لم تهدأ ثائرة كليرك ديربورن، جورج ديراني، منذ مرّر مجلس المدينة في 22 آذار (مارس) الماضي –بالإجماع– قراراً يقضي بترجمة كافة المواد الانتخابية إلى اللغات الأجنبية التي يتحدث بها ما لا يقل عن عشرة آلاف نسمة أو 5 بالمئة من سكان المدينة التي يقدر عدد سكانها حالياً بنحو 108 آلاف نسمة.
وعلى الرغم من أن القرار الجديد دعا إلى البدء فوراً بتنفيذ الترجمة المستحقة، ألا وهي الترجمة إلى اللغة العربية، قبل حلول الانتخابات التمهيدية في آب (أغسطس) المقبل، إلا أن ديراني فضّل عدم الشروع بالتحضيرات اللوجستية التي يمليها المرسوم الجديد، وسعى –بدلاً من ذلك– إلى الاستعانة بكليرك مقاطعة وين، كاثي غاريت، لتعطيل القرار، مبدياً عناداً غير مفهوم في معارضة تعريب العملية الانتخابية في المدينة التي يشكل العرب فيها حوالي نصف السكان.
وعلى شاكلة ديراني، لم تخفِ غاريت اندفاعها في معارضة القرار الذي يعزز إمكانيات الوصول إلى الناخبين العرب في مدينة ديربورن، متجاهلة أن مكتبها كان قد شارك –في وقت سابق– في ترجمة أوراق الاقتراع إلى اللغة البنغالية في مدينة هامترامك، بغية تعزيز الديمقراطية وإشراك أكبر عدد من السكان في العملية الانتخابية.
دخول غاريت على الخط زاد الطين بلّة، خاصة بعدما باءت بالفشل محاولتها في تأليب سكرتيرة ميشيغن جوسلين بنسون ضد قرار الترجمة آنف الذكر، متذرعة بأن العربية ليست مشمولة ضمن لغات الأقليات التي يلحظها «قانون حقوق التصويت» الفدرالي.
ولحسن الحظ، لم تقتنع بنسون –التي تعتبر أرفع مسؤول انتخابي في ولاية ميشيغن– بملاحظات غاريت، إذ أكدت سكرتيرة الولاية بأن قوانين الانتخابات المحلية والفدرالية لا تمنع السلطات من ترجمة أوراق الاقتراع إلى اللغات غير المشمولة بـ«قانون حقوق التصويت»، حتى لو كانت نسبة المتحدثين بها أقل من 5 بالمئة من السكان، فما بالك إذا كانت نسبة المتحدثين باللغة المستهدفة تزيد عن 47 بالمئة من سكان المدينة.
ونتيجة لموقف بنسون، سارع كل من ديراني وغاريت إلى اعتماد تكتيك جديد لا يتورع عن ذر الرماد في العيون، فبعد أن كان ديراني يتحجج بضيق الوقت وزيادة النفقات المالية، بدأ بالمطالبة بتوظيف موظفين إضافيين، وزيادة رواتب العاملين في مكتبه، فضلاً عن العديد من القضايا الجانبية الأخرى.
وكان الأحرى بديراني أن يشمّر عن ساعديه ويباشر في تنفيذ ما أجمع عليه الأعضاء المنتخبون في اجتماع المجلس البلدي في 22 مارس، لكنه لم يفعل.
وأما غاريت فقد تجشمت عناء القدوم إلى ديربورن وقضت ثلاث ساعات بين الجمهور لكي تدلي بدلوها في فقرة التعليقات العمومية، في محاولة مستميتة لإقناع المجلس بالرجوع عن القرار أو تأجيل تنفيذه لعدة شهور على الأقل.
معارضة غاريت لم تتوقف عند انتقاد تأييد بنسون لقرار ترجمة المواد الانتخابية، بل تعدته إلى تقريع سكرتيرة الولاية لمجيئها إلى ديربورن وحضور جلسة المجلس البلدي دون الاتصال بها والتنسيق معها حول الزيارة، مع العلم بأن السكرتيرة غير ملزمة قانونياً أو أدبياً بذلك.
وفي رسالتها إلى بنسون، سعت غاريت إلى إقناع السكرتيرة بأن عملية الترجمة معقدة للغاية، وأن تنفيذها يستغرق وقتاً طويلا، منوهة بأن بلدية ديربورن ليست لديها السلطة لكي تتصرف على النحو الذي تصرفت به دون العودة إلى مكتبها.
ولكن بنسون أصرت على دعم قرار بلدية ديربورن، موضحة بأن الحكومة المحلية لديها السلطة لإقرار وتنفيذ السياسات الرامية إلى تسهيل عملية الاقتراع. وطالبت غاريت بتقديم المساعدة في تنفيذ عمليات الترجمة، لاسيما وأن مكتب الأخيرة كان قد شارك –سابقاً– في ترجمة المواد الانتخابية إلى اللغة البنغالية في مدينة هامترامك.
للأسف، لم تلقَ كلمات بنسون آذاناً صاغية لدى غاريت التي قررت حضور الاجتماع الأخير لمجلس ديربورن البلدي في 12 نيسان (أبريل) الجاري، والمشاركة بمداخلة كررت فيها الادعاءات نفسها، مطالبة مجلس المدينة بتأجيل الترجمة إلى ما بعد الانتخابات العامة في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم، أو إلى ما بعد انتخابات أغسطس التمهيدية على أقل تقدير.
أما وقد استعرضنا ما حدث خلال الفترة السابقة، فإننا لنشعر بخيبة أمل كبيرة لرؤية غاريت وهي تنضم إلى ديراني في معارضة القرار والاستماتة في عرقلة تنفيذه، مع أننا كنا نتوقع موقفاً أفضل من مسؤولة عرفت بصداقتها المتينة مع مجتمعنا العربي منذ انتخابها في منصب الكليرك، قبل حوالي 20 عاماً.
كنا نتوقع منها كمسؤولة ديمقراطية أن تتفهم كفاح الأقليات والمجتمعات العرقية لتعميق المشاركة المدنية والسياسية، خاصة فيما يتعلق الأمر بإدماج الأقليات ومجتمعات المهاجرين، في الوقت الذي تزداد فيه جهود قمع الناخبين في جميع أنحاء البلاد.
إننا لا نذيع سراً إذا قلنا إننا فوجئنا وصدمنا بمحاولات غاريت وهي تقوم بتحريف العديد من الحقائق والوقائع خلال اجتماع مجلس البلدية الأخير، بهدف إرباك الجمهور وتخويف أعضاء المجلس، من أجل دعم موقفها المتلهف لتأخير تنفيذ قرار الترجمة أو العودة عنه،.
ما يؤلمنا –حقاً– هو محاولة كل من ديراني وغاريت التلطي خلف «قانون حقوق التصويت» الذي يستثني العربية من اللغات المشمولة، في الوقت الذي كنا نتوقع منهما أن يباشرا العمل على إنشاء عملية مبسطة لترجمة أوراق الاقتراع بحيث تشكل نموذجاً يحتذى به في المدن الأخرى.
غاريت تحاول –أيضاً– تبرير معارضتها للقرار بالادعاء أن ترجمة أوراق الاقتراع تتطلب إجراء مفاوضات مع الشركات المزودة لأنظمة التصويت، على الرغم من أن العقد الحالي يضمن إطاراً يسمح بإضافة لغات أخرى غير الإنكليزية عند الطلب.
والمفارقة أن كليرك مقاطعة وين –في جوابها على سؤال العضو مصطفى حمود عن ترجمة المواد الانتخابية في هامترامك– حاولت إيهام أعضاء المجلس بأن أوراق الاقتراع المترجمة إلى البنغالية لم تكن أوراقاً رسمية، وإنما كانت مجرد نماذج إرشادية، وعندما أكد حمود بأن بطاقات الاقتراع كانت «حقيقية» وتم إيداعها في ماكينات التصويت، ارتبكت غاريت، وسارعت في الابتعاد عن المنصة، من دون جواب.
ومع أننا ما زلنا لا نفهم الأسباب الحقيقية وراء تمسك ديراني وغاريت بمعارضة ترجمة المواد الانتخابية إلى اللغة العربية، إلا أننا ندعوهما إلى توفير جهودهما الرامية إلى التعطيل أو التأخير أو إحباط القرار، والمبادرة فوراً إلى البدء بعملية الترجمة حتى تكون المواد الانتخابية جاهزة بحلول انتخابات أغسطس المقبلة، عملاً بنص القرار.
إن مطالبتنا هذه نابعة من إيماننا بأنه عندما يعمل المسؤولون المنتخبون وأصحاب المصلحة بحسن نية، فسوف تدخل ديربورن تاريخ ولاية ميشيغن كأول مدينة تصوّت باللغة العربية، وهو إنجاز لطالما راود أحلامنا هنا، في عاصمة العرب الأميركيين.
ومن هذا المنطلق، نطالب كليرك ديربورن جورج ديراني وكليرك مقاطعة وين كاثي غاريت بالتوقف عن المماطلة وإضاعة الوقت وهدر الجهود.. والبدء في تنفيذ ما لا مفر منه، ألا وهو ترجمة جميع المواد الانتخابية إلى اللغة العربية!
«صدى الوطن»
Leave a Reply