تقرير أسبوعي
واصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال الأسبوع الماضي، سياسة «الهروب إلى الأمام»، ليس فقط بتأجيل محاكمته بقضايا فساد لأسبوع إضافي بذرائع أمنية، وإنما أيضاً عبر إشعال جبهة جديدة ضد محور المقاومة من خلال الهجوم المفاجئ والكبير الذي شنته الجماعات المسلحة على مناطق سيطرة الحكومة السورية في شمال ووسط البلاد وتحديداً مدينتا حلب وحماه اللتان باتتا تحت سيطرة أبو محمد الجولاني بحلّته المدنية الجديدة تحت مسمى «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة/تنظيم القاعدة سابقاً).
فتفجير الجبهة السورية تحت شعار طرد الميليشيات الإيرانية، الذي يعني ضمناً تقطيع أوصال محور المقاومة وقطع خطوط إمداد «حزب الله» في لبنان، جاء بعد إجهاض أحلام نتنياهو بالقضاء على المقاومة واضطراره إلى وقف إطلاق النار لحماية جبهته الداخلية المترنحة تحت ضربات صواريخ الحزب، بينما تقف قوات الاحتلال عاجزة عن إخضاع مقاومة غزة رغم حرب الإبادة المستمرة هناك، والتي أوقعت أكثر من 150 ألف شهيد وجريح فلسطيني على مدار ١٤ شهراً.
ومع احتدام المعارك شمالي القطاع بين المقاومة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية المتوغلة في مناطق «الأرض المحروقة»، عاد الحديث مجدداً عن إعادة إطلاق مفاوضات التهدئة وتبادل الأسرى بين إسرائيل و«حماس»، حيث نقلت وكالة «رويترز» أن قطر استأنفت دورها وسيطاً رئيسياً للتوصل إلى اتفاق، تحت ضغوط الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي يريد تنفيذ الصفقة قبل تنصيبه يوم 20 يناير المقبل.
الميدان السوري
بدا واضحاً منذ انطلاق الهجوم الكاسح، الذي تشاركت فيه فصائل كانت حتى الأمس القريب متناحرة، أن عملية معقدة قد أُعِدّ لها منذ وقت طويل، واختير موعد تنفيذها غداة اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وفي الوقت بدل الضائع أميركياً بين انتهاء ولاية بايدن وعودة ترامب إلى البيت الأبيض.
هكذا، وبسرعة، وبعد أيام قليلة من السيطرة على حلب وأريافها، وصلت الجماعات المسلحة بقيادة الجولاني إلى حماه التي تشكل عقدة مواصلات استراتيجية في وسط سوريا.
وكان لافتا أن الجيش السوري انسحب من حلب من دون أن يخوض معارك في وجه هجوم الفصائل، تفادياً لـ«حرب شوارع»، وسعياً لإعادة ترتيب الصفوف والاستعداد لهجوم مضاد. لكن سقوط حماه، بعد حلب، وعدم تأثير العمليات العسكرية التي نفذها الجيش السوري، وغارات الطيران الروسي لمنع تقدم المهاجمين، أثارت تساؤلات جدية، عما إذا كانت هناك ترتيبات غير معروفة، تمهد لوضع جديد فوق الساحة السورية… وقد رد وزير الدفاع السوري علي عباس، على هذه التساؤلات، فأكد، مساء الخميس الماضي، أن الجيش يخوض معركة شرسة مع التنظيمات المسلحة، مشيراً إلى أن الانسحاب من حماه تكتيكي.
وعلى عكس حلب التي أخلاها الجيش السوري دون أي مقاومة تذكر، احتاجت الفصائل المسلحة لخوض اشتباكات ضارية مع الجيش السوري قبل تمكنها من دخول مدينة حماه، ومواصلة طريقها باتجاه حمص التي قد يضطر الجيش السوري إلى إخلائها أيضاً تحت عنوان «الحفاظ على أرواح المدنيين».
وأعلن الجيش السوري في بيان، أن وحداته العسكرية المرابطة في حماه «قامت بإعادة الانتشار والتموضع خارج المدينة»، مشيراً إلى أنه خاض على مدى الأيام الماضية «معارك ضارية لصدّ وإفشال الهجمات العنيفة والمتتالية التي شنتها التنظيمات الإرهابية على مدينة حماه من مختلف المحاور وبأعداد ضخمة، مستخدمةً كل الوسائط والعتاد العسكري، ومستعينةً بالمجموعات الانغماسية».
وأوضح الجيش أنه انسحب من المدينة لـ«الحفاظ على أرواح المدنيين»، بعد تمكن المسلحين خلال الساعات الماضية من «اختراق محاور عدة في المدينة ودخولها، رغم تكبدهم خسائر كبيرة في صفوفهم». وختم الجيش بيانه بتأكيد أنه «سيواصل القيام بواجبه الوطني في استعادة المناطق التي دخلتها التنظيمات الإرهابية».
من جانبه، أكد وزير الدفاع السوري العماد علي محمود عباس أن الوضع الميداني للجيش جيد، موضحاً أن إعادة الانتشار تأتي في سياق تكتيكات المعركة».
وكان زعيم «هيئة تحرير الشام» أبو محمد الجولاني قد أعلن في مقطع مصور، البدء بدخول مدينة حماه، في الشمال الغربي لسوريا، بعد أسبوع على إطلاقه عملية «ردع العدوان»، وسيطرته على محافظتي إدلب وحلب بشكل كامل قبل دخول مدينة حماه والتوجه جنوباً نحو حمص.
تتسارع الإجراءات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري، في محاولة لوقف تقدم الفصائل المسلحة وعرقلة وصولها إلى مدينة حمص الاستراتيجية وسط البلاد.
تقاطع تركي–إسرائيلي
بحسب دمشق، جاء تقدم الجماعات المسلحة السريع في محافظات إدلب وحلب وحماه وصولاً إلى حمص، بضوء أخضر إسرائيلي و«غدر» تركي عبر الانقلاب على اتفاق وقف التصعيد الموقع مع روسيا، ضمن مسار «أستانا» الذي تلعب فيه الدولتان، إلى جانب إيران، دور الضامن.
إسرائيلياً، ورغم تعدد أهداف الهجوم الكاسح الذي يمكن أن يصل دمشق نفسها، تنصب أولوية نتنياهو، المنخرط بمتابعة العمليات العسكرية في سوريا، على تشتيت انتباه «حزب الله» وتضييق الخناق عليه، في الوقت الذي تسعى فيه إسرائيل، وبرعاية أميركية صريحة، لجعل اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، قراراً لصالحها، من خلال تفسيره العشوائي وانتهاكه المتمادي، بحيث وصلت انتهاكات جيش الاحتلال إلى ستين في خلال الأسبوع الأول لسريان القرار، وأوقع العدوان عدداً غير قليل من الشهداء والجرحى، في وقت تفرض قوات الاحتلال حصاراً على عشرات القرى والبلدات الحدودية، مانعة سكانها من العودة إليها.
وبحسب ما نقلت «القناة 12»، فإن مسؤولي الأجهزة الأمنية في الكيان أخبروا نتنياهو، خلال لقاء مع شخصيات رئيسة في المؤسسة العسكرية، بأن «انتباه حزب الله سوف يتحول الآن إلى سوريا، وكذلك قواته، من أجل الدفاع عن نظام الأسد، وأن ذلك سوف يعزز، بدوره، احتمال صمود وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان».
وبعد أن كان نتنياهو عقد مشاورات أمنية بخصوص التطورات السورية، أفاد مسؤولون إسرائيليون بأنه تم عقد مشاورات عديدة عاجلة داخل قيادة جيش الاحتلال، يوم الخميس الماضي، على خلفية التقدم الذي أحرزته الفصائل المسلحة في حماه وحلب. ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين قولهم إن التطورات في سوريا «تخدم الأمن على الجبهة الشمالية على المدى القصير». فيما نقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤولين أن إسرائيل «تستعد لجميع السيناريوهات، بما في ذلك سقوط الرئيس السوري بشار الأسد». كما نقلت الصحيفة أيضاً أن هناك تخوفاً لدى مسؤولين إسرائيليين من زيادة إيران لقواتها في سوريا أو من «سيطرة قوات إرهابية دولية» على الحدود.
من جانب آخر، ورغم أن تركيا تُصور الأحداث على أنها «مبادرة مستقلة» من فصائل معارضة للنظام السوري، إلا أن تقارير عدة تؤكد أن الهجوم الكبير يحمل رسائل تهديد ضمنية بعد رفض الرئيس بشار الأسد الحوار مع أنقرة إلا بعد انسحاب قواتها من سوريا.
وبحسب المراقبين، فإن هجوماً منسقاً وشاملاً بهذا الحجم، تتحد فيه كافة الفصائل المسلحة في شمالي سوريا، ما كان ليحدث انطلاقاً من مناطق «خفض التصعيد» التي تضم أكثر من عشرة آلاف جندي تركي، من دون إشراف مباشر من أنقرة التي تبسط سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي السورية.
وكان تقريرٌ لوكالة «فرانس برس»، قد نقل عن «مصادر في المعارضة السورية على اتصال بالاستخبارات التركية، أن تركيا أعطت الضوء الأخضر للهجوم». ويقول مراسل الوكالة في الميدان، بحسب تقريرها، إنه شهد معركة بالدبابات على بعد سبعة كيلومترات عن حلب، وأن «الجهاديين وحلفاءهم المدعومين من تركيا تلقوا الأوامر مباشرةً من قيادة العمليات المشتركة».
وتتزايد التساؤلات حول خلفية القرار التركي بدعم فتح جبهات القتال في شمال سوريا، خاصة بعد يومين من تهديدات نتنياهو، للرئيس بشار الأسد بسبب دعمه لقوى المقاومة، وخصوصاً في لبنان.
ومما لا شك فيه أن لتركيا خططها الخاصة بسوريا، وهو ما قد يتعارض مع التطلعات الإسرائيلية، إذ أن أنقرة دفعت –علناً– ما يسمى «الجيش الوطني السوري» إلى مهاجمة الأكراد في تل رفعت، وهو ما استنكرته صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، «لأنه يشتت جهود «هيئة تحرير الشام» في مواجهة «النظام السوري»، ضمن ما وصفته الصحيفة بـ«أجندة تركية ضيقة».
من جانبه، أكد مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة قصي الضحاك، أن الهجوم الإرهابي على شمال سوريا لم يكن ممكناً تنفيذه دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي–إسرائيلي مشترك مهدت له اعتداءات إسرائيلية متكررة على الأراضي السورية.
وقال الضحاك خلال إحاطة في مجلس الأمن شهدت مناوشات روسية–أميركية، الثلاثاء الماضي، «الهجوم الإرهابي على حلب تزامن مع تدفق الإرهابيين عبر الحدود الشمالية وتكثيف الدعم الخارجي لهم بما فيه العتاد الحربي والأسلحة الثقيلة والعربات والطائرات المسيرة وتقنيات الاتصال الحديثة وتأمين خطوط الإمداد العسكري واللوجيستي».
وأشار إلى أنّ «حجم ونطاق الهجوم الإرهابي يوضح الدعم الذي توفره أطراف إقليمية ودولية وجدت في الإرهاب أداة لتنفيذ سياستها الخارجية واستهداف الدولة السورية وزعزعة أمنها واستقرارها والتسبب بمعاناة أهلها».
كذلك، قدّم المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون إحاطة لمجلس الأمن بشأن التطورات في الشمال السوري، مطالباً بالتحرك السريع نحو عملية سياسية جادة تشمل الأطراف السورية واللاعبين الدوليين الرئيسيين لمنع تفاقم الأزمة. وحذر المبعوث الدولي من أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في سوريا، وأكد أنه إذا لم يتم خفض التصعيد والتحرك نحو عملية سياسية، فستكون سوريا في خطر شديد.
في المقابل، أعربت الدول الثلاث المنخرطة في النزاع السوري —روسيا، إيران، تركيا—عن «قلقها إزاء التطور الخطير» في سوريا.
وقد وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، فجر الإثنين، إلى العاصمة التركية أنقرة، المحطة الثانية في جولته الإقليمية، بعد زيارته دمشق ولقائه بالرئيس السوري.
واعتبر عراقجي، خلال اجتماعه مع نظيره التركي هاكان فيدان، أن ما يحصل في سوريا تديره جهات أجنبية، قائلاً: «الكثير من المشاكل في المنطقة تنشأ بسبب التدخلات الخارجية. الجماعات التكفيرية في سوريا على صلة وثيقة بأميركا والكيان الصهيوني. عودة الإرهابيين مجدداً تهدد أمن سوريا. استمرار هذا الوضع سيؤثر على جيران سوريا»، بحسب ما نقلته وكالة «تسنيم» الإيرانية.
وأضاف أنه من الضروري «حماية إنجازات مسار أستانا»، الذي رعته روسيا وإيران وتركيا، وهدفه وقف إطلاق النار في سوريا من خلال إنشاء مناطق منزوعة السلاح. وقال عراقجي: «اتفقنا على عقد الاجتماع المقبل لمحادثات أستانا على مستوى وزراء الخارجية قريباً».
في المقابل، عارض وزير الخارجية التركي وصف دور بلاده في المعارك بأنه «تدخل أجنبي». وزعم فيدان في المؤتمر الصحفي مع نظيره الإيراني أن أنقرة «تدعم الجهود الرامية إلى خفض التصعيد»، وقال «لا نريد أن تتفاقم الحرب الأهلية أكثر».
وإذاعتبر فيدان أنه «من المهم ألا تستغل التنظيمات الإرهابية» حالة «عدم الاستقرار» في المنطقة، لفت مراقبون إلى أنه كان يقصد في ذلك، المقاتلين الأكراد، المعارضين لأنقرة في شمال سوريا والتي تضعهم أنقرة على لائحة الإرهاب.
صمود غزة
تدخل الحرب على غزة شهرها الخامس عشر، وسط أنباء عن تقدم في مفاوضات صفقة التبادل بين حركة حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي، فيما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن حصيلة العدوان الإسرائيلي ارتفعت بذلك إلى 44,532 شهيداً و105,538 إصابة منذ 7 أكتوبر 2023.
وفي وقت يجري فيه الحديث عن إمكانية الوصول إلى صفقة تهدئة في غزة، ينخرط المفاوضون المصريون ونظراؤهم القطريون في محادثات مع الولايات المتحدة لبحث صيغة معدّلة ومقترحات أكثر عمقاً، يمكن أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار لنحو 60 يوماً في القطاع. وبحسب مصادر مصرية، حمل الرد الإسرائيلي، والذي وصل إلى القاهرة، «تساهلاً» في نقاط سابقة كانت تشكل محل خلاف واضح، وهو ما يمهّد للاتفاق على التفاصيل المتعلقة بالأسرى وطريقة إعادتهم والأعداد التي سيُفرج عنها منهم.
وعلى الرغم من العدوان والحصار، تستمر المقاومة الفلسطينية بتكبيد الاحتلال الخسائر في شمالي قطاع غزة، حيث أفاد الإعلام الإسرائيلي إلى مقتل نحو 30 جندياً خلال المواجهات في منطقة جباليا التي من المفترض أن يتم إخضاعها بالكامل وفق «خطة الجنرالات» غير أنّ المقاومة هناك، لاتزال تلتحم مع قوات الاحتلال من مسافة صفر وتستنزف قواته.
ودخل شمال غزة شهره الثالث تحت الحصار والتجويع الإسرائيلي وسط قصف جوي ومدفعي عنيف يتركّز على جباليا وبيت لاهيا، وعزل كامل للمحافظة الشمالية عن قطاع غزة، الذي يتعرض أيضاً لقصف يومي بمختلف أنحائه.
وقالت «يديعوت أحرونوت» عن جباليا «يبلغ متوسط عدد القتلى الإسرائيليين جندياً واحداً كل يومين، بما في ذلك قائد اللواء 401».
وفي وقتٍ سابق، أكّدت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أنّ استمرار القتال في مخيم جباليا، شمال قطاع غزة، يظهر «مدى المبالغة في الادعاءات الإسرائيلية بشأن النصر على حماس».
إنسانياً، تواصل الولايات المتحدة سياسة التستر على الجرائم الإسرائيلية، مؤكدة رفضها التقرير الذي أصدرته منظمة العفو الدولية (أمنستي)، واتّهمت فيه إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة، معتبرة أنّ هذا الاتهام «لا أساس له». وذكرت «أمنستي»، في تقريرها أنها وجدت «أدلة وافية تثبت أن إسرائيل قد ارتكبت، ولا تزال، جريمة الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة». ومن شأن هذا التقرير أن يزيد الضغط الدولي على الحكومة الإسرائيلية لوقف عمليتها العسكرية المستمرة في قطاع غزة منذ نحو 14 شهراً، لا سيما في أعقاب إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرات اعتقال بحق نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
جبهات الإسناد
في لبنان وبينما تواصل إسرائيل الخروقات اليومية لاتفاق وقف إطلاق النار، مقابل رد تحذيري وحيد من المقاومة، اعتبر أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم أن «العدوان على سوريا ترعاه أميركا وإسرائيل». باستخدام الجماعات التكفيرية التي وصفها بأنها «أدوات لإسرائيل وأميركا»، مؤكدا أن الحزب سيكون «إلى جانب سوريا لإحباط هذا العدوان».
وتابع قائلاً: «نحن أمام مشروع توسعي إسرائيلي خطير، وأدعوكم إلى دعم المقاومة في مواجهة إسرائيل». وأضاف أن «الجماعات التكفيرية تريد نقل سوريا من الموقع المقاوم إلى موقع يخدم العدو الإسرائيلي»،
وجاء كلام قاسم ضمن خطاب متلفز بعنوان «وعد والتزام»، وخُصص أساساً لعملية إعادة الإعمار والإيواء، باعتبارها «جزءاً من تثبيت الانتصار»، معلناً عن آليات الدعم والوقوف إلى جانب الدولة يداً بيد في إعادة الإعمار، لافتا إلى أنّ الحزب يُعدّ مكوّناً أساسياً وسيادياً، ويسعى لإقامة الدولة بالتعاون مع الجميع.
وقال قاسم إن الحزب مرّ بأصعب مرحلة منذ نشأته، لكنه انتصر لأن «العدو لم يحقق أهدافه». كما تحدث عن مآلات اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل وتطرق إلى المعارك الجارية في سوريا.
واتهم أمين عام «حزب الله» دولة الاحتلال بارتكاب أكثر من 60 خرقاً، مشيراً إلى أن الحكومة اللبنانية مسؤولة عن متابعة ذلك.
وخلال الأسبوع الماضي استهدف الطيران الحربي الإسرائيلي، مدينة الخيام وسهلها أكثر من مرة، وأغار على سهل مرجعيون وعمد جنود العدوان إلى إطلاق نيران رشاشاتهم الثقيلة من الراس في اتجاه محيط مستشفى بنت جبيل الحكومي، وقصفوا قرى طلوسة ومركبا وبني حيان، وعمدوا إلى جرف للبيوت والاراضي في مركبا، وأغار طيران الاحتلال مرتين على منطقة تبنة في البيسارية. واستهدفت غارة مسيرة بلدة رب ثلاثين وأسفرت عن وقوع شهيد وجريحين.
وفي مواجهة مواصلة العدوان الإسرائيلي، عمدت المقاومة إلى قصف مزارع شبعا وتلال كفرشوبا المحتلة، متوعدة بالتصعيد، وهو ما دفع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى الطلب من وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي دون ديرمر «الخروج ببيان علني مفاده أن إسرائيل تحترم وقف إطلاق النار ولن تنسحب منه»، وفق «القناة 13»، التي ذكرت أن المسؤولين الإسرائيليين «أكّدوا للحكومة الأميركية التزام وقف إطلاق النار، وقال نتنياهو هذا بصوته في جلسة مجلس الوزراء». وفيما أكّد الموفد الأميركي عاموس هوكشتين أن «استمرار وقف إطلاق النار في لبنان يحتاج إلى ضبط النفس من كل الأطراف»، أبلغ وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو نظيره الإسرائيلي جدعون ساعر بـ«ضرورة التزام جميع الأطراف بالاتفاق».
وعلى جبهات الإسناد الأخرى، أكد قائد حركة «أنصار الله» اليمنية، السيد عبد الملك الحوثي، أن السفن الحربية والبوارج الأميركية تهرب من استهدافات القوات المسلحة اليمنية، بحيث «تذهب إلى جوار السفن الصينية والسفن الأخرى»، في ظل العملية الكبيرة الواسعة للقوات اليمنية في البحر.
وفي كلمة ألقاها الخميس الماضي، أشار السيد الحوثي إلى أن «وسائل الإعلام الصينية رصدت الأسلوب، الذي يتّبعه الأميركي، عندما يهرّب بوارجه أو سفنه، لتكون في إطار الاحتماء بالسفن الصينية».
ولفت إلى تنفيذ القوات المسلحة اليمنية عملية كبيرة وواسعة في البحر، استهدفت سفناً أميركيةً حربية، وعمليات أخرى مهمة، منها استهداف الاحتلال الإسرائيلي في يافا المحتلة ومطار «بن غوريون» وعسقلان المحتلة.
وبشأن اليمن والعراق، أكد السيد الحوثي أن هاتين الجبهتين المساندتين لقطاع غزة «تبذلان جهداً واضحاً، في ظل المستوى الرهيب من التخاذل، عربياً وإسلامياً».
وأشار إلى تنفيذ القوات المسلحة اليمنية والمقاومة الإسلامية في العراق ثلاث عمليات مشتركة ضدّ أهداف حيوية تابعة للاحتلال الإسرائيلي في شمالي فلسطين المحتلة وجنوبها خلال الأسبوع الماضي، مؤكداً أن العمليات المشتركة «سيكون لها صداها وأثرها المهم في العدو، الذي ينزعج (منها) جداً».
ولدى حديثه عن التطورات في سوريا، حذّر الحوثي من أن «الهدف مما يجري من فتح صراعات هو جعلنا ننسى قضيتنا الأساس»، أي القضية الفلسطينية، وأن «أي فتن وصراعات داخلية تخدم العدو الإسرائيلي»، موضحاً أنّ هذا ما تسعى له واشنطن.
محاكمة نتنياهو
على وقع الفضائح والتسريبات التي تلاحق أركان حكومته، وبعد أن كان مقرراً مثوله أمام محكمة في القدس المحتلة يوم الإثنين الماضي، تمكن نتنياهو من إقناع القضاء بتأجيل محاكمته مرة أخرى بذريعة المخاطر الأمنية التي تحيق به، لكن التأجيل لن يطول كثيراً هذه المرة، حيث يتعين على رئيس الوزراء الإسرائيلي المثول في العاشر من ديسمبر الجاري، أمام محكمة محصنة في تل أبيب للدفاع عن نفسه في اتهامات ضده بالرشوة والاحتيال وإساءة الأمانة.
وأفادت «يديعوت أحرونوت» أن جهاز المخابرات الإسرائيلية الداخلي (الشين بيت) أوصى بنقل جلسة مخصصة لإدلاء نتنياهو بشهادته من المحكمة المركزية في القدس إلى مكان تحت الأرض في تل أبيب لأسباب أمنية.
وقالت «القناة 12» إن المدة التي ستستغرقها جلسات الاستماع غير معروفة، وستحدد وفقا لاحتياجات الدفاع والادعاء، بيد أن التقديرات تشير إلى أنها قد تستغرق 20 يوماً، بواقع ثلاث جلسات أسبوعياً، فيما قد يصل طول الجلسة الواحدة إلى ست ساعات.
وكان نتنياهو قد طلب تأجيل المثول أمام المحكمة سابقاً، بدعوى انشغاله بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضده بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.
وفتحت قضايا الفساد ضد نتنياهو في يناير2020، وبدأت محاكمات بشأنها في مايو من العام نفسه. وبحسب الإعلام العبري المعارض، قد يلجأ نتنياهو إلى استغلال التطورات الإقليمية لتأجيل الجلسات أو تعطيلها، بذريعة الجبهات المستعرة في المنطقة، من غزة إلى لبنان وسوريا وصولاً إلى إيران.
Leave a Reply