ديترويت – كما كان متوقعاً، أسفرت انتخابات الثلاثاء الماضي في ولاية ميشيغن عن فوز كل من الرئيس جو بايدن وسلفه دونالد ترامب بالسباقين التمهيديين للرئاسة الأميركية عن الحزبين الديمقراطي والجمهوري على التوالي، ليصبحا أقرب من أي وقت مضى لمواجهة «الإعادة» المرتقبة بينهما في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
وعلى الرغم من الفوز الكاسح لبايدن في السباق الديمقراطي بحصوله على نحو 81 بالمئة من الأصوات (حوالي 624 ألف ناخب)، إلا أن أكثر من 101 ألف ناخب ديمقراطي (13.٢ بالمئة) صوتوا بخيار «غير ملتزم»، فيما حصلت كل من المرشحة المنسحبة ماريان ويليامسون على 3 بالمئة، وعضو الكونغرس عن ولاية مينيسوتا النائب دين فيليبس على 2.7 بالمئة.
وكان لافتاً أن إجمالي الأصوات التي حصدها بايدن كان أقل بكثير مما جمعه ترامب الذي بلغ رصيده حوالي 759 ألف صوت، وهو مؤشر مثير للقلق ضمن معسكر الرئيس الديمقراطي الذي يحتاج للفوز بولاية ميشيغن في انتخابات نوفمبر القادم للاحتفاظ بكرسي الرئاسة.
مؤشرات سلبية لكل من الرئيس الديمقراطي وسلفه الجمهوري
وكان بايدن قد فاز بولاية ميشيغن في سباق الرئاسة 2020 متفوقاً على ترامب بنحو 154 ألف صوت، غير أن حظوظه هذه المرة تبدو مهددة بقوة، في ظل تصاعد استياء الناخبين العرب والمسلمين من موقفه الداعم للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
وفي تعليقه على نتائج ميشيغن، حرص بايدن على شكر الناخبين مجدداً تحذيره من خطر عودة ترامب إلى البيت الأبيض، متفادياً الإشارة إلى الكمّ اللافت من الأصوات «غير الملتزمة» احتجاجاً على سياسة إدارته في غزة. وقال: «يهدد دونالد ترامب بجرنا إلى الأسوأ بينما يسعى للانتقام، الآن يريد دونالد ترامب حظر الإجهاض في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك هنا في ميشيغن».
من جانبها، اعتبرت شبكة «سي أن أن»، أن نتائج الانتخابات التمهيدية لكلا الحزبين بميشيغن تحمل «علامات إنذار» لبايدن وترامب قبل مواجهة نوفمبر المرتقبة.
وذكرت، أن فوز بايدن جاء مصحوباً بـ«تحذير» من التقدميين والناخبين الشباب والديمقراطيين العرب الأميركيين، والذي جاء في شكل تصويت احتجاجي، مفاده إما «تغيير المسار بشأن الحرب في غزة أو المخاطرة بخسارة جزء كبير من الدعم في الانتخابات العامة الحاسمة».
أما على الجانب الجمهوري، فقالت الشبكة إن ترامب «رغم فوزه فشل في إخفاء نقطة ضعف قد تكون ضارة»، مشيرة إلى أنه «مرة أخرى، خرج جزء كبير من الجمهوريين للتصويت ضده».
السباق الجمهوري
نال ترامب ما يزيد عن 68.1 بالمئة من أصوات الناخبين الجمهوريين في ميشيغن يوم الثلاثاء المنصرم، محققاً فوزاً مريحاً على منافسته الأخيرة نيكي هايلي التي حصلت على 26.6 بالمئة رغم إنفاقها لملايين الدولارات على حملات إعلانية رقمية وتلفزيونية هاجمت خلالها ترامب بشدة، واصفة إياه بأنه سيجلب الفوضى بسبب رغبته بالانتقام.
وحصلت السفيرة الأميركية السابقة لدى الأمم المتحدة على ما يقرب من 297 ألف صوت، أما بقية أصوات الناخبين الجمهوريين فذهبت لخيار «غير ملتزم» الذي حل ثالثاً بحوالي 33 ألف صوت (3 بالمئة)، فيما توزعت بقية الأصوات على خمسة مرشحين منسحبين من السباق، لكن أسماءهم ظلت مدرجة على بطاقة الاقتراع.
وبحسب المراقبين، باءت جهود هايلي بالفشل في ميشيغن، رغم حضورها شخصياً إلى الولاية في يوم الاقتراع. ومن شأن النتائج المخيبة للآمال أن تضاعف الضغط على هايلي للانسحاب من السباق بسبب عدم قدرتها على منافسة ترامب جدياً بعد خسارتها لجميع الجولات التمهيدية حتى الآن.
وجاء فوز ترامب في ولاية البحيرات العظمى بعد أيام فقط من فوزه على هايلي في ولايتها ساوث كارولاينا، ليتمكن من اجتياز آخر منافسة كبرى قبل جولة «الثلاثاء الكبير» التي ستشهد سباقات تمهيدية للحزبين في 15 ولاية وإقليماً أميركياً في الأسبوع المقبل. وكان ترامب قد تفوق على جميع منافسيه في الولايات التي أجريت فيها الانتخابات التمهيدية حتى الآن، والتي شملت آيوا ونيو هامبشر ونيفادا وساوث كارولاينا وميشيغن. إلا أن ذلك لن يثني بعد، هايلي عن مواصلة السباق.
وتصر هايلي على أنها ستواصل حملتها حتى «الثلاثاء الكبير» على الأقل، مستندة إلى تمويل سخي من خصوم ترامب بمن فيهم كبار المانحين التقليديين للحزب الجمهوري.
وفي السياق، قالت المتحدثة باسم هيلي، في بيان: «أظهرت نتائج يوم الثلاثاء في ميشيغن أن جزءاً كبيراً من الحزب الجمهوري لا يريد ترامب مرشحاً، له بعد أن حصلت على أكثر من ربع الأصوات.
وأضافت: «خسر جو بايدن حوالي 20 بالمئة من أصوات الديمقراطيين اليوم، وقال الكثيرون إنها علامة على ضعفه في نوفمبر. أما دونالد ترامب فقد خسر حوالي 35 بالمئة من الأصوات. ما يعني علامة تحذير بارزة لترامب في نوفمبر».
في المقابل، قال الرئيس الجديد للحزب الجمهوري في ميشيغن، بيت هوكسترا، في حفل مراقبة نتائج الانتخابات ليلة الثلاثاء الماضي في غراند رابيدز: «لقد حصلنا على مرشحنا»، في إشارة إلى فوز ترامب.
وشارك ترامب في التجمع عبر اتصال هاتفي قال فيه: «أنا فخور جداً بالنتائج لأنها أعظم بكثير مما توقعنا».
الثلاثاء الكبير
في الخامس من آذار (مارس) الجاري، سيصوت الناخبون في 15 ولاية وإقليماً أميركياً ضمن الانتخابات التمهيدية الرئاسية مما سيحسم تقريباً نصف عدد أصوات المندوبين الذين سيشاركون في مؤتمري الحزبين الصيف القادم.
وإذا فاز كل من ترامب وبايدن بسباقات «الثلاثاء الكبير»، كما هو متوقع، فسيقتربان من العدد المطلوب لضمان ترشيح حزبيهما، الذي من المرجح أن يحسم بحلول جولة 19 مارس.
ويعتبر الخامس من مارس هو التاريخ الأكثر أهمية في تقويم الحملة الانتخابية، مع تصويت ولايات ألاباما، ألاسكا، أركنسو، كاليفورنيا، كولورادو، ماين، ماساتشوستس، مينيسوتا، نورث كارولاينا، أوكلاهوما، تينيسي، تكساس، يوتا، فيرمونت، فرجينيا، إلى جانب إقليم ساموا الأميركي.
ويحتاج المرشح الجمهوري إلى الفوز بـ1,215 مندوباً، أي أكثر من نصف المندوبين المتاحين البالغ عددهم 2,429 مندوباً، للفوز بالترشيح الرسمي في مؤتمر الحزب المقرر في مدينة ميلواكي بين 15 و18 تموز (يوليو) القادم.
وتقدر حملة ترامب أنه سيكون لديه العدد الكافي من المندوبين، بحلول 19 مارس، عندما تصوت أريزونا وفلوريدا وإيلينوي وكانساس وأوهايو، حسبما قال مسؤول كبير في الحملة لـ«رويترز»، متوقعا أن يحصل على إجمالي 1,478 مندوباً بحلول ذلك الوقت.
وباستثناء حصول مفاجأة، مثل مشكلة صحية، أو حدث قانوني، يبدو أن ترامب يتجه بسرعة نحو ضمان ترشيح الحزب الجمهوري، وكذلك الأمر بالنسبة للرئيس بايدن رغم تشكيك الكثيرين بقدرته الصحية على متابعة مهام الرئاسة لأربع سنوات أخرى.
وبما أن المنافسة الديمقراطية تبدو محسومة إلى حد كبير، فلا زال بايدن هو مرشح حزبه على الرغم من المخاوف بشأن عمره المتقدم وضعف أدائه في استطلاعات الرأي.
وسيعقد الديمقراطيون مؤتمرهم الوطني لإعلان مرشحهم الرسمي في شيكاغو بين 19 و22 آب (أغسطس) القادم. وبموجب انتخابات ميشيغن التي منحته 115 مندوباً من أصل 117، رفع بايدن رصيده من المندوبين إلى 206، علماً بأنه يحتاج إلى 1,968 مندوباً لحسم ترشحه في مؤتمر الحزب.
أما على الجانب الجمهوري فحصل ترامب على 12 مندوباً عن ميشيغن مقابل أربعة لمنافسته هايلي، في حين سيتم انتخاب 39 مندوباً إضافياً في مؤتمر الحزب بديترويت يوم السبت 2 مارس.
وبذلك وصل رصيد ترامب إلى 122 مندوباً منذ بدء السباق، مقابل 24 لهايلي وتسعة لحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس المنسحب من السباق، وثلاثة لرجل الأعمال الهندي الأصل فيفيك راماسوامي الذي انسحب من السباق أيضاً، وكلاهما أعلن عن تأييده لترشيح ترامب.
Leave a Reply