ديربورن
الزيارة غير المُعلنة للسناتور في مجلس شيوخ ميشيغن سيلفيا سانتانا إلى إسرائيل في الآونة الأخيرة، أثارت استياءً وغضباً واسعاً في أوساط العرب الأميركيين بمنطقة ديترويت الذين يشكّلون حوالي 65 بالمئة من ناخبي المشرّعة الإفريقية الأميركية لتمثيل «الدائرة 2» في كابيتول لانسنغ، التي تضم كامل مدينتي ديربورن وديربورن هايتس إلى جانب أجزاء من مدينتي آلن بارك وديترويت.
وقد دفعت الزيارة آنفة الذكر، عضو مجلس مدينة ديربورن هايتس مو بيضون إلى إلغاء لقاء كان من المقرر أن تعقده السناتور الديمقراطية يوم الإثنين المنصرم في مدينة ديربورن بمتجر «كاسترد» الذي يتشارك بيضون ملكيته مع رجل أعمال عربي آخر، وذلك بالتزامن مع قيام ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني بانتقاد سانتانا التي قررت السفر إلى الدولة العبرية بدون التشاور مع ناخبيها وداعمي مسيرتها التشريعية في منطقة ديربورن، واصفاً رحلتها إلى تل أبيب بـ«الصفعة» الموجهة إلى العرب الأميركيين.
وقال السبلاني على صفحته بموقع «فيسبوك» –السبت المنصرم- إن زيارة سانتانا إلى إسرائيل صدمت الجالية العربية الأميركية في منطقة ديربورن، وإن تلك الرحلة تشكل صفعة للعرب الأميركيين الذين يحترمونها ويدعمون مسيرتها التشريعية والسياسية، لافتاً إلى أن غالبية الناخبين في «الدائرة 2» بمجلس شيوخ ميشيغن يتحدرون من منطقة الجنوب اللبناني، الذي عانى على مدار عقود من العدوان والاحتلال الإسرائيلي، وصولاً إلى الحرب على لبنان في صيف العام 2006.
في الأثناء، سارعت سانتانا إلى الاعتذار إلى المجتمع العربي والمسلم الأميركي في الديربورنين عبر بيان نشرته على صفحتها بموقعي «فيسبوك» و«أكس» (تويتر سابقاً)، قالت فيه: «إنني أدرك بأن وجودي في تلك الرحلة قد أثار الغضب وخيبة الأمل لدى الكثيرين في الجاليات العربية والمسلمة، ولذلك فأنا أعتذر حقاً، وأطلب مسامحتكم، آملة منكم أن تفهموا بأنه ليست لدي أية نية خبيثة خلف تلك الزيارة».
وأضافت سانتانا في بيان الاعتذار: «لا توجد كلمات مناسبة يمكنني أن أقدمها لتبيان مشاعري من جراء ما حصل.. لقد كان هدفي الوحيد هو التعرف على تلك المنطقة وتحسين فهمي العلاقات الثنائية بين إسرائيل وولاية ميشيغن»، موضحة بأنه كان يتوجب عليها «ممارسة حرية التصرف بشكل أفضل» عبر الانخراط في حوار مع مختلف القيادات العربية والمسلمة في منطقة ديربورن لطلب مشورتهم قبل قيامها بالزيارة.
وواصل السبلاني انتقاده ولومه لسانتانا في عدة إطلالات ومشاركات في وسائل إعلام محلية، متلفزة ومقروءة، لافتاً إلى أن الزيارة الأخيرة للسناتور الإفريقية الأميركية هي الثانية من نوعها إلى الكيان الإسرائيلي، وأنها كانت طي الكتمان، حتى تم تناقلها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وأفاد السبلاني لصحيفة «فري برس» بأن سانتانا لم تخطر أياً من الفعاليات العربية الأميركية أو غيرهم بزيارتها إلى الدولة العبرية، وأن الزيارة لم يعلم بها أحد إلا بعدما أُفشي سرّها على وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفاً بالقول: «ما جرى أمر مزعج، ونحن مستاؤون للغاية مما حصل».
من جانبه، وعد الناشط حسين دباجة بعدم التصويت لصالح سانتانا في أية انتخابات مقبلة، معلّقاً على اعتذارها بموقع «فيسبوك» بالقول: «لديك الكثير من الأصدقاء في الجالية العربية الأميركية ممن يمكنك التحدث معهم قبل قيامك بهذه الرحلة، والذين يملكون ما يكفي من الأسباب التي تمنعك من إتمام الزيارة»، مضيفاً: «لن أصوّت لك مرة أخرى!».
المدير التنفيذي لـ«اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز» (أي دي سي)، عبد أيوب –وهو من مواليد مدينة ديربورن- قال إن رحلتها إلى إسرائيل لا تنطوي على الإساءة «إلينا» فحسب، وإنما تدفعنا إلى اعتبار تصرفاتها بمثابة التخلي عنا، لتجاهلها الصارخ للواجب الأخلاقي بمناصرة حقوق الإنسان، بحسب تعبيره.
وأسفرت ردود الأفعال المستاءة من زيارة سانتانا إلى إسرائيل عن عقد لقاء في مكاتب «صدى الوطن» –الأربعاء الماضي- جمع السناتور الديمقراطية مع العديد من الفعاليات والمسؤولين العرب الأميركيين المنتخبين في منطقة ديربورن، من بينهم نائب محافظ مقاطعة وين أسعد طرفة ورئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود والنائب عن مدينة ديربورن في مجلس نواب ميشيغن العباس فرحات وعضوا مجلس مفوضي مقاطعة وين سام بيضون وديفيد كنيزيك وعضو مجلس مدينة ديربورن هايتس مو بيضون ومدير مالية مقاطعة وين آدم أبو صلاح والناشط حسين دباجة، بالإضافة إلى ناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني.
وخلال اللقاء، استعرض المسؤولون العرب الأميركيون، الأضرار والخسائر التي لحقت بعائلاتهم وأقاربهم من جراء الاعتداءات الإسرائيلية على القرى والمدن اللبنانية على مدار العقود الماضية، وقال طرفة إن جدته وأختها قُتلتا خلال إحدى غارات القصف الإسرائيلي وإن جثمانهما ظلّا تحت الأنقاض لعدة أيام.
وأنحى المتحدثون باللوم على سانتانا التي قررت زيارة الدولة العبرية بدون استمزاج آراء ومواقف السكان في منطقة ديربورن وديربورن هايتس، الذين يشكلون حوالي 65 بالمئة من ناخبي السناتور الديمقراطية، معربين عن خيبة أملهم من تجاهل سانتانا لدعمهم الانتخابي والمالي طيلة مسيرتها التشريعية التي تمتد لنحو عشر سنوات، إلى جانب جهودهم الدؤوبة لضمان خوضها السباقات المحلية بدون منافسين.
واعتبر المجتمعون أن تأييد العرب الأميركيين للسناتور الديمقراطية نابع من «ثقتهم» بها و«صداقتهم» معها، وأن قيامها بزيارة إسرائيل لـ«مرتين» بدون إلتشاور مع الفعاليات المحلية يعتبر بمثابة «صفعة مزدوجة للمجتمع العربي الأميركي في منطقة ديربورن».
وفي السياق، أكد المتحدثون على استيائهم من جميع المسؤولين بولاية ميشيغن ممن قاموا بزيارة إسرائيل بمن فيهم حاكمة الولاية غريتشن ويتمر، غير أنهم اعتبروا رحلة سانتانا إلى الدولة العبرية «إهانة» من حيث الشكل والمضمون، لكونها تستخف بكتلة وازنة من ناخبيها فضلاً عن تجاهلها لحقيقة أن منطقة ديربورن التي تمثلها في كابيتول لانسنغ هي عاصمة العرب الأميركيين في الولايات المتحدة.
وسأل القياديون العرب الأميركيون، سانتانا عما إذا كانت رحلتها إلى إسرائيل قد شملت زيارة مخيمات الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، في حال كان الهدف فعلاً هو تكوين «فهم أفضل» عن الصراع العربي الإسرائيلي كما زعمت السناتور الديمقراطية، مؤكدين على أن الفلسطينيين يعانون الأمرين من جراء سياسات الفصل العنصري (آبارتيد) التي تمارسها الدولة العبرية ضدهم، ضاربة بعرض الحائط بجميع المواثيق الحقوقية والإنسانية.
وأكد المسؤولون المنتخبون لسانتانا بأن زيارتها لإسرائيل «لا معنى لها»، لأنها غير مولجة بالسياسة الأميركية الخارجية، وسألها أحد القياديين: «حقاً، ما الذي تفعله سناتور بكونغرس إحدى الولايات الأميركية في إسرائيل؟».
كذلك، تمت مساءلة سانتانا عما إذا كانت قد تلقت من اللوبيات اليهودية الأميركية دعماً مالياً أو وعوداً انتخابية، وكان جواب السناتور الديمقراطية بالنفي، مع الإشارة إلى أنها تستكمل في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل ولايتها الأخيرة في مجلس شيوخ ميشيغن.
وكانت منظمة «الاتحاد اليهودي بمنطقة ديترويت» قد نظمت زيارة لحوالي 16 مشرّعاً ديمقراطياً وجمهورياً في كونغرس ميشيغن –من بينهم سانتانا- إلى الدولة العبرية، خلال الفترة القليلة الماضية.
وفي ختام المناقشات، كررت سانتانا أسفها واعتذارها عن زيارتها إسرائيل، واعدة بمواصلة التواصل والتنسيق مع ناخبيها وداعميها خلال المدة المتبقية من ولايتها الأخيرة، واتفق الطرفان على إصدار بيان مشترك لتهدئة «خواطر» العرب الأميركيين في منطقة ديربورن، والذي من المقرر نشره خلال الأيام المقبلة.
Leave a Reply