ديربورن – في إطار جولة فنية في أميركا الشمالية، أحيى الفنان وليد توفيق حفلاً غنائياً حاشداً في مدينة ديربورن، حيث حرصت الجالية العربية على تكريم المطرب اللبناني احتفاء باليوبيل الذهبي لمسيرته الفنية الحافلة.
وعلى هامش حفلته الديربورنية المميزة التي قدمها بالاشتراك مع «الأوركسترا العربية الوطنية بميشيغن»، في «مركز فورد للفنون»، تم تكريم «النجم العربي» من قبل نائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة، تقديراً لعطائه الفني ومسيرته الممتدة لخمسة عقود.
وفي مؤشر على عشق العرب الأميركيين لحنجرة وليد توفيق الذهبية وحضوره المتألق، استقطبت حفلته في ديربورن ما يزيد على 1,200 شخص تدفقوا من كافة أنحاء ميشيغن للاستمتاع بالعرض الغنائي الموسيقي الذي خلا من تقديم الأطعمة والمشروبات، كما هو الحال في معظم الحفلات العربية التي تشهدها منطقة ديترويت عادة.
تكريم النجم العربي وليد توفيق في ديربورن على هامش جولة غنائية شملت أميركا وكندا بمناسبة اليوبيل الذهبي لانطلاق مسيرته الفنية
وجاءت حفلة ديربورن ضمن جولة وليد توفيق في أميركا الشمالية والتي شملت أيضاً مدينتي مونتريال وتورنتو الكنديتين، بالإضافة إلى مدينة لوس أنجليس الأميركية.
وأعرب وليد توفيق –في حديث مع «صدى الوطن»– عن شعوره بالفرح العميق على ما وصفه بـ«التكريم الرائع» الذي حظي به في منطقة ديترويت. وقال: «لقد سعدت من أعماق قلبي بتكريمي من قبل نائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة، ومن قبل الأوركسترا العربية الوطنية بميشيغن بقيادة المايسترو مايكل إبراهيم والفنان الرائع أسامة بعلبكي»، مضيفاً: «لقد كانت ليلة من ليالي العمر».
وأفاد الفنان الذي يتحدّر من مدينة طرابلس اللبنانية بأن انطلاقته الفنية بدأت في عام 1973 من خلال مشاركته في برنامج «ستوديو الفن» على قناة «أل بي سي» اللبنانية، غير أن مشواره الحقيقي بدأ في عام 1974 بأغنية من ألحان الموسيقار المصري بليغ حمدي بعنوان: «عيون بهية»، لافتاً إلى أن يوبيله الذهبي يتزامن مع إصداره لأحدث أعماله، وهي أغنية من تلحينه ومن كلمات الشاعر نزار فرنسيس، بعنوان: «أيلول».
وأوضح توفيق بأن إرثه الفني الكبير يرتّب عليه المزيد من الالتزامات تجاه جمهوره المنتشر في جميع أنحاء الوطن العربي، إلى جانب السعي الدائم نحو «إنتاج فن راقٍ» يحترم ذائقة الناس وعشقهم للفن الأصيل، وقال: «خمسون عاماً مضت، ولا زلت أشعر أن كل يوم هو بداية انطلاق جديدة في مسيرتي الفنية مع جمهوري الذي أحبّ.. برفقة عودي وألحاني وموسيقاي وأغنياتي».
ووافق توفيق على أن عصر «النجوم» و«الأبطال» قد أفل إلى غير رجعة، منوهاً بأنه بات من العسير أن يحافظ الفنانون على نجوميتهم وتألقهم الدائم، وقال: «في وقتنا الحالي، تنجح بعض الأغاني وتحقق الانتشار الساحق، ثم تأتي أغانٍ غيرها وهكذا، لكن من الصعب أن يحافظ الفنان على القمة، سواء كان مطرباً أو ممثلاً أو ملحناً، لقد مضت إلى غير رجعة أيام أم كلثوم وعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش وغيرهم من الفنانين الاستثنائيين».
وأرجع المطرب اللبناني صموده في المشهد الغنائي طيلة خمسين عاماً إلى تعدد مواهبه في الغناء والتلحين والتمثيل، وقال: «السبب الأول في استمراري حتى اليوم يعود بالدرجة الأولى إلى صوتي، لكن ما من شك في أن موهبتي بالتمثيل والتلحين ساهمت في تكريس شهرتي على أوسع نطاق، سواء من خلال أعمالي السينمائية أو ألحاني التي أعطيتها لعدد من النجوم من أمثال جورج وسوف وسميرة توفيق وهاني شاكر ومادونا وجيهان عطية».
وكان توفيق قد شارك في ما يزيد عن عشرة أفلام سينمائية، من أبرزها «قمر الليل»، و«أنا والعذاب وهواك»، و«ساعي البريد»، إلا أن أهم أفلامه وأنجحها على الإطلاق كان فيلم «من يطفئ النار» الذي تشارك بطولته مع الفنان فريد شوقي والفنانتين آثار الحكيم ورغدة. وكان الفيلم قد تناول موضوع الحرب الأهلية في لبنان، وفيه غنى توفيق أغنية «انزل يا جميل ع الساحة» (هابي بيرثداي) التي تعتبر من أشهر أغانيه وأوسعها رواجاً.
في سياق آخر، أكد «أبو الوليد» على الدور الاجتماعي للفن والفنانين، وقال إن الفنان الحقيقي لا يجب أن يعيش في برجه العالي بعيداً عن هموم الناس وأحزانهم، خاصة خلال الأزمات والمحن، مضيفاً: «الفنان المحترم هو الفنان الذي يكون من الناس وإلى الناس».
وأوضح صاحب أغنية «لفّيت المداين» بأن اليوبيل الذهبي لمسيرته الفنية تصادف مع «أوقات عصيبة» في المشرق العربي من جراء الزلزال المدمر في تركيا وسوريا، إلى جانب تردّي الأوضاع الاقتصادية في لبنان. وقال: «حاولت في البداية أن أعدل عن الاحتفال باليوبيل الذهبي في ظل هذه الأوضاع المحزنة، ولكنني قررت –في نهاية المطاف– إحياء الجولة الفنية في أميركا وكندا بعدما اتفقت مع متعهد الحفلات تخصيص 60 بالمئة من ريع التذاكر للمتضررين من الزلزال، ولهؤلاء الذين يعانون الأمرين بسبب الضائقة الاقتصادية في وطني الحبيب».
وأشار وليد توفيق إلى أن مبادرته آنفة الذكر، ليست الأولى من نوعها، إذ أنه استثمر علاقاته الشخصية مع الفنانين ورجال الأعمال في دولة الإمارات العربية المتحدة، ما أسفر عن تأمين شحنة من المساعدات الإنسانية بزنة 30 طناً تم توزيعها بالتعاون مع الجيش اللبناني وباقي المؤسسات الحكومية على الفقراء والمحتاجين في كافة أرجاء لبنان، بغض النظر عن انتماءاتهم المناطقية أو الطائفية.
وختم وليد قائلاً: «من طبعي أن أقابل الوفاء بالوفاء، والحب بالحب، والاحترام بالاحترام»، منوهاً إلى أن مشاركته في برنامج «غنيلي تغنيلك» للفنان علي الديك، كانت بدافع «الوفاء ومبادلة الحب بالحب»، وقال: «قبل سنوات طويلة، كنت أغني في فندق الشيراتون بدمشق، وقد صعد الفنان علي الديك على المسرح من أجل تحيتي وإلقاء السلام عليّ، وعندما دعاني للمشاركة في ذلك البرنامج، لم أتردد للحظة واحدة في تلبية طلبه، على الرغم من الاختلاف في اللون الغنائي بيني وبينه».
Leave a Reply