ديربورن – على مدار الأسبوع المنصرم، ترافقت الاحتجاجات الغاضبة على مقتل الإفريقي الأميركي جورج فلويد، مع إزالة تماثيل ونصب تذكارية لرموز وشخصيات «عنصرية» في العديد من المدن الأميركية، في خطوة وصلت أصداؤها لمدينة ديربورن التي سارعت بلديتها إلى إزالة تمثال رئيس البلدية الأسبق أورفيل هابرد، من أمام «متحف ديربورن التاريخي» الواقع في غرب المدينة.
وكانت ديربورن قد شهدت عدداً من الاحتجاجات الشاجبة لـ«عنف الشرطة» في أعقاب مقتل فلويد، الشهر الماضي، تضمنت التنديد بـ«التاريخ العنصري» للمدينة تحت إدارة هابرد المعروف بعدائه الشديد للأفارقة الأميركيين، حيث قام أحد المتظاهرين بإلباس التمثال المثير للجدل قميصاً كُتبت عليه عبارة «حياة السود مهمة».
وكتبت رئيسة مجلس ديربورن البلدي سوزان دباجة على صفحتها بموقع «فيسبوك»، مساء الخامس من حزيران (يونيو) الجاري: «بعد محادثات عديدة مع زملائي، ومع البلدية، وكذلك مع عائلة هابرد، تمت إزالة التمثال»، مضيفة أن عائلة هابرد ستنقل التمثال إلى الضريح، «أما الآن، فدعونا نواصل العمل من أجل تصحيح الأمور، ووضع السياسات التي من شأنها إحداث تغيير ذي مغزى».
ويوم الأحد المنصرم، استجاب قرابة مئتي شخص لدعوة نشطاء عرب أميركيين للتظاهر أمام «متحف ديربورن التاريخي» للاحتفال بإزالة نصب هابرد، والمطالبة بإزالة جميع المظاهر ذات التاريخ العنصري من المدينة. وأشار المتحدثون خلال الوقفة الاحتجاجية إلى أن «إزالة التمثال تحت جنح الظلام هي خطوة غير كافية»، وأنها يجب أن تُتبع «بإلغاء جميع اللوحات التذكارية المتعلقة بهابرد، وتغيير أسماء الشوارع والمرافق التي تحمل اسمه، مثل شارعي هابرد درايف وهابرد ستريت، وكذلك «هابرد كيندر كير» و«هابرد مانور إيست آند وست» وقاعة «هابرد» في «مركز فورد للفنون».
وطالب بيان صادر عن منظمي التظاهرة، مجلس نواب ميشيغن بإقرار مشروع القانون رقم 945، القاضي بإخضاع جميع عناصر الشرطة في الولاية لدورات تثقيفية وتعليمية حول التحيز العنصري وكيفية تفاديه، إضافة إلى إخضاعهم لفحوصات الصحة العقلية.
وشدد البيان على ضرورة تخفيض الميزانية المخصصة لدائرة شرطة ديربورن بمقدار 25 بالمئة خلال العامين المقبلين، وكذلك إنشاء لجنة إشراف من المجتمع المدني لمراقبة سلوكيات عناصر الشرطة.
ووصف البيان هابرد بأنه يمثل «القمع العنصري الذي بُني عليه هذا البلد»، لافتاً إلى أنه «من غير اللائق، أن تثني المدينة على رئيس بلدية أقصت سياساته أشخاصاً عملوا جاهدين من أجل أن تكون ديربورن مدينة عظيمة». وأضاف: «ندرك أنه على الرغم من تنوع ديربورن، فإن سكان ميشيغن السود لا يشعرون بالأمان في مدينتنا».
وأشار البيان إلى أن إزالة تمثال هابرد هي «خطوة صحيحة نحو التغيير»، منوهاً بأن الديربورنيين «يقومون اليوم بتصحيح تاريخ المدينة».
وأفاد الناشط بلال حمود لـ«صدى الوطن» بأن المتظاهرين قد أبرقوا بنسخة من البيان إلى رئاسة بلدية ديربورن، معرباً عن أمله في أن يقوم المسؤولون بتلبية مطالبهم في أسرع وقت. وقال: «في هذا الوقت العصيب من تاريخ بلادنا، آن الأوان لإزالة جميع مظاهر العنصرية حتى يعرف أخوتنا الأفارقة الأميركيون بأنهم مرحب بهم في مدينتنا».
وفي كلمة أثارت حماس المتظاهرين، انتقد الناشط آدم أبو صلاح قيام بلدية ديربورن بإزالة تمثال هابرد تحت جنح الظلام، وقال: «عليهم أن يسمعوا أصواتنا، أين هم، إننا لم نرَ أي مسؤول منهم هنا، لقد أزالوا النصب لكي يمتصوا غضبنا، ولكننا لن نتوقف».
وأضاف: «لقد حاولوا مراراً وتكراراً التعامي عن طلبات السكان بإزالة التمثال، وها أنتم اليوم تقفون في المكان الذي كان ينتصب فيه ذات يوم تمثال أورفيل هابرد».
والجدير بالذكر أن هابرد ترأس بلدية ديربورن لمدة 36 عاماً (1942–1978)، وعُرف وطنياً بتصريحاته العنصرية ضد السود وسياساته الرافضة لإقامتهم أو حتى عبورهم في المدينة.
وقد لجأ هابرد خلال أحداث ديترويت عام 1967، إلى نشر قوات الشرطة على حدود ديربورن مع أوامر بإطلاق النار «على المشاغبين واللصوص».
ووصفت صحيفة «نيويورك تايمز» عام 1969، ديربورن بالمدينة التي تتجذر فـيها العنصرية فـي الشمال الأميركي. وقال هابرد للصحيفة حينها: «أنا أفضل الفصل بين العبيد والبيض، لأننا إن لم نفعل ذلك فسوف يذهب الأطفال السود والبيض معاً إلى المدارس، وبعدها سيتصادقون، وبعدها سيتزوجون وسوف يكون لدينا أطفال مهجّنون، وهذا ينذر بحسب معرفتي التاريخية بنهاية الحضارة».
وبعد رحيله بسبع سنوات، نصبت له بلدية ديربورن –لأول مرة– تمثالاً برونزياً بارتفاع 10 أقدام، أمام المبنى البلدي القديم، عند تقاطع شارعي ميشيغن أفنيو وشايفر في شرق المدينة. وعندما باعت البلدية مبناها التاريخي لمنظمة «آرت سبايس» عام 2015، وانتقلت إلى مقرها الجديد، تم نقل تمثال هابرد إلى حديقة «متحف ديربورن التاريخي»، رغم المعارضة الواسعة من المنظمات الحقوقية والمدنية المناهضة للعنصرية.
Leave a Reply