مخاوف من اتساع نطاق التمييز ضد العرب والمسلمين في أميركا
واشنطن، ديترويت – «صدى الوطن»
عاد الجدل مجدداً إلى الأوساط الحقوقية والمدنية في الولايات المتحدة، مع إقرار مسؤولين في وزارة الأمن الداخلي الأميركية بتشارك الأسماء المدرجة على «قائمة مراقبة الإرهاب» مع أكثر من 1440 جهة غير حكومية.
وبينما تصرّ السلطات الفدرالية على أن القائمة –السالفة الذكر– ضرورية لحماية الأمن القومي الأميركي، إلا أن العديد من المنظمات الحقوقية تواصل تحدي الحكومة الأميركية قضائياً، بما فيها «الاتحاد الأميركي للحريات المدنية» ACLU و«مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية» CAIR و«الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ACRL.
نطاق أوسع من المتوقع
وكانت وكالة «أسوشتيد برس» قد كشفت في تقرير نشرته في شباط (فبراير) الماضي، بأن الحكومة الفدرالية تشارك «قائمة مراقبة الإرهاب» مع 1441 جهة غير حكومية. وأضافت بأن نائب مدير «مركز مراقبة الإرهاب» TSC التابع لـ«مكتب التحقيقات الفدرالي» (أف بي آي) تيموثي غروه، أقرّ في بيان مكتوب: «إنه يمكن لـ1441 جهة خاصة، الوصول إلى قائمة المراقبة التي يشرف عليها المركز».
وتم الكشف عن تصريح غروه، في إطار دعوى قضائية جماعية أمام محكمة فدرالية بمدينة ألكساندريا بولاية فيرجينيا، رفعها مسلمون أميركيون قالوا بأن أسماءهم أُدرجت خطأ ضمن القائمة.
وفي السياق ذاته، كشف تقرير لصحيفة «ذا هيل» عن أنه من بين الجهات التي يمكنها الوصول إلى القائمة، جامعات خاصة ومسؤولون أمنيون في السجون والمستشفيات، إضافة إلى مجموعات أخرى، لافتاً إلى أنه «من أجل إمكانية الوصول إلى القائمة، يجب أن تكون الجهات مرتبطة بنظام العدالة الجنائية».
وبحسب «أسوشتيد برس» فإن الحكومة الفدرالية كانت قد رفضت في وقت سابق مشاركة القائمة مع الجهات غير الحكومية، في حين ذكرت صحيفة «ذا هيل» في تقريرها أن مركز مراقبة الإرهاب لا يتعامل مع شركاء من القطاع الخاص، وأن «قائمة مراقبة الإرهاب تعد معلومات حساسة لوكالات إنفاذ القانون، وهي غير متاحة للعموم».
وقال المحامي في منظمة «كير» غدير عباس: «لطالما اشتبهنا باطلاع جهات من القطاع الخاص على القائمة، ولكن لم يكن لدينا أدنى فكرة عن اتساع النطاق إلى هذا الحد الكبير».
وذكر عباس بأن القائمة تضم الكثير من الأسماء غير الصحيحة، وأنها «بالأساس عبارة عن مجموعة من المسلمين الأبرياء الذين لم يرتكبوا أية جرائم على الإطلاق»، ووصفها بـ«المَهمّة الغبية»، «لأنهم يحاولون التنبؤ –من بين الناس العاديين– بالأفراد الذين سيكونون إرهابيين، وهذا مستحيل».
قائمة معيبة
من ناحيته، قال رئيس مؤسسة «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» المحامي نبيه عياد، ورئيس مجلس إدارة مطارات مقاطعة وين: «لطالما واجهتنا، كحقوقيين مشكلة في هذه المسألة.. إنهم لا يبلغونك بأن اسمك مدرج على القائمة، كما أنهم لا يعطونك وسيلة للطعن»، مؤكداً أن المشمولين بالقائمة يتعرضون للمضايقات والتمييز وليس أمامهم سوى مقاضاة الحكومة الفدرالية، وهذا ما قام به عبر تقديم دعوى جماعية أمام القضاء الفدرالي نيابة عن عدد من المتضررين.
عياد أعرب لـ«صدى الوطن» عن مخاوفه بشأن كيفية استخدام القائمة ضد الأبرياء، مشيراً إلى أن الحقوقيين لطالما حذروا من الأثر البعيد لقائمة المراقبة هذه.
أضاف «بصفتي محامياً رفع دعاوى ضد قائمتي مراقبة الإرهاب وحظر السفر جواً، كان لدي قلق من أن الحكومة قد تتعمد تسريب المعلومات إلى وكالات خاصة»، مشيراً إلى أن لهذا الأمر «تأثير بالغ الضرر على المدرجين ضمن القائمة بشكل غير قانوني».
ووصف عياد، القائمة بـ«المعيبة» وبأنها تشكل سابقة في انتهاك حقوق الأفراد، مؤكداً على أهمية «تحديها وإيقافها قانونياً».
وتابع «إنها تمييزية، بمعنى ما، لأن معظمها من المسلمين الأميركيين»، مضيفاً: «لا شيء أكثر إيذاءً من وصف شخص ما بالإرهابي الذي يحاول إلحاق الأذى بالولايات المتحدة».
وشدد على أن الحكومة الفدرالية يجب أن تكون شفافة بشأن آلية إدراج الأسماء ضمن القائمة، والإجراءات الواجبة لإزالتها.
وبحسب الموقع الإلكتروني لـ«الاتحاد الأميركي للحريات المدنية»، فإن «قائمة مراقبة الإرهاب» تضم أكثر من مليون اسم، وقد نمت بآلاف الأسماء شهرياً، منذ آذار (مارس) 2008.
وينتقد الاتحاد الحقوقي، القائمة لكونها «توقع بالمسافرين الأبرياء، ولأنها تشتت الانتباه والموارد عن مهمة تحديد الإرهابيين الحقيقيين والقبض عليهم».
تجارب عربية أميركية
وفي برنامجه الإذاعي الأسبوعي «أسامة سبلاني شو»، الذي يبث عبر أثير 910 AM كل يوم سبت بين الساعتين (8–10) مساء، تطرق ناشر «صدى الوطن» إلى معاناة آلاف العرب الأميركيين في منطقة مترو ديترويت، الذين وجدوا أسماءهم فجأة على القائمة دون معرفة الأسباب.
وتحدث رئيس «الرابطة العربية الأميركية للحقوق المدنية» ناصر بيضون عبر الأثير عن تجربته الشخصية المريرة، وما عاناه لسنوات، من إدراج اسمه ضمن القائمة، ما دفعه أخيراً إلى رفع دعوى قضائية ضد الحكومة الفدرالية.
وقال: «لقد أزالت الحكومة الفدرالية اسمي من القائمة، ولكننا واصلنا رفع الدعوى لأنها أكبر بكثير من مجرد مسألة شخصية». وبعد أخذ ورد، خسر بيضون الدعوى التي انتهى بها المطاف في محكمة الاستئناف الفدرالية السادسة في سينسيناتي (أوهايو).
أضاف: يتعرض المسافرون مراراً وتكراراً لفترات طويلة من الانتظار في المطارات، حيث يضطر الموظفون المعنيون إلى الاتصال بواشنطن من أجل التحقق من «سلامة» موقف كل مسافر، مشيراً إلى أنه «يتم تصوير الوثائق وبطاقات الائتمان الأوراق وتحميلها إلكترونياً، إضافة إلى إجراءات أخرى».
من جانبه، وصف مساعد القاضي في محكمة ديربورن، المحامي هلال فرحات، إجراءات إزالة الاسم من القائمة بـ«المعقدة للغاية، والمهينة والمرهقة».
فرحات، الذي يرأس حالياً لقاء «بريدجز» الذي أنشئ بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 لتقريب وجهات النظر بين السلطات الفدرالية والمجتمعات العربية والإسلامية في منطقة ديترويت الكبرى، تحدث عبر البرنامج عما يراه في المطارات من تحرش ومضايقة للمسافرين القادمين من الشرق الأوسط. وقال: «لقد عدت مؤخراً من رحلة، وكان الكثير من الناس عائدين من الشرق الأوسط. الشعور الذي ينتابك وأنت عائد إلى وطنك.. وحولك حراس مسلحون ببنادق «أم 16» أو غيرها من الأسلحة الأخرى، والكلاب البوليسية في جميع أنحاء المكان.. حينها أنت لا تشعر بأنه غير مرحب بك وحسب، بل تشعر بالعداء الشديد تجاهك أيضاً».
القائمة.. تفتقر إلى الحس السليم
وأورد فرحات قصة اختبرها بنفسه، حول إضافة ابن أحد زملائه إلى القائمة، وهو طفل لا يتجاوز –حينها– السنتين من العمر. وأفاد بأنه لدى عودة العائلة من قضاء عطلة في جزر الباهاماس، أجبر الوالدان على الإجابة عن أسئلة أحد عملاء «مركز مراقبة الإرهاب»، حول ما إذا كان الطفل متورطاً في إحدى المجموعات الإرهابية أو يمدها بالأموال!! لافتاً إلى سخافة الموقف وغرابته. وقال «هل يعقل هذا؟ إنه أمر سخيف للغاية». وتابع: «من الواضح أن هذه القائمة تفتقر إلى الحس السليم».
وتعليقاً على مشاركة القائمة مع جهات في القطاع الخاص، أبدى السبلاني قلقه من تعرض العرب والمسلمين الأميركيين، وغيرهم من المواطنين المدرجين على القائمة، إلى معاملة تمييزية غير عادلة.
وأشار في هذا الصدد، إلى إغلاق الحسابات البنكية للعديد من أبناء الجالية العربية بمنطقة ديترويت، بدون سابق إنذار. وقال: «الكثير من الحسابات البنكية أغلقت بدون إخطار أصحابها»، لافتاً إلى أن هذه البنوك ربما تتشارك القائمة مع الحكومة الفدرالية.
حسين، أحد المتصلين، أكد فشله في إزالة اسمه من القائمة، رغم عمله على هذه القضية بمساعدة محاميه منذ العام 2010، لافتاً إلى أن زوجته حرمت مرتين من حق نيل الجنسية الأميركية. وأفاد بأنه أجبر على الانتظار لست ساعات في أحد المطارات، حيث طلب منه الإجابة على أسئلة تتعلق بدينه، وفيما إذا كان يعرف إرهابيين.
وقارن السبلاني بين ما يتعرض له العرب والمسلمون عند السفر جواً أو عبر المنافذ الحدودية، بما يتعرض له الأفارقة الأميركيون عندما يقودون سياراتهم في الضواحي الراقية، مؤكداً أنهم يعرفون بأنهم على الأرجح سيتعرضون للتوقيف والمضايقة.
Leave a Reply