ديترويت
أصدرت المحكمة الفدرالية في ديترويت حكماً بالسجن لمدة 71 شهراً بحق رئيس بلدية مدينة تايلور السابق، ريك سولارز بعد إدانته بتلقى رشاوى من مطور عقاري عربي أميركي مقابل استحواذ الأخير على عقارات مصادرة مملوكة للبلدية.
كما أصدرت المحكمة في اليوم التالي حكماً بالسجن لمدة سنة واحدة ويوم واحد، بحق رجل الأعمال شادي عوض (44 عاماً)، بالإضافة إلى تغريمه بمبلغ 10 آلاف دولار.
وبحسب وثائق المحكمة، تلقى سولارز (50 عاماً) رشاوى من المطوّر العقاري شادي عوض بمجموع 85,011 دولاراً بين عامي 2016 و2018 على شكل تجديدات منزلية مجانية أو هدايا أخرى قدمها رجل الأعمال اللبناني الأصل الذي حصل في المقابل على عقود مجزية من البلدية تمثلت بتملّكه عشرات المنازل المصادرة التي استحوذت عليها البلدية من خزانة مقاطعة وين بعد تعثر أصحابها بدفع ضريبة الملكية.
وشملت الرشاوى 30 ألف دولار من أعمال التجديد لمنزل سولارز الرئيسي و11 ألف دولار لمنزله الثاني على البحيرة، فضلاً عن أجهزة منزلية من ضمنها جهاز ترطيب للسيجار بقيمة 1,600 دولار.
وجاء الحكم بحق سولارز بعد ما يقرب من خمس سنوات من اتهام سولارز بالفساد ونحو عام واحد من اعترافه بالذنب في الرشوة والاحتيال الإلكتروني، وسرقة أموال من حملته الانتخابية.
ورفض القاضي الفدرالي مارك غولدسميث طلب محامي سولارز بأن يقضي موكله عقوبته بالإقامة الجبرية إلى جانب زوجته في المنزل، بدلاً من زجّه خلف القضبان. وقال المحامي فينسنت هايشا: «سولارز إنسان طيب ومحترم وعطوف في جوهره» مؤكداً أنه لا يشكل خطراً على المجتمع نظراً للطبيعة غير العنفية لتهمته.
ولكن القاضي غولدسميث لم يبدِ أي تعاطف مع رئيس البلدية المدان وحكم عليه بالسجن الفدرالي لمدة 71 شهراً، وهي العقوبة التي طالب بها الادعاء العام.
وقالت المدعي العام الفدرالية في شرق ميشيغن، دون آيسون: «تعهد سولارز، بصفته رئيساً لبلدية تايلور، بتمثيل المصالح الفضلى للسكان الذين مثلهم والناخبين الذين دعموه. ولكن بدلاً من ذلك، استخدم منصبه لمنح عقود وإنفاق أموال الحملة لإثراء نفسه».
وأضافت آيسون: «إن خيانة الثقة العامة هذه هي تذكير صارخ بأهمية النزاهة والمساءلة في المناصب العامة»، مشددة على تمسك مكتبها «بمبادئ العدالة والشفافية، وضمان عدم إفلات مثل هذه الأفعال من العقاب».
وتشير وثائق الادعاء إلى أن شركة عوض التي تحمل اسم Realty Transition حصلت بين عامي 2015 و2018 على مجموع 95 عقاراً مصادراً في المدينة الواقعة مباشرة إلى الجنوب من ديربورن هايتس، والتي يبلغ عدد سكانها قرابة 61 ألف نسمة.
كما وجد المحققون مشاكل مالية في حساب حملة سولارز الانتخابية، تمثلت بخداع المتبرعين من خلال استخدام أموالهم بها بشكل احتيالي لصالحه الشخصي بدلاً من حملته السياسية. وكجزء من المخطط، وجّه سولارز المسؤول المالي لحملته، جيفري باوم، لتزويده بشيكات فارغة، قبل أن يدفعها بمبالغ مختلفة لمتجر «دومينيك ماركت» مقابل خدمات طعام للحملة لم يتم تقديمها قط.
ووجد المحققون أن صاحب المتجر هدير التون (49 عاماً)، كان يعيد أموال الشيكات لسولارز الذي تلقى 70,362 دولاراً عبر هذا المخطط الاحتيالي.
كما سهّل صاحب المتجر أنشطة الرشوة التي قام بها سولارز مع شريكه عوض من خلال قبول بطاقات ائتمان عوض وتحصيل أكثر من 19 ألف دولار منها.
وكان عوض قد أقرّ بالذنب في عام 2021، معترفاً بأنه رشا سولارز بأكثر من 53 ألف دولار بما في ذلك أجهزة وتجديدات منزلية ونقود فضلاً عن رحلة قمار إلى لاس فيغاس. كما اعترف كل من التون وباوم بالتهم الموجهة إليهما، وينتظران صدور الحكم في شهر نوفمبر القادم.
والجدير بالذكر أن السلطات الفدرالية كانت قد داهمت مقر بلدية تايلور ومنزلي سولارز عام 2019 وقامت بمصادرة حوالي 200 ألف دولار نقداً.
ودافع سولارز بثبات عن براءته، حتى استسلم في النهاية بقبول صفقة إقرار بالذنب في آب (أغسطس) 2023.
وخدم سولارز في منصب رئيس بلدية تايلور بين عامي 2013 و2021 قبل أن يخلفه رئيس البلدية الحالي تيم وولي.
إشادات بشادي عوض
رغم أن الادعاء العام الفدرالي طلب عقوبة مخففة لعوض تتراوح بين 15 و19 شهراً بفضل تعاونه مع المحققين، جاء حكم القاضي غولدسميث بحقه دون الحد المطلوب ليقتصر على نحو 12 شهراً فقط، بسبب كم التوصيات التي تلقتها المحكمة من المسؤولين في مدن الجوار، بما في ذلك إيكورس وملفينديل.
وأشادت رسائل التوصية بعمل عوض وأخلاقياته التجارية، ووصفوه بأنه «رجل معطاء» والذي غالباً ما يعيد العقارات المرهونة إلى أصحابها الأصليين.
وكتب رئيس بلدية إيكورس لامار تيدويل في رسالة إلى القاضي: «صرح السيد عوض بأنه سيحدث فرقاً في مجتمعنا، وقد حقق ذلك بالفعل»، مشيراً إلى أنه جعل مشاهدة الأفلام في منتزهات المدينة حقيقة واقعة من خلال تبرعه بشاشة عملاقة وجهاز عرض.
وأضاف «يتمتع السيد عوض بسمعة طيبة في مجتمع داونريفر وكان دائماً رجلاً يفي بكلمته، وكانت شركته أشبه بجمعية خيرية أكثر من كونها عملاً تجارياً».
وفي رسالة أخرى، كتب مسؤول البناء في بلدية ملفينديل، براد بيرنز، أن عوض «أظهر باستمرار سلوكاً احترافياً وشخصية محترمة». بينما وصفه مدير البناء والسلامة في تايلور، جيسي هارينغتون، بأنه «رجل عطوف وطيب للغاية».
والجدير بالذكر أن عوض كان قد أقر بالذنب في تهمة التآمر للرشوة، وهي جناية تصل عقوبتها إلى خمس سنوات، ولكن الادعاء العام الفدرالي طلب تخفيف العقوبة إلى 19 شهراً كحد أقصى بفعل تعاونه مع السلطات.
وشمل هذا التعاون الإدلاء بشهادته في وقت سابق من هذا العام خلال جلسة استمرت أياماً ساعدت في تحديد مقدار الرشاوى التي تلقاها سولارز.
وكتب مساعدا المدعي العام الفدرالي فرانسيس كارلسون وروبرت موران في مذكرة الحكم: «سترسل هذه العقوبة رسالة واضحة مفادها أن رشوة المسؤولين العموميين لتعزيز مصالحك الشخصية أو التجارية لن يتم التسامح معها وستواجه عواقب وخيمة، حتى بالنسبة لشخص يعترف بالمسؤولية ويتعاون في مقاضاة الآخرين».
وكان محامي عوض، ديفيد دوموشيل، قد طلب تخفيف العقوبة إلى حد الإفراج المشروط أو في الإقامة الجبرية في المنزل حتى يتمكن موكله من «الاستمرار في إدارة أعماله والحفاظ على الوظائف». وأضاف أن عوض «نادم، وتقبل المسؤولية وتعاون مع المحققين في قضية سولارز».
كتب عوض في رسالة إلى المحكمة: «أنا آسف على أفعالي التي أدت إلى اتهامي في هذه القضية. أتمنى لو كان بإمكاني العودة والقيام بالأمور بشكل مختلف، ولكن بالطبع لا أستطيع».
كما أشار محاميه إلى أن عوض ساهم بمزيد من الأموال للمدينة في شكل تبرعات مشروعة مقارنة بالمدفوعات غير المشروعة لسولارز.
وقالت المدعي العام دون آيسون في إعلانها عن الحكم على عوض: «إن إدانة عوض والحكم عليه يجب أن يرسلا رسالة قوية مفادها أن مكتبي لن يقدم المسؤولين العموميين الذين يقبلون الرشوة للعدالة فحسب، بل يحرص كذلك، على أن يواجه أولئك الذين يسعون إلى الحصول على ميزة من خلال رشوة المسؤولين العموميين، عواقب وخيمة».
Leave a Reply