آن.
بعد النجاح الكبير الذي حققه ألبومه الأخير “مستنفر”، واحتلال أغنية “بنت الأكابر” المرتبة الأولى ضمن سباق الأغنيات في العالم العربي، وحصد فيلم “القرار” الذي أدى بطولته، الجائزة الذهبية في مهرجان بيروت السينمائي، ونجاح عرض المسلسل الدرامي “بومب أكشن” في شهر رمضان المنصرم. كما وتكللت جولته الغنائية الأخيرة في ست ولايات أميركية، كان ختامها في صالة “غرين فيلد مانور” في مدينة ديربورن، بالنجاح الكبير. إلتقت “صدى الوطن” الفنان ربيع الأسمر الذي أخبرنا المزيد من التفاصيل عن مسيرته الفنية وجديده للعام 2012.
– ما هي أبرز محطة في حياتك الفنية والتي من خلالها حصدت الشهرة في الوسط الفني؟
– كانت المحطة الانتقالية في العام 2004 عند صدور الأغنية الكلاسيكية “غلاك” من كلمات نزار فرنسيس وألحان سمير صفير وتوزيع طارق مدكور. هذه الأغنية كانت تجربة جديدة بالنسبة لي، بعد أن كان لون الأغاني السابقة محصوراً باللون الشعبي والتراثي اللبناني. فجاءت أغنية “غلاك” لتفتح الباب أمام تجارب مشابهة مثل “درس العشاق” و”آخر كلمة” و”بحر الشوق” و”آخر قرار” وغيرها من الأغاني التي لاقت شعبية ومحبة لدى الجمهور.
– هل تعتبر أن سبب نجاحك في تقديم الأغنية الكلاسيكية هو اظهارها لقدراتك الصوتية الفريدة؟
– نعم، لأن هذه الأغاني فيها محطات صوتية ومقامات لا يستطيع أيا كان أن يغنيها. وهي أغان تتطلب مقامات صوتية عالية يصعب على معظم الفنانين تأديتها دون بذل جهد اضافي. الا أن قدراتي الصوتية التي أنعم الله علي بها تخولني تأدية مقامات صوتية مختلفة بانسيابية.
– ما هي الأسباب الحقيقية وراء خلافك مع شركة “روتانا” وأين أصبحت القضية اليوم؟
– الخلاف كان سببه الاهمال، فعندما تكون الشركة الموزعة كبيرة وتضم عددا يفوق طاقتها من الفنانين، يقع الاهمال. وفي الوقت الذي كنت فيه متعاقداً مع “روتانا” كانت تضم 123 فنانا، واذا قسمنا هذا العدد من الفنانين على أيام السنة، فيكون على الشركة اصدار ألبوم كل ثلاثة أيام. فهل تستطيع “روتانا” أن تقدم كل ثلاثة أيام ألبوما جديدا؟ وهل بامكان الناس استيعاب صدور ألبوم جديد كل ثلاثة أيام؟ فالمبدأ بشكل عام خاطئ، ولكنني لم أكن مدركاً لهذا الأمر في ذلك الوقت وتعاملت مع الشركة على أساس أنها ذات ثقل في السوق الفني، الا ان الحقيقة مغايرة لما كنت أظن. فتسعى “روتانا” الى جمع أكبر قدر ممكن من الفنانين تحت لوائها لتلغي التنافس في السوق ما يؤدي الى الاحتكار والاهمال. وبالتالي طلبت “الطلاق” منها، والقضية لا تزال مستمرة في المحكمة وان شاء الله سوف تنتهي على خير قريباً.
– من هم أصدقاؤك في الوسط الفني، ومن هم منافسوك؟
– كلهم أصحابي وتربطني بهم علاقة طيبة وسلمية، وربما لأنني لست متواجداً بينهم دائماً ولكنني أتابع عن كثب كل جديد. كما أنه ليس لي منافسون، وهذا ليس لأنني “غرندايزر” بل لأنني أبذل جهدا خاصا في انتقاء كلمات وألحان الأغاني التي أختارها بدقة وروية، فأقدم البدوي والتراثي والقروي والجبلي في أغنية واحدة. كما أن صوتي يساعدني في التفرد بما أقدمه، وهذه نعمة من ربي.
– هل من أحد له الفضل في نجاحك اليوم ودعم مسيرتك الفنية؟
– هنالك الكثير من الأصدقاء والأحباب ولكن أذكر على وجه التحديد الصديق والشاعر محمد قصاص الذي وقف بجانبي منذ بداياتي، وكنا نكتب الأغاني سوياً كـ”أم أحمد” و”بصارة” وغيرها. وصديقي العزيز علي ضامن، أذكره بكل الخير. ساعدني في أكثر الأوقات ضيقاً وبفضله قدمت ألبوم “غلاك” الذي معه عرفت البداية الحقيقية للشهرة.
– كيف تصف الوسط الفني اليوم؟
– حال الساحة الفنية اليوم يذكرني باحدى الأسواق التجارية في أفريقيا حيث التواجد الكثيف لأبناء الجالية اللبنانية اللذين افترشوا السوق بمحال تجارية تقدم نفس البضائع في الشارع نفسه. كذلك هو الأمر في الساحة الفنية اليوم، فتجد الفنانين بمعظمهم يتجهون نحو الأغاني الشعبية من أجل تحقيق الشهرة السريعة على حساب ما يحسنون تقديمه. وهذا أمر من شأنه أن يعرض الأغنية الشعبية للابتذال والتراجع، ولكن لا مانع من أن تصبح الأغاني الشعبية اللبنانية ضاربة وذات شهرة وأصداء واسعة في العالم العربي.
– ما هو برأيك تأثير ثورة الاتصالات على الساحة الفنية؟
– لم يعد هنالك سوق للألبوم كالسابق، وخسرت شركات التوزيع أرباحها التي كانت تعتمد على بيع الـ”سي دي”، فبكبسة زر يمكن لأي أحد في أي مكان في العالم تحميل الأغاني التي يريدها عن طريق الانترنت. انتهى عصر المبيعات لشركات التوزيع وأصبح الفنان المستفيد الأكبر من ثورة الاتصالات. كما أن هنالك الكثير من الشركات التي تضررت وتسعى الى اغلاق أبوابها.
– ما هي المعايير التي تجعل الأغنية تنال شهرة واسعة وتضرب في السوق؟
– ليس هنالك أية معايير، ولا أحد يعرف ما يطلبه السوق حقاً. فما هي معايير أغنية “تي رشرش” وغيرها من الأغاني الضاربة وذات الشعبية الكبيرة بين الناس!؟
– هل تحب التمثيل بقدر ما تحب الغناء؟
– من صغري وأنا أحب التمثيل وكان حلمي ان أصبح ممثلاً، ولم أتوقع يوماً أن أصبح مطربا. وأذكر عندما شاركت في طفولتي في فيلم “الانتفاضة” لفريد شوقي ومنى واصف وماجدة الخطيب حيث أديت دوراً ثانوياً وغنيت أغنيتين الا أن الفيلم توقف عن العرض ما خيب آمالي حينها. الا أنني اليوم أحاول ما بوسعي تقديم الأفضل في مجال الغناء والتمثيل.
– كيف كانت سنة الـ2011 عليك؟
– لقد قيل عن سنة الـ2011 أنها ستكون سنة ربيع الأسمر بامتياز، والحمدالله كانت سنة مميزة احتل فيها الألبوم الأخير المراتب الأولى في العالم العربي. وكنت قد مررت بمرحلة عصيبة وسيئة فكرت فيها باعتزال الفن والابتعاد عن الأضواء بعد وفاة ابني المفاجئ منذ ثلاث سنوات.
– ما هي أحب أغنية من أغانيك على قلبك؟
– هنالك الكثير من الأغاني ومنها الأغاني التي لم تنل الشهرة اللازمة ولكن هذا لا يعني انني لا أحبها، كأغنية “احزن يا قوس” وهي عزيزة جدا على قلبي.
– ماذا قدمت لك الجاليات العربية في بلاد الاغتراب؟
– من واجبي ان أقدم للجاليات العربية في أي مكان في العالم وليس العكس، لأنني كلبناني وكعربي من واجبي أن أقدم لهم أينما كانوا كل ما هو جديد. واستقبالهم واستضافتهم الكريمة لي تقدم ما هو فوق الواجب وأنا أشكرهم كل الشكر على ذلك.
– ما هو جديدك للعام 2012؟
– هنالك أغنيتان، الأولى مفاجأة من كلمات عادل غفور الذي قال لي أنها “قنبلة” ولا أعرف اذا كان اسم الأغنية “قنبلة” أم انها ستكون قنبلة. والثانية أغنية اسمها “العرس” من كلمات حسين اسماعيل وألحان سمير صفير وتقول “داير عرسها ببيتها وعم يغنولها غناني ماني زلمي ان خليتها تتزوج واحد تاني”. كما أستعد لتصوير مسلسل يدعى “مطلقات ولكن” وهو دراما عربية تضم وجوهاً عربية ومن اخراج سوري.
بطاقة تعريف:
هو مطرب لبناني، وُلد في البقاع الشرقي، في “الهرمل”، البلدة اللبنانية التي ينبع منها نهر العاصي. أظهر مواهب فنيّة في سن مبكرّة، إذ كان يشارك في مسرحيات مدرسية، ويتفوّق في أناشيد الأطفال، كما برع منذ الصغر في التمثيل والخط والرسم والرياضة. تجسّدت الخطوة الأولى في حياة ربيع الأسمر الفنية ببرامج الهواة التي شارك في اثنين منها: “استوديو الفن” و”ليالي لبنان” في العام 1988، وفاز بالمراتب الأولى في الغناء الشعبي اللبناني والعربي حائزاً الميدالية الذهبية.
بعد انطلاقته في عالم الغناء بشكل محترف، سافر ربيع الأسمر إلى سويسرا حيث قام بافتتاح مطعم شرقي لبناني كان يغني فيه للجالية اللبنانية والعربية. ولكنه لم يهمل جمهوره في لبنان، إذ كان ينتج ألبوماً غنائياً كل عام في وطنه، ثمّ يعود أدراجه إلى سويسرا الى أن انتقل الى العيش في لبنان بعد ان نصحه أهل الاعلام بضرورة أن تنتقل شهرته من داخل الوطن الى خارجه.
في جعبة ربيع الأسمر 18 ألبوماً غنائياً. وهو يفاخر بأنّ بعضاً من أغانيه ألّف كلماتها ونظم ألحانها بنفسه.
أبرز ألبوماته المتوفرة في الأسواق:
أبرز إصداراته: “بنص الليل”، “عوّدوني عالسهر”، “يا زمن”، “الغربة”، “ذكريات”، “ما عليش”، “غلاك”، “خطوة جديدة”، “أجراس الخطر”، “آخر دمعة”، “إشارة استفهام”، “مستنفر”..
تعامل ربيع مع شركة “شاين” لإنتاج برنامج كوميدي من نوع الكاميرا الخفية، وهو بعنوان “كاميرا بيع”. تمّ عرض حلقات البرنامج خلال شهر رمضان المبارك 2009 على قناة “الدنيا” السورية كعرض أوّل وحصري، وعرض مسلسل “بومب أكشن” وفيلم “القرار” العام الماضي ونالا نجاحاً واسعاً. كما يحضر الأسمر لعمل درامي جديد تحت عنوان “مطلقات ولكن”.
Leave a Reply