التقرير العربي الأسبوعي
رغم الامتعاض الإسرائيلي المتزايد، تمضي المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة قدماً لتضفي نوعاً من التشاؤل حول إمكانية تهدئة سعير الشرق الأوسط ببؤره الملتهبة بين التوترات الطائفية المتنقلة في سوريا، وحرب الإبادة المستمرة بحق الفلسطينيين في غزة، واحتدام المواجهة بين الحوثيين في اليمن والأسطول الأميركي في البحرين الأحمر والعربي، ناهيك عن الحرائق القياسية التي داهمت قلب دولة الاحتلال المنقسمة على نفسها حيال استمرار حرب بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتشددة.
المفاوضات مستمرة
بعد ثلاث جولات إيجابية من مفاوضات الملف النووي الإيراني، أعلنت سلطنة عُمان، التي تتولى دور الوساطة بين واشنطن وطهران، تأجيل الجولة الرابعة من المحادثات النووية بين البلدين «لأسباب لوجستية»، بعدما كان من المقرّر إجراؤها يوم السبت في الثالث من أيار (مايو) الجاري.
وبينما أشار وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، عبر منصة «أكس» إلى أنه «سيتم الإعلان عن المواعيد الجديدة عند التوافق عليها»، أكد وزير الخارجية الإيراني عدنان عراقجي عزم بلاده على «التوصل إلى حلّ».
وقبل تأجيل جولة المحادثات الرابعة، كانت إيران قد نددت بقرار الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة عليها، معتبرةً ذلك «إرهاباً اقتصادياً». وذلك، بعد أن أعلنت واشنطن فرض عقوبات على سبع شركات «ضالعة في بيع النفط الإيراني»، مقر أربع منها في الإمارات العربية المتحدة والخامسة في تركيا.
يأتي ذلك في وقت يزداد فيه منسوب القلق بين المسؤولين الإسرائيليين، حيث أفادت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء الماضي، بأن المؤسسة الأمنية في البلاد قد أبلغت كبار الوزراء بأن الفرص باتت مرتفعة للتوصل إلى اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران.
وأوضحت أنه وفقاً للتقييم الأخير الذي أعدته المؤسسة الأمنية، فإن التوقعات تشير إلى احتمال كبير للتوصل إلى اتفاق بين الجانبين، وهو ما يتناقض مع التقييمات السابقة التي كانت تشير إلى صعوبة ذلك.
وفي ذات السياق، من المنتظر أن يعقد مجلس الوزراء الأمني السياسي المصغر اجتماعاً الأحد المقبل، لمناقشة التقييم الأخير والتباحث في احتمالية توقيع الاتفاق بين واشنطن وطهران.
وكان نتنياهو قد دعا إلى تفكيك البنية التحتية النووية لإيران بالكامل، على غرار الاتفاق الذي أبرمته ليبيا مع الغرب في عام 2003 وشهد تخليها عن برامجها النووية والكيميائية والبيولوجية والصاروخية.
وعقدت الولايات المتحدة وإيران حتى الآن 3 جولات من المحادثات غير المباشرة بوساطة عمانية بهدف التوصل إلى اتفاق يمنع طهران من الحصول على سلاح نووي، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية القوية التي فرضتها واشنطن عليها.
وكانت إسرائيل ولا تزال تفضّل اللجوء إلى خيار المواجهة العسكرية الشاملة بقيادة أميركية، لا بهدف إنهاء التهديد النووي فقط، بل وأيضاً الإطاحة بالنظام الإيراني ذاته -والذي ترى في استمرار وجوده مصدراً لأشكال التهديدات كافة التي تتعرّض له. لكن بما أن القرار الأميركي جاء لصالح المسار الدبلوماسي، لأسباب مرتبطة بالمعادلات الاستراتيجية وحساب الكلفة مقابل الفائدة، فقد اضطرت إسرائيل إلى الموافقة على هذا المسار، ولو بشرطية واضحة ومحدّدات تعكس مخاوفها، من دون أن يعني ذلك بالضرورة التزاماً كاملاً بنتائج الاتفاق المرتقب.
وخلال الأسبوع الماضي، شنّت إسرائيل حملة دبلوماسية وإعلامية مكثّفة، شاركت فيها شخصيات سياسية وعسكرية بارزة مثل نتنياهو، ووزيري الأمن، يسرائيل كاتس، والشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، الذي أُوكلت إليه مهمة التنسيق المباشر مع الإدارة الأميركية بشأن الملف الإيراني. وحملت تصريحات هؤلاء رسائل شبه موحّدة مفادها أن «أي اتفاق نووي مع إيران لا يمنعها تماماً من امتلاك السلاح النووي، هو اتفاق سيئ وخطير على أمن إسرائيل وعلى المنطقة»، وهو خطاب يشكّل جزءاً من إستراتيجية شاملة تعتمد على الضغط الدبلوماسي والتنسيق الاستخباري والتهديد الضمني بالعمل العسكري المنفرد، إذا لم تُلَبّ مطالب تل أبيب.
وعلى أي حال، فإن التصريحات المتزايدة من الجانب الإسرائيلي، بما فيها التعبير العلني عن الخطوط الحمر، تشير إلى وجود خلاف حقيقي بين الموقفين الأميركي والإسرائيلي حول طبيعة الاتفاق المرغوب فيه، في حين كشف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في محادثات مع الصحافيين، أن هناك تقدماً في الملف الإيراني قائلاً «أعتقد أننا سنحصل على اتفاق دون الحاجة إلى إسقاط القنابل هناك».
إبادة غزة
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي قصفها لمناطق متفرقة من القطاع، مرتكبة مجازر جديدة أودت بحياة عشرات الفلسطينيين يومياً على مدار الأسبوع الماضي. وفي ظل الأوضاع الإنسانية المتدهورة، حذّر برنامج الأغذية العالمي من بلوغ أزمة الجوع مرحلة خطيرة تنذر بوقوع وفيات نتيجة سوء التغذية.
بالتزامن مع ذلك، اعتبر نتنياهو أن استكمال الإبادة الجماعية في قطاع غزة أهم من استعادة الأسرى، وهو ما انتقدته عائلاتهم والمعارضة الداخلية المتنامية ضد الائتلاف اليميني الحاكم.
وانعقد «الكابينت» الإسرائيلي عدة مرات خلال الأسبوع المنصرم لاتخاذ قرارات بشأن توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة. حيث أفاد الإعلام العبري بأن إسرائيل تستعدّ لتوسيع العملية وتعبئة قوات الاحتياط بشكل كبير رغم الصعوبات الكبيرة التي يواجهها الجيش في استدعاء الاحتياط، مشيراً إلى أن هذا التوجّه يأتي «على خلفية تعثر مفاوضات صفقة الرهائن».
وعلى صعيد المفاوضات، نقلت «القناة 12» العبرية أن بعض الدول العربية طرحت أفكاراً، بينها وقف إطلاق النار لمدة خمس سنوات، لكن حكومة نتنياهو تصر على رفض أي اتفاق مع «حماس».
وفي هذا الإطار، قال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي إيال زامير، إنّ الجيش مستعد لتوجيه ضربة قاضية لحركة «حماس»، مشيراً إلى استعداد تل أبيب لزيادة وتيرة العمليات وشدّتها إذا تطلّب الأمر.
غير أنّ التصعيد الإسرائيلي في غزة يفرض على القوات الإسرائيلية مواجهة طويلة الأمد، وبالتالي، استنزافاً أوسع للقوى البشرية، مقابل التململ والغضب في صفوف جنود الاحتياط بسبب تمديد خدمتهم وتقليل إجازاتهم، وإصرار المتدينين الحريديم على رفض الخدمة ما يعمّق الانقسامات الاجتماعية والسياسية، ويؤثر سلباً على أي قرار مستقبلي باستمرار الحرب أو توسيعها.
ووفقاً للمعطيات الواردة من تل أبيب، شهدت الأسابيع الأخيرة انخفاضاً ملحوظاً في استجابة جنود الاحتياط لأوامر الاستدعاء؛ إذ أكد عدد منهم، بشكل علني، أنهم لن يعودوا إلى الخدمة في حال تم استدعاؤهم. ولعل من أبرز الأسباب التي ذكروها، الإرهاق الجسدي والنفسي، والناجم عن أشهر طويلة من القتال المتواصل، علماً أنّ عدداً من جنود الاحتياط خدموا أكثر من 500 يوم منذ بداية الحرب، ما جعلهم غير قادرين على تحمل المزيد من الضغوط. وإذ يدرك الجيش الإسرائيلي خطورة هذه الظاهرة، إلا أنه عاجز حتى اللحظة عن إيجاد حلول فعالة لها.
يأتي ذلك بينما يواجه أكثر من مليوني فلسطيني خطر الموت جوعا في غزة، وفي وقت يمنع فيه الاحتلال الإسرائيلي -من الحدود- دخول المواد الغذائية، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وقد أدى القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة إلى خروج المنشآت الصحية عن الخدمة، وقطع شريان الحياة عن الفلسطينيين.
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إن الفلسطينيين في قطاع غزة يموتون بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، بينما تنتظر الأدوية داخل شاحنات المساعدات على الحدود.
وأكد غيبريسوس أن الوضع في قطاع غزة بلغ مستوى كارثياً بسبب منع إسرائيل وصول المساعدات منذ شهرين.
نيران سوريا
مع استمرار عدوانها على غزة والضفة الغربية واعتداءاتها المستمرة على لبنان، لا تغفل إسرائيل عن سوريا، إذ جددت الأسبوع الماضي استعدادها «لحماية الدروز» في إطار أطماعها للتمدد في الداخل السوري، على وقع الاشتباكات الطائفية التي شهدتها منطقتا جرمانا وصحنايا في ريف دمشق، على خلفية تسجيل صوتي مسيء للنبي محمد.
ووسط مخاوف المراقبين من تكرار مشهد مجازر الساحل التي أسفرت عن مقتل آلاف العلويين على أساس طائفي، سارعت إسرائيل عبر وزير الحرب يسرائيل كاتس، إلى تهديد حكومة دمشق تحت شعار «حماية الدروز»، فيما دعا وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، المجتمع الدولي إلى «القيام بدوره في حماية الأقليات في سوريا، خاصة الدروز، من النظام وعصابات الإرهاب التابعة له، وألاّ يغض الطرف عن الأحداث الصعبة التي تحدث هناك مؤخراً».
وفي محاولة سريعة للملمة الموقف وسدّ ذرائع إسرائيل، تم التوصل مساء الخميس الماضي إلى اتفاق بين دمشق ووجهاء ومرجعيات دينية بارزة في محافظة السويداء، لقطع الطريق أمام المخططات الإسرائيلية،
وعقب اجتماع موسع في مقام عين الزمان بمدينة السويداء، اتفق الشيوخ والوجهاء على تسليم السلاح الثقيل في جرمانا بشكل كامل، مؤكدين تمسكهم بـ«سوريا الموحدة» ورفضهم المطلق أي محاولات لتقسيم الوطن أو إشعال الفتن الطائفية. وجاء البيان محملاً بإشارات تاريخية، في محاولة لتعزيز خطاب الوحدة وسط تحديات أمنية تعصف بمستقبل البلاد.
وأكدت مشيخة عقل الموحدين الدروز في سوريا «رفض التقسيم أو الانسلاخ أو الانفصال»، في رد واضح على عروض الحماية الإسرائيلية، مؤكدة حرصها «على وطن خال من الفتن والنعرات الطائفية».
وعقب يومين من الاشتباكات التي أسفرت عن مقتل نحو مئة شخص من المسلحين الدروز وقوات الأمن العام والفصائل التابعة لوزارة الدفاع السورية، وتخللتها غارة إسرائيلية على قوات دمشق، نقلت وكالة «سانا» أنّ الاتفاق ينص على «تسليم السلاح الفردي غير المرخص بعد فترة زمنية محددة، وحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة الرسمية»، بالإضافة إلى «انتشار قوات من وزارة الدفاع السورية على أطراف مدينة جرمانا لتأمينها».
وكانت محافظة السويداء بدورها، قد شهدت اشتباكات مسلحة عنيفة، خلّفت عشرات القتلى والجرحى والمفقودين. واندلعت الاشتباكات الأولى ظهر يوم الأربعاء الفائت في منطقة براق على طريق دمشق–السويداء، عندما تعرضت مجموعة من أهالي السويداء لكمين مسلح أثناء توجههم إلى بلدة صحنايا بريف دمشق، ما أدى إلى مقتل وإصابة عدد كبير منهم.
وفي إطار الاتفاق، رأت مشيخة العقل أنه «يجب تأمين طريق السويداء دمشق وهي مسؤولية الدولة» فيما دعا «الحزب التقدمي الاشتراكي» بزعامة وليد جنبلاط، الأطراف المعنية إلى الالتزام بالاتفاق لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.
وقال الحزب اللبناني الذي لعب دوراً لافتاً في اتفاق جرمانا إنه «نتيجة الاتصالات التي جرت مع الدولة السورية ومع أطراف أخرى، تمّ التوصّل إلى اتّفاق بين الإدارة السورية وأبناء جرمانا على ترتيبات سلمية تعالج الإشكالات الحاصلة وتنزع بذور الفتنة».
وسلّطت الأحداث التي عاشتها مدينة جرمانا، على أطراف العاصمة السورية دمشق، الضوء على هشاشة الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، أمام الفصائل المتشدّدة التي تعهّد بحلّها وبناء «دولة مواطنة»؛ إذ جاءت الهجمات التي شنّها مسلحون تحت شعارات طائفية، على المدينة ذات الغالبية الدرزية، استكمالاً للمشهد الدموي الذي رسمته مجازر الساحل، وما تبعها من انتهاكات ومجازر في حمص، التي لا تزال ترزح تحت وطأة العنف والخطف.
وفي ظل اهتزاز الثقة بين المكوّنات السورية، طالب المرجع الديني الدرزي في سوريا، حكمت الهجري، بـ«الحماية الدولية»، بينما حذرت دمشق من نتائج الدعوات إلى التدخّل الخارجي على وحدة البلاد.
وقال الهجري: «ما زلنا تحت وطأة فكر اللون الواحد والإقصاء، أو الفرض وعدم الاستماع إلى ما يجب أن يكون. فكما كان النظام البائد، الذي لا تزال مفاسده مخيّمة على الأداء الحالي، بل وأكثر عمقاً وفتنة في الوضع الراهن لما تأخذه من عناوين طائفية ممنهجة، وهذا ما نرفضه كسوريين، لأنه لا يخدم مصلحتنا العامة في بناء دولة القانون والمواطنة». وتساءل: «أين هو الأمن الذي وُعدنا به وسط استمرار التحريض الطائفي من دون محاسبة أو توجيه ولا إدانة من أحد؟».
وفي خطوة تؤكد عدم رضا تل أبيب على اتفاق جرمانا، أعلن نتنياهو فجر الجمعة المنصرم، عن مهاجمة هدف قرب القصر الرئاسي في العاصمة السورية، مجدداً تعهده بحماية أبناء الأقلية الدرزية.
واعتبر نتنياهو الغارة بأنها «رسالة واضحة للنظام السوري: لن نسمح للقوات (السورية) بالانتشار جنوب دمشق أو بتشكيل أي تهديد للدروز».
وكانت طائرة إسرائيلية قد قصفت الأربعاء الماضي ما ادعت إسرائيل أنها 3 “أهداف أمنية” داخل أشرفية صحنايا، بزعم «الدفاع» عن الدروز، وذلك ضمن محاولات إسرائيل استغلال المخاوف الدرزية لترسيخ انتهاكاتها للسيادة السورية.
جبهة اليمن
تصاعد الاشتباك اليمني الأميركي في البحرين الأحمر والعربي خلال الأسبوع الماضي، حيث اعترفت البحرية الأميركية بوقوع هجمات يمنية على قواتها البحرية، مؤكدة سقوط طائرة أميركية من طراز «F18» جراء هجوم شنّته «أنصار الله» على حاملة الطائرات «هاري ترومان» والسفن الحربية المرافقة لها شمال البحر الأحمر. ويتطابق هذا الاعتراف مع ما أعلنه المتحدّث باسم قوات صنعاء، العميد يحيى سريع، في بيان، عن تنفيذ عملية هجومية مشتركة ضد «ترومان»، وتأكيده نجاح الهجوم في تجاوز خطوط دفاع حاملة الطائرات وإجبارها على التراجع والابتعاد عن موقع تمركزها السابق إلى أقصى شمال البحر.
وقال مراقبون إن ذلك يؤشّر إلى أن صنعاء تمتلك معلومات عن نتائج العمليات البحرية التي تعلن تنفيذها بشكل شبه يومي منذ أكثر من شهر، فضلاً عن مواصلتها استهداف العمق الإسرائيلي بصواريخ باليستية ومسيّرات.
وعلى الرغم من حالة الاحتفاء الذي شهدتها صنعاء في أعقاب تأكيد سقوط الطائرة، حذّر مراقبون من أن يكون الاعتراف الأميركي مقدّمة لتنفيذ جرائم جديدة بحق المدنيين، ومحاولة لحرف أنظار الرأي العام الدولي عن المجزرة التي ارتكبها الطيران الأميركي بحق مركز الإيواء الخاص بالمهاجرين الأفارقة في مدينة صعدة، والتي أدّت إلى مقتل 68 شخصاً وجرح عدد آخر، بالإضافة إلى جرائم العدوان الأميركي في الأحياء السكنية في العاصمة. إلا أن ناشطين يمنيين اعتبروا الإقرار الأميركي نجاحاً للتكتيك اليمني، على الرغم من الفارق الكبير في القوة.
ومع استمرار الغارات الأميركية بشكل يومي على المدن والمحافظات اليمنية، أكدت شبكة «سي أن أن» ووسائل إعلام أميركية أخرى، ضراوة الاشتباك البحري الذي انخرطت فيه القوات اليمنية رداً على جرائم الطيران الأميركي بحق المدنيين في صعدة وصنعاء والحديدة. وسبق أن شنّت تلك القوات أكثر من 25 هجوماً على «ترومان» في شمال البحر الأحمر منذ بدء الجولة الجديدة من العدوان الأميركي، منتصف آذار الماضي، بهدف إحباط هجمات كانت ترتّب لها البحرية الأميركية.
في المقابل، زعمت «القيادة المركزية الأميركية» أنها تمكنت من «إضعاف وتيرة وفعالية هجمات الحوثيين»، مشيرة إلى أن «القوة الضاربة» نفّذت بواسطة حاملتي الطائرات «ترومان» و»كارل فينسون» 800 هجوم استهدفت فيها العديد من منشآت القيادة والسيطرة، وأنظمة الدفاع الجوي، ومرافق تصنيع الأسلحة المتقدّمة، ومواقع تخزين الأسلحة المتطورة، وصواريخ كروز مضادة للسفن، وأنظمة جوية غير مأهولة، وزوارق مُسيّرة.
وفي محاولة للتنصّل من المسؤولية عن الجرائم التي ارتكبتها واشنطن في اليمن وآخرها قصف مركز إيواء المهاجرين الأفارقة، قالت «القيادة المركزية» إن كلّ عملياتها العسكرية «تستند إلى معلومات استخباراتية مفصّلة وشاملة لضمان تأثيرها، مع تقليل المخاطر على المدنيين»، وذلك بعكس ما نقلته وسائل إعلام أميركية عن مصادر في «البنتاغون» بشأن اعتماد الهجمات الأميركية على معلومات من مصادر مفتوحة.
ويُنظر، في واشنطن، إلى نجاح «أنصار الله» في إسقاط 21 طائرة من طراز «أم كيو – 9» ذي المهام المتعددة، منذ أكتوبر 2023، على أنّه «تهديد جدّي» لسلاح الجو الأميركي المتفوّق في العالم، لا يفتأ يثير نقاشاً عميقاً في الدوائر الدفاعية والإعلامية الأميركية حول كيفية علاج الوضع الراهن، من دون أن يخلص هذا النقاش، حتى الآن، إلى أي علاج فعلي لـ«اللعنة اليمنية» التي تستمر في ملاحقة صنّاع السياسة الأميركيين.
Leave a Reply