ديربورن
وافقت وزارة الأمن الداخلي الأميركية، على استحداث منصب «مسؤول ارتباط» لدى مكتب وكالة الجمارك والحدود CBP في ديترويت لبناء الثقة بين الوكالة الأمنية وبين الجاليات العربية والإسلامية في ولاية ميشيغن ومعالجة شكاوى المسافرين عبر المطارات والمنافذ الحدودية.
ويأتي استحداث المنصب الجديد كأحد النتائج المثمرة لزيارة وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس إلى مدينة ديربورن أواسط آذار (مارس) الماضي، للبحث في سبل إنهاء معاناة العرب والمسلمين الأميركيين الذين يتعرضون للتفتيش المهين والمضايقات العدوانية في المطارات والمنافذ الحدودية في الولايات المتحدة، نتيجة إدارج الكثيرين منهم على لائحتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران» من دون إبداء المبررات، فضلاً عن غياب الآليات لإزالة الأفراد المدرجة أسماؤهم بشكل تعسفي على اللائحتين آنفتي الذكر.
وعلى مدار السنوات المنصرمة، عمل قادة من المجتمع المحلي مع السناتور الديمقراطي عن ولاية ميشيغن في مجلس الشيوخ الأميركي غاري بيترز، لوضع حدّ لسياسات التمييز ضد المسافرين العرب والمسلمين من قبل بعض الوكالات الأمنية في منطقة ديترويت، مثل «إدارة أمن النقل» TSA و«وكالة الجمارك وحماية الحدود» CBP.
وتضمّنت جهود بيترز دعوة «مكتب مساءلة الحكومة الأميركية» GAO إلى إنهاء سياسات التمييز ضد المسافرين عام 2020، إضافة إلى استقباله لوفد عربي أميركي من منطقة ديترويت في العاصمة واشنطن عام 2019، وترتيب اجتماعات مع مسؤولين فدراليين رفيعين لمناقشة سبل تطويق الآثار المترتبة على الاستخدام التعسفي لقائمتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران» من قبل الوكالات الأمنية الفدرالية.
وعلى مرّ السنوات الماضية، التقى قادة محليون ونشطاء حقوقيون ومدنيون بأربعة وزراء للأمن الداخلي، لكن الجهود لم تسفر عن أي تحرك فدرالي ملموس لمعالجة شكاوى التضييق على المسافرين العرب والمسلمين.
مايوركاس في ديربورن
آخر جهود بيترز تمخضت عن ترتيب زيارة لوزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس لمدينة ديربورن في 18 مارس المنصرم، حيث التقى بالعديد من القادة والمسؤولين المنتخبين، بينهم رئيس بلدية ديربورن عبدالله حمود ورئيس بلدية ديربورن هايتس بيل بزي، بالإضافة إلى بيترز وعضو الكونغرس الأميركي عن مدينة ديربورن ديبي دينغل ونشطاء مدنيين وحقوقيين.
وخلال الاجتماع الذي عُقد في مقر بلدية ديربورن، تعهد مايوركاس بـ«العمل السريع» على معالجة مشاكل المسافرين العرب والمسلمين في منطقة ديترويت، من خلال تعيين «مسؤول ارتباط» للعمل كوسيط بين المجتمعات المستهدفة والسلطات الفدرالية، بحيث «يكون متاحاً لمناقشة وحل الشكاوى المتعلقة بالسفر الجوي وعبور الحدود».
ولم يتأخر مايوركاس عن الوفاء بوعوده، حيث سارع نائب مفوض CBP تروي ميللر، الأربعاء الماضي، إلى عقد اجتماع افتراضي مع السناتور غاري بيترز ورئيس بلدية ديربورن، لمناقشة مواصفات ومهام المنصب الجديد الذي سيُناط به العمل كـ«حلقة وصل» بين الجاليات العربية والمسلمة في ميشيغن، وبين مسؤولي الوكالة في ديترويت والعاصمة واشنطن.
وفي أعقاب الاجتماع، بادر بيترز إلى الاتصال بناشر «صدى الوطن»، الزميل أسامة السبلاني، لتأكيد قرار استحداث المنصب. وأشار السناتور الديمقراطي إلى أن قادة المجتمع المحلي واصلوا على الدوام إبداء مخاوف جدية من إجراءات التفتيش وفحص السفر، منوهاً بأن الدور الجديد لـ«مسؤول الارتباط» سيتركز على معالجة المخاوف المتعلقة بقضايا الحقوق المدنية والدستورية.
ووصف بيترز، استحداث المنصب الجديد بأنه «خطوة مفتاحية» للتأكد من أن وزراة الأمن الداخلي والوكالات التابعة لها «تخدم جميع مجتمعاتنا بشكل فعال».
إشادات
من جانبه، أعرب السبلاني عن سعادته من مخرجات لقاء وزير الأمن الداخلي مع القيادات والمسؤولين المحليين، لافتاً إلى أن الوزير مايوركاس والسناتور بيترز التزما بالوعود التي قطعاها لحل «المعضلة الشائكة التي طال أمدها في مجتمعنا»، في إشارة إلى سوء معاملة المسافرين العرب والمسلمين في المطارات والمنافذ الحدودية.
وقال السبلاني: «لقد وفى مايوركاس بوعده بالفعل».
وكان السبلاني قد أخبر مايوركاس، خلال الاجتماع في مقر بلدية ديربورن، بأن أربعة وزراء داخلية التقوا مع الفعاليات العربية والمسلمة لإيجاد حل للمضايقات التي يتعرض لها المسافرون العرب والمسلمون في المطارات وعند المنافذ الحدودية، موضحاً بأن تلك اللقاءات «لم تسفر عن أية نتائج ملموسة».
وكان السبلاني قد شكّل، عام 2019، وفداً ضم قيادات عربية أميركية في منطقة ديترويت، وناشطين مجتمعيين وقادة حقوقيين، للاجتماع بمسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في العاصمة واشنطن، لمنع الاستخدام التعسفي لقائمتي «مراقبة الإرهاب» و«حظر الطيران».
وبحسب المعلومات المتوفرة، تضم «قائمة مراقبة الإرهاب» حوالي 1.2 مليون شخص تم إدراج أسمائهم فيها استناداً إلى معايير غامضة، مع غياب أي إجراءات رسمية متاحة يمكن للأفراد من خلالها إزالة إسمائهم منها، حتى في حال تم إدراجهم خطأ أو عسفاً.
وكانت الحكومة الفدرالية قد دأبت لسنوات عديدة على إنكار وجود القائمة، إلى أن أقر مسؤولون في وزارة الأمن الداخلي بوجودها فعلاً، بعدما نشرت وكالة «أسوشتيد برس» تقريراً حول مشاركة الوكالات الفدرالية لـ«قائمة مراقبة الإرهاب» مع أكثر من 1,440 جهة غير حكومية.
وتعليقاً على وفاء مايوركاس بوعوده، قال السبلاني: «في السابق كان المسؤولون يطالبوننا بالاستمرار في الشكوى، أما مايوركاس فقد وعدنا بأنه سيفعل شيئاً حيال المسألة، وقد فعل!».
في السياق، أكد رئيس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ACRL، ناصر بيضون، بأن المنصب الجديد يمثل خطوة مهمة إلى الأمام، منوهاً بأنه «يفضل الانتظار لرؤية التفاصيل».
وفي حديث مع «صدى الوطن»، أشاد بيضون بمتابعة مايوركاس للمقترحات التي قدمها القادة المحليون خلال اجتماعهم بمقر بلدية ديربورن، وقال: «مع ذلك فنحن بحاجة إلى معرفة دور هذا الشخص، وكيف سيفيد المجتمع»، مضيفاً: «نريد أن نعرف أيضاً كيف سيتم حل المشاكل والشكاوى التي يتقدم بها أفراد مجتمعنا».
بيضون، وهو –أيضاً– الرئيس المشارك لمنتدى «بريدجز»، اعتبر قرار الوزير «بداية جيدة»، قائلاً: «هذا التقدم الذي أحرزناه من خلال اللقاء بمايوركاس يتميز عن كل ما حققناه من لقاءاتنا السابقة مع أربعة وزراء سابقين في وزارة الأمن الداخلي».
وكان منتدى «بريدجز» (جسور) –وهو اختصار للعبارة الإنكليزية: «بناء الاحترام مع المجموعات المتنوعة لتعزيز الحساسية»، قد تأسس بمنطقة ديترويت في أعقاب هجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001، في مسعى من الوكالات الفدرالية وقادة المجتمع المحلي في منطقة ديترويت لاحتواء ردود الفعل السلبية ضد الجاليات الإسلامية والشرق أوسطية وإيجاد قناة للتواصل الدوري بين الطرفين. ويرأس المنتدى رئيسان مشاركان، أحدهما من الجانب الحكومي، والآخر عن الجانب المدني الممثل للمجتمعات العربية والإسلامية الأميركية في المنطقة.
بدوره، أشار مساعد المدعي العام الفدرالي السابق، المحامي عبد حمود، إلى أهمية استحداث المنصب الجديد كـ«خطوة أولى، مفعمة بالأمل، لتحسين ظروف السفر للمسافرين العرب والمسلمين»، على حد تعبيره.
وأضاف حمود: «في كثير من الأحيان، لا يكون لديك مسؤولون في الحكومة، أو سياسيون، يقطعون الوعود ثم يوفون بها»، منوهاً بأن «ما حصل هو أمر رائع حقاً».
وأوضح بأن «التواصل الجيد» هو الخطوة الأولى لحل أية مشكلة، وقال إن المنصب الجديد يوفر آلية لإيصال الشكاوى والعمل على معالجتها.
وختم حمود بالقول: «نأمل أن تتحسن أمور مسافرينا على الحدود، ومع وكالات إنفاذ القانون، هؤلاء الذين يقومون بعملهم على أفضل وجه عندما يكون هناك المزيد من التعاون بينهم وبين المجتمع».
Leave a Reply