بيروت – علي شهاب
في أواخر العام 2017، انشغل المهتمون بكل جديد في التقنيات الحديثة بالأنباء حول تطوير شركة رائدة في مجال برامج معالجة الصور والفيديو لمنتج جديد يتيح «استنساخ» صوت أي شخص وتركيب جمل وعبارات بصوته. لم يصدر البرنامج المذكور بعد في نسخته العامة، لكنه أثار جدلاً «أخلاقياً» حول المدى الذي بإمكان التكنولوجيا أن تبلغه في خداعنا.
اليوم جدل آخر من النوع نفسه عنوانه «بصمة الصوت» أيضاً، بعد أن كشفت تقارير أن الوكالات الأمنية الأميركية قادرة على تشخيص هوية أي متصل عبر الهاتف (أو مستخدم لأجهزة لوحية الكترونية) في غضون ثوانٍ قليلة.
في كانون الأول (ديسمبر) من العام 2006، كشفت مذكرة لوكالة الأمن القومي الأميركي تمّ رفع السرية عنها أن محللي الوكالة بدأوا بإستخدام تقنية قادرة على تسجيل أصوات أشخاص محددين فور تحدثهم عبر الهاتف. لاحقاً تحدث إدوارد سنودن، «المنشق» عن الحكومة الأميركية عن تقنيات أشدّ تعقيداً تسمح بتحديد هوية أي شخص يستخدم الهاتف من صوته.
وبعد ظهور تقنيات علنية لدى شركات كـ«غوغل» و«أمازون»، اعتاد الناس على هذه التقنية في استخدامهما اليومي للمساعد الصوتي الذكي «سيري»، «ألكسا»، أو «غوغل». لكن هذه التقنيات تخفي ما هو أخطر من ذلك، إذا ما علمنا أن برمجيتها تقوم على تحديد ميزات صوت كل مستخدم من النبرة إلى طريقة اللفظ وصولاً حتى سمات جسمانية متعلقة بالنطق كشكل الفم وعمق الحنجرة. وبالإعتماد على هذه السمات بإمكان الشركات التقنية تحديث خورازمية قادرة على تقليد صوت أي شخص في ثوان قليلة. القدرة على «تزييف» بصمة الصوت تتبع امتلاك قدرات الأميركيين قدرات مماثلة، بحسب ما تكشف تقارير في العام 2008، على صعيد تحديد هوية أي شخص عبر بصمات بيومترية أخرى.
والخطير في تقنية الصوت المعمول بها أنه بإمكان السلطات الأميركية مطابقة تسجيل صوتي قديم مع أي شخص مرصود وتتبع كافة مكالماته حتى لو كانت بلغات أخرى غير الانجليزية، وحتى لو استخدم أرقام هواتف مجهولة أو غير مسجلة بإسمه. ولئن كانت الخصوصية أحد أبرز الجوانب التي تطالها هذه التقنيات التي تطورها الولايات المتحدة الأميركية، فإن جانباً آخر يدعو للقلق ويكمن في إمكانية استخدام التقنية لـ«تزييف» كذبة ما في مجالات سياسية، أمنية، اقتصادية، أو اجتماعية واستخدامها في نشر شائعات.
إشارة إلى أن تقارير سابقة قد كشفت أن وكالات أمنية أميركية استخدمت أجهزة الكترونية (كأجهزة التلفزيون) لتسجيل الأصوات المحيطة. ما يعني أن القدرة على التنصت وجمع «داتا» الصوت لا تقتصر فقط على الهواتف الذكية. التقارير عن التقنية أعلاه، وآخرها ما نشرتها «انترسبت» الأميركية، تشير إلى حيازة دول أخرى حليفة للولايات المتحدة، كبريطانيا، لتقنيات التشخيص عبر الصوت، فضلاً عن استخدام هذه التقنيات بالفعل في الشرق الأوسط منذ سنوات.
Leave a Reply