على خلاف عادتها في المواسم الانتخابية المتعاقبة منذ ثمانينيات القرن الماضي، قررت «صدى الوطن» عدم دعم أي من المرشحين في الانتخابات التمهيدية لبلدية ديربورن هذا العام، مكتفية بدعم كلٍّ من بيل بزي للاحتفاظ برئاسة بلدية ديربورن هايتس، وبيل وايلد لرئاسة بلدية وستلاند، إضافة إلى تأييدها لمقترح انتخابي بتعديل ميثاق مدينة ديربورن.
وكانت زحمة المرشحين العرب المؤهلين للمناصب الرسمية في المدن ذات الكثافة العربية مثل ديربورن وهامترامك، قد دفعت كلاً من «صدى الوطن» و«اللجنة العربية الأميركية للعمل السياسي» (أيباك) إلى التريث في دعم مرشحين معينين على حساب آخرين، ريثما ينجلي مشهد الجولة التمهيدية التي ستسفر عن تأهل أقوى المتنافسين إلى الانتخابات التي ستقام في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.
ففي ديربورن يخوض ثلاثة مرشحين عرب من أصحاب الكفاءات، سباق رئاسة البلدية، من أصل سبعة متنافسين على المنصب. وفي هامترامك يتنافس مرشحان عربيان من أصل أربعة على رئاسة البلدية، أما في ديربورن هايتس فيخوض رئيس البلدية الحالي، العربي الأميركي بيل بزي، معركة الاحتفاظ بمنصبه بمواجهة مرشحين آخرين، مما سهل على «صدى الوطن» و«أيباك»، مهمة الانخراط المبكر في انتخابات المدينة التي تشهد توسعاً عربياً مضطرداً منذ حوالي عقدين من الزمن.
الأمر نفسه ينطبق على سباقات المجالس البلدية في المدن الثلاث، حيث ساهمت زحمة المرشحين العرب في ديربورن بدفع «صدى الوطن» و«أيباك» إلى التريث في دعم مرشحين على حساب آخرين، على عكس ديربورن هايتس، حيث قررت الصحيفة تبني قرار اللجنة السياسية بدعم كل من مو بيضون وحسن أحمد وروبرت كونستان لعضوية المجلس البلدي.
أما إحجام الصحيفة عن دعم أي من المرشحين في انتخابات بلدية ديربورن، فنابع من حقيقة أن المنافسة بين المرشحين العرب هي الأكثر احتداماً، وإن نظرة سريعة على نفقات حملاتهم الانتخابية، لاسيما في سباق رئاسة البلدية، تدل بوضوح على ذلك، وعليه فقد قررت «صدى الوطن» اتخاذ موقف الحياد، وإفساح المجال أمام ناخبي ديربورن لكي يقولوا كلمتهم في هذا السباق.
والجدير بالذكر أنه في ديربورن يخوض سباق المجلس البلدي 13 مرشحاً عربياً من أصل 18، بينما يخوض سباق مجلس ديربورن هايتس البلدي ثلاثة مرشحين عرب من أصل ستة، في حين يتنافس على عضوية مجلس هامترامك البلدي مرشحان عربيان من أصل ثمانية، بينهم خمسة مسلمون.
أما تصميم الصحيفة على دعم بيل بزي، فلا يتأتى من كونه أول عربي وأول مسلم يتم تعيينه رئيساً لبلدية المدينة التي يزداد فيها الحضور العربي سكنياً وتجارياً وسياسياً، وإنما يتأتى من حقيقة أن بزي أثبت جدارة فائقة في التعامل مع الأزمات المستدامة والطارئة منذ توليه رئاسة البلدية، وفي مقدمتها أزمة الفيضانات الكارثية التي تسببت بأضرار بالغة لآلاف السكان، أواخر حزيران (يونيو) الماضي.
وكانت «صدى الوطن» قد رصدت سخط واستياء شرائح واسعة من الديربورنيين، لاسيما من سكان شرق ديربورن، من أداء الحكومة المحلية خلال كارثة الفيضانات الأخيرة، والتي حملوها مسؤولية فشل شبكة الصرف الصحي وتصريف المياه، داعين إلى عدم التصويت لإعادة انتخاب المسؤولين الحاليين.
وإننا إذ نقرّ على حقّ الناخبين في اختيار ممثليهم، إلا الأمانة تدعونا إلى توضيح بعض الحقائق التي من شأنها إخلاء المسؤولية عن بلدية ديربورن ومجلسها البلدي. ولا نحتاج –في هذا السياق- إلى أدلة استثنائية لكي نثبت بأن الفيضانات لم تنجم عن تقادم البنى التحتية ومحدودية طاقتها الاستيعابية وحسب، وإنما بسبب الغزارة غير المسبوقة لأمطار العواصف، وهو أمر لا يمكن تجنبه إذا فاقت كميات الأمطار المعدلات الطبيعية.
كما أن الإحباط الذي أصابنا من جراء الأضرار التي لحقت بسكان المدينة، وكان لـ«صدى الوطن» نصيب منه، يجب ألا يدفعنا إلى نكران الجهود الكثيفة التي بذلتها البلدية لإزالة المخلفات والأنقاض، ضمن مهلة قياسية لم تتعدّ الأسبوعين.
وفي مدينة أخرى تشهد نمواً سكانياً وتجارياً متزايداً للعرب الأميركيين، قررت «صدى الوطن» دعم إعادة انتخاب رئيس بلدية وستلاند الحالي، بيل وايلد، الذي يتمتع بعلاقات وطيدة بين المجتمع العربي الأميركي في المنطقة، وقد ساهم منذ توليه المنصب عام 2007 باستقطاب أبناء الجالية وتشجيعهم على السكن والعمل في المدينة التي تواصل ازدهارها تحت قيادته.
وبالعودة إلى ديربورن، تكتفي «صدى الوطن» بحثّ ناخبي المدينة على التصويت بـ«نعم» على «المقترح أي» الذي ينص على مراجعة وتعديل ميثاق ديربورن (دستور البلدية)، الذي تم تحديثه آخر مرة عام 2007. وفي حال تبني أغلبية الناخبين للمقترح سيتم انتخاب لجنة خاصة في انتخابات نوفمبر القادم لتولي مهمة مراجعة الميثاق وتقديم التعديلات المقترحة، التي ستُعرض لاحقاً على الناخبين في استفتاء عام يجرى في السنة القادمة.
كذلك تتضمن قائمة الاقتراع في ديربورن، «المقترح بي» الذي ينص على تجديد ضريبة الملكية العقارية المخصصة لتمويل المكتبات العامة في المدينة. لكن على الرغم من تثمين «صدى الوطن» لأهمية المكتبات العامة في المجتمعات الحية، إلا أنها آثرت عدم دعم المقترح نظراً لسخط السكان المتزايد حيال الضرائب الباهظة في ديربورن، والتي تدفع الكثيرين إلى مغادرة المدينة.
في الختام، نحن ندرك بأن الانتخابات التمهيدية قد لا تحظى بالاهتمام نفسه الذي يوليه الناخبون للانتخابات العامة، إلا أنها –في بعض الأحيان– تكون حاسمة ومفصلية، لدرجة تبدو معها الانتخابات العامة تحصيل حاصل!
وما من شك في أنه أمام المدن الثلاث ذات الكثافة العربية، ديربورن وديربورن هايتس وهامترامك، استحقاقات انتخابية قد تؤدي إلى تعزيز الحضور العربي في مواقع الحكم والمسؤولية، وما من شك أيضاً في أن الناخبين وحدهم هم الذين سيقررون ذلك!
«صدى الوطن»
Leave a Reply